تفيد مؤشرات متنوعة ان احتمالات عودة نتنياهو لحكم إسرائيل أقل من احتمالات عودته تحت حكم سارة زوجته وبيد المواطنين العرب المساهمة بذلك. نعم المفتاح بيد المجتمع العربي أيضا وبوسعهم وقف مسيرة نتنياهو السياسية بحال شاركوا بنسبة تصويت كما في عام 2015 على الأقل( 65%). المتمعن بالحلبة الانتخابية في إسرائيل يرى ما تشي به كل استطلاعات الراي وهي باختلاف معطياتها تتفق على وجود حالة تعادل بين المعسكرين المتنافسين على سدة الحكم. كما تتفق على أن قوة " يسرائيل بيتنا " برئاسة ليبرمان ثابتة ولا تقل عن عشرة مقاعد مما يمكنه من تحقيق حلمه بالإطاحة بنتنياهو. بخلاف ما يقول ليبرمان اليوم، سيوصي بنهاية المطاف أمام رئيس الدولة على بيني غانتس وسيجد الذرائع الكافية لتبرير تنصله من موقفه المعلن الداعم لحكومة وحدة قومية طمعا بالانتقام الشخصي من نتنياهو.
يزداد ليبرمان ثقة وقوة منذ الربيع الفائت بعدما نجح باستعادة مصوتين روس وأوكرانيين من " الليكود " أرعبهم تصاعد دعوات تحويل إسرائيل لدولة شريعة يهودية وأبرزها صدرت عن سموطرتش ويبحثون عن درع علماني يقيهم الاضطهاد الديني. يدرك نتنياهو جيدا ذلك ويستشعر كل يوم بجمر الخسارة تحت الرماد الانتخابي لاسيما أن فضائح فساده وزوجته وبعض وزرائه قد نالت بتراكمها من شعبيته وهيبته وبريقه واحتمالات حظوظه.
هذه التطورات والاستطلاعات دفعته لزيارة انتخابية مغلفة بالدبلوماسية لأوكرانيا طمعا بأصوات الأوكرانيين والروس لكن دون جدوى إذ لم يعد للبلاد بـ " راس كليب" انتخابي.
يعلم نتنياهو أن المعركة على الصوت وربما يكون مقعد واحد هو الفارق بين بقائه رئيسا للحكومة وبين ذهابه وسارة لقيسارية بعيدا عن الحكم. لكن مثل هذا السيناريو الواقعي يحتاج لما هو أبعد من ليبرمان متمرد وقوي ومع عشرة لاعبين. الحسم بنهاية المطاف هو نتيجة ما تثمره الانتخابات من اصطفافات الكتل. وهنا تكمن فرصة نادرة للمواطنين العرب للثأر من نتنياهو الذي يعمل على شيطنتهم ونزع شرعيتهم منذ انتخاباته الأولى في 1996 يوم أطلق حملته " نتنياهو جيد لليهود " واليوم عاد مجددا للتحريض إياه تحت عنوان " بيبي أو طيبي" . نتنياهو اليوم هو أكثر المسؤولين الإسرائيليين خطورة وسوء وعملية المساهمة في إسقاطه مكسب سياسي معنوي وعيوي مهم للمجتمع العربي.
بسقوطه تصبح صفقة القرن محاطة بألف علامة سؤال. هذا علاوة على درء مفاسد أبرزها تشكيل حكومة فاشية متطرفة قوميا ودينيا تزرع البلاد تهويدا وعنصرية تسد الأفق ربما بهدف إدراج المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل بعد فترة ضمن مخطط نتنياهو للترحيل " عن حب ورضا " المعد الآن لـ غزة. إن إحراز المشتركة 13/14 مقعدا في ظل حالة التعادل داخل الساحة الإسرائيلية من شأنها وفق احتمالات عالية خلق فرصة لـ " كتلة مانعة " جديدة على غرار1992 مقابل حلول لمشاكل ملحة كـ مسطحات البناء وهدم المنازل ومكافحة العنف وميزانيات الحكم المحلي وغيرها من الحقوق. ناهيك عن المفاعيل السياسية والنفسية لمثل هذا الأداء على وعي المجتمع العربي كجماعة وعلى مكانتهم وهيبتهم بعيون أنفسهم وعيون العالم. بكل الأحوال سيكون حضور العرب في الكنيست أكبر من محاولة تجاهلهم كما حصل حتى الآن.
هذا ممكن إن نظر المجتمع العربي للأهم واستكان لمقولة إن هناك مّر وهناك أمّر وإن ترك صفحة تخاصم الأحزاب العربية من وراء ظهره لاسيما أن الامور بخواتيمها وقد ولدت المشتركة بنهاية المخاض.
هل يلتقط المجتمع العربي فرصة قد تنقله لسكة سياسية مغايرة تماما تقربه من حقوقه أو على الأقل تعزز مكانته،صورته،قوته وثقته بنفسه أم نبقى عالقين بدفاتر الماضي حساباته وبغضبه وعتبه المبررين ؟
[email protected]
أضف تعليق