في آخر آب تستيقظ جزيرة ليدو، اشبينة جزيرة البندقية عروسة الأدرياتيكي وتحاول خطف الأنظار محتفيةً بمهرجان البندقية للأفلام، السنة وفِي دورته ال٧٦ تتنافس المخرجة هيفاء منصور، بفيلمها "المرشحة المثالية" (السعودية، ٢٠١٩) على جائزة أسد البندقية المجنّح الذهبي، من ضمن عروض مسابقة مهرجان البندقية وكان اول عرض عالمي لفيلمها في ثاني ايّام المهرجان. 

المنصور وتعتبر اول امرأة مخرجة سعودية وقد قامت بإخراج ثمانية افلام من أشهرها فيلم "وجدة" (السعودية، ٢٠١٢) والحاصل على عدة جوائز من ضمنها جائزة مهرجان البندقية بدورته ال ٦٩. تخص المنصور افلامها لمواضيع تتعلق بالمرأة بشكل عام والمرأة السعودية على الأخص منتقدة واقعها، مما جعلها محطّا للنقد والإشكاليات. في "المرشحة المثالية" تصور المنصور التغييرات في المجتمع السعودي في كل ما يخص مكانة المرأة وتوجهات المجتمع السعودي للمرأة، والنظرة المحدودة والمهمشة لها، بدون تفرقة ان كانت مطربة أعراس، طبيبة او مرشحة بالانتخابات المحلية تدفعها مسؤولية مجتمعية او رغبة اصلية للإصلاح وفِي كل الأحوال تبقى بنظر أفراد المجتمع، نساءًا قبل الرجال " حريم" يجدر بها التصرف حسب قوالب مجتمعية تقليدية وبالية.
‎تدور حبكة الفيلم في السعودية وتم تصويره بأكمله في السعودية، الفيلم من تمثيل ميلا الزهراني، ونورا العواض، وضاحي الهلالي، وهو بتمويل ألماني - سعودي وأول فيلم يحوز على تمويل المجلس السعودي للأفلام.
‎تبدأ مجريات الفيلم بمقطع يصور بطلته الطبيبة وهي تقود سيارتها، وتمثل المنصور بهذا الفيلم التغيير الذي حدث في السعودية في السنوات الأخيرة.
تصور المنصور واقع المرأة في السعودية من منظور بطلته الطبيبة وواقع عملها في عيادة مدينة سكنها والصدفة التي أوصلتها للترشح لانتخابات البلدية. تصور المنصور علاقة الطبيبة مع عائلتها الداعمة، وعلى الأخص والدها مصرحا انه لن يقف بطريق بناته، تاركا للطبيبة حيزًا من الاستقلالية والمسؤولية لتتخذ قراراتها وتجد الحلول للعقبات لوحدها، بجرأة وعنادة، لولاها لما حصل التغيير المنشود.
يبدأ الفيلم بتصوير الطريق الموحل الى عمل الطبيبة وكما الصعوبات في الوصول الى مكان العمل، كذلك طريقها المهنية موحلة حيث يرفض المرضى علاجها لهم لكونها امرأة محرمة عليهم واذا ارادت السفر والتطور مهنيًا تصدها القوانين التي تحدد حرية تنقلها بموافقة ولي أمرها.
تتغير شخصية البطلة مع تقدم احداث الفيلم، لتمتلك الجرأة الكافية لتنزع نقابها، تكشف عن وجهها بمحضر من الرجال، لتحادثهم وجه لوجه، محاولة إقناعهم بجدارتها كمرشحة وتسمع صوتها عاليًا بعد ان حاولوا تجاهله، محاولة إثبات مكانتها في المجتمع وكونها قديرة لتترشح للعمل السياسي في بلدتها.
بطلة هيفاء المنصور، لم تفوز بالانتخابات ولكن وبالرغم عن ذلك وبخوضها المعركة الانتخابية وبعد ان اثبتت مكانتها بقدر كبير من العنادة، الشجاعة واللامبالاة لأقوال الغير، انجزت التغيير المنشود وتستحق ان تفوز بالمنصب الذي ترشحت له.
بعض محادثات الفيلم وأحداثه نمطية ومباشرة الى حد يحط من سلاسة الحبكة، ولا بد من التساؤل الى اَي جمهور موجه الفيلم وبعض مجرياته جليّة للمشاهد السعودي والعربي, وتلح حتميّة السؤالين اذا كانت رسالة المنصور موجهه الى جمهور المهرجانات العالمية، كمهرجان البندقية الذي يتوق دومًا الى افلام تطلعه على واقع المرأة العربية بشكل عام والسعودية بشكل خاص ونضالها لتغيير مكانتها في المجتمع، أم إذا كان الفيلم موجهه لجمهور محلي من السعوديين خاصة ومن أبناء الوطن العربي عامة كأداة فنيّة ثورية تضاف لطرق وأساليب التغيير المجتمعي.
من غير الممكن عدم التطرق للشريط الصوتي المرافق للفيلم، والمغنية النوبية المتألقة.... لما يحمل من نبذة عن ثقافة السعودية الموسيقية.
في نهاية العرض العالمي الاول للفيلم في مهرجان البندقية، دمعت هيفاء المنصور وزغردت فرحًا، وفِي الأيام القريبة المقبلة ربما سوف تزغرد المنصور مجددًا فرحًا لفوزها بأسد مهرجان البندقية الذهبي!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]