كتبت سينتيا عواد في "الجمهورية": إذا كان أهلكم يطلبون منكم باستمرار تناول الجزر عندما كنتم أصغر سنّاً بما أنه مُفيد لعيونكم، إعلموا إذاً أنهم على صواب! في الواقع، إنها نسخة مبسّطة عن فوائد الفيتامين A الذي يمكن أن يقدّم لأجسامكم أكثر من مجرّد مساعدتكم على تحسين الرؤية ليلاً.
يتمّ غالباً تجاهل الفيتامين A لأنّ معظم الأشخاص يشكون نادراً من نقص فيه، إستناداً إلى "Office of Dietary Supplements"، مع العلم أنه يدعم صحّة الجهاز المناعي، والإنجاب، والرؤية، والنمو. وأفضل جزء متعلّق به أنه يمكن الحصول على كل الجرعة المطلوبة من الغذاء، رغم توافره أيضاً على شكل مكملات.

ما هو الفيتامين A؟

شرحت اختصاصية التغذية ساره بفلوغرادت، من الولايات المتحدة الأميركية، أنّ الفيتامين A ينتمي إلى فئة تُعرف بالفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون.

يعني ذلك، وفق مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أنه يمكن تخزين فقط كميات ضئيلة من هذا الفيتامين في الجسم، وأنّ المطلوب استهلاك الدهون للتمكن من امتصاصه.

وفي حين أنه من المهمّ تأمين جرعة يومية منه، إلّا أنه يبقى لفترة أطول مقارنةً بالفيتامين القابل للذوبان في المياه، كالفيتامين C مثلاً، الذي لا يُخزّن في الجسم.

ولا شكّ في أنّ الفيتامين A مُفيد للنظر، وخصوصاً الرؤية الليلية، بحسب "Harvard Health Publishing"، فضلاً عن أنه مهمّ تحديداً لنمو العظام خلال مرحلة الطفولة، والإنجاب، والحفاظ على مناعة قويّة.

مصادره

يأتي الفيتامين A بأشكال عدة في الغذاء، بما فيها الفيتامين A النقِي، أي الموجود طبيعياً في الأطعمة الحيوانية الغنية بالدهون، كالحليب الكامل الدسم، والبيض، والزبدة، والسمك الدهني. بالإضافة إلى ما يُعرف بالـ"Carotenoids"، والتي يقوم الجسم بتحويلها إلى الفيتامين A. ولعلّ أكثر أنواع الكاروتينويد المعروفة هي الـ«بيتا - كاروتين»، المتوافرة تحديداً في المنتجات الطبيعية البرتقالية والخضراء الداكنة اللون، مثل الجزر والبطاطا الحلوة والفلفل والشمّام والبروكلي والسبانخ. كذلك توجد كاروتينويد أخرى، كالـ"Lutein" والـ"Lycopene"، اللتين لا يتمّ تحويلهما إلى الفيتامين A، ولكنهما تتمتعان بقيمة غذائية عالية.

ولعلّ أبرز الأسباب التي تجعل الأشخاص قلّما يعانون نقصاً في الفيتامين A، هو إضافته على نطاق واسع إلى مشتقات الحليب القليلة والخالية من الدسم، والأشكال النباتية الأخرى للحليب، وبعض الحبوب. واستناداً إلى منظمة الصحة العالمية، فإنّ تناول المأكولات المدعّمة بالفيتامين A يساهم في تحسين مستويات هذا العنصر الغذائي.

نتائج آخر الأبحاث العلمية

إعتُقد منذ القِدم أنّ المأكولات التي تحتوي على الـ"بيتا - كاروتين" أو الفيتامين A تُعدّ بمثابة واق طبيعي من الشمس، لكنّ هذا لا يعني أنه يجب التخلّي عن تطبيق المنتجات الواقية من الشمس، غير أنّ الحصول على جرعة جيّدة من الفيتامين A قد رُبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الخلايا الحرشفية الجلدي، وفق دراسة صدرت في تموز 2019 في "Journal of the American Medical Association Dermatology". لكنّ هذا البحث لم يجد الرابط ذاته عند استهلاك مكملات الفيتامين A، ما يعني أنّ الوقت قد حان للتوجه إلى السوبر ماركت وشراء مصادره الطبيعية.

من جهة أخرى، هناك نتيجة واعدة عن الفيتامين A والوزن. اقترحت مُراجعة نُشرت في نيسان 2019 في مجلّة «Nutrients» أنه، وفي دراسات أُجريَت على الحيوانات والخلايا، فإنّ الـ»بيتا - كاروتين» قد تؤثر في الخلايا الدهنية بطرق تساعد على الوقاية من البدانة.

أمّا الطريقة المستخدمة من قِبل الفيتامين A والكاروتينويد للمساعدة على دعم الجهاز المناعي، فهي لا تزال غامضة نوعاً ما. تمّ تحليل قدرات الفيتامين A على الوقاية من الحصبة، ومعالجة السلّ، وتقوية الاستجابة المناعية بشكل عام. ووجَدت مُراجعة صدرت في أيلول 2018 في "Journal of Clinical Medicine" أنّ الفيتامين A قد يؤدي دوراً في علاج أمراض الجهازين الهضمي والتنفسي عند الأولاد خصوصاً.

إنعكاسات كثرة الفيتامين A وقلّته

بحسب منظمة الصحّة العالمية، فإنّ الفيتامين A يُعتبر السبب الرئيس للعمى الذي يمكن الوقاية منه عند الأولاد في البلدان النامية. ومن بين الأعراض المُبكرة لقلّة الفيتامين A نجد العمى الليلي، والإسهال، والأنيميا. وفي حال معاناة مشكلة تعوق الامتصاص السليم للدهون، مثل التليّف الكيسي أو داء كرون، فهناك احتمال كبير للإصابة بنقص الفيتامين A.

وعلى صعيد آخر، من النادر التعرّض للمبالغة في الـ«بيتا - كاروتين» من المأكولات. غير أنّ كثرة هذه المادة قد تمنح البشرة توهّجاً برتقالي اللون يختفي عند التوقف عن الإفراط في كميات مصادر الـ"بيتا - كاروتين".

وفي ما يخصّ الفيتامين A الصناعي، فإنّ كثرته قد تسبب الحمّى، والتعب، والأنيميا، والتورم، وأوجاع المفاصل، وتساقط الشعر، والغثيان، والتقيؤ، والإسهال، والدوخة، وارتفاع الضغط على الدماغ، ومشكلات جلدية. لذلك، وقبل الاستعانة بأي مكمّل غذائي أو رفع جرعة الفيتامين A في النظام الغذائي، لا بدّ أولاً من استشارة الطبيب.
المصدر: الجمهورية

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]