القائمة المشتركة لانتخابات الكنيست القريبة والتي عرضت من قبل لجنة الوفاق قوبلت بترحيب من قبل بعض الاحزاب وبانتقاد او معارضة من قبل البعض الاخر. حسب معرفتي، كان هناك اتفاق مسبق بان القائمة يجب ان تبنى على اساس الانتخابات السابقة ومع ذلك فالقائمة بالتالي لم تكن مقبولة على الجميع حيث ان بعض الاحزاب عبرت بصدق عن شعورها بعدم الانصاف. عودة العربيه للتغيير والتجمع الى قرار لجنة الوفاق، رغم شعورهم بعدم الانصاف، هو ايجابي وعساه ان يسهم في اعادة الوحدة والثقة بين الاحزاب والجماهير وهذا ما هو ضروري.
على أي حال, كل ذلك يثير اسئلة عن الاشكالية في هذا الموضوع وعن الالية التي اعتمدتها لجنة الوفاق وبالتالي عن "منطقية" هذه القائمة، مع صعوبة التعريف. الالية ربما لم تتضح للجمهور وللاحزاب، وتوضيحها كان مطلبا مشروعا وضروريا، حزبيا وجماهيريا. التحليل البسيط التالي يظهر بانه كان بامكان لجنة الوفاق عرض الية منطقية واضحة تفسر قائمتها، ولربما اعتمدتها فعلا، حتى وان تكن معرضة للنقد من قبل البعض.
الاشكالية في اقتراح قائمة منصفة يتفق عليها الجميع ليست محصورة على هذه القضية بالذات وانما هي تبرز في الكثير من قضايا التقسيم او التوزيع وخاصة عند تقسيم ما لا يمكنه التجزئة مثل توزيع عدد ثابت من المقاعد على عدد من الاحزاب (بدون تناوب او قرعه), فالمقاعد غير قابلة للتجزئة، بينما الانتخابات تنتج عمومًا بواقي كسرية. قضية التوزيع والتمثيل الانتخابي المنصف معروفة وقديمة في العالم وهنالك الكثير من طرق التوزيع المعروفة، ابسطها طريقة الباقي الاكبر، وعلماء في مجالات مختلفة كالاقتصاد النظري والرياضيات والعلوم السياسية وفي السنوات الاخيرة علم الحاسوب بشكل بارز، درسوا هذه الطرق لاكتشاف الخصائص المرغوبة (كالانصاف وغيرها) التي تميز كل واحدة منها وبشكل عام يمكن القول بانه لا توجد طريقة تفي بجميع الخصائص والمتطلبات وفعليا نلاحظ استعمال طرق مختلفة في هيئات ودول مختلفة.
فيما يتعلق بقائمة لجنة الوفاق فالاستنتاج بالتالي هو ان لجنة الوفاق ربما وان كانت قد اتبعت طريقة الباقي الاكبر في توزيع المقاعد فيمكنها الادعاء بان قائمتها منطقية ليس اقل من أي قائمة بديلة اخرى، مع بعض التحفظ بالنسبة للمقاعد 15-16. التحليل التالي وهو وجهة نظر شخصية، يحاول كشف الية، من الممكن ان تكون لجنة الوفاق قد اعتمدتها، فيتطرق اولا الى كيفية اعتماد نتائج الانتخابات السابقة وثانيا الى قضية التوزيع والترتيب عند اعتماد طريقة الباقي الاكبر.
في الانتخابات السابقة، الجبهه والتغيير خاضتا الانتخابات بقائمة واحده بترتيب معروف حصلت على 193442 صوتا والاسلاميه والتجمع بقائمة واحده (الموحده والتجمع) بترتيب معروف حصلت على 143666 صوتا، هذا يعني ان حصة الجبهه والتغيير النسبية هي 57.3828% وان حصة الاسلاميه والتجمع هي 42.6172%.
هناك قاعدتان اساسيتان ممكنتان لاستخدام نتائج الانتخابات السابقة: الاولى توزيع المقاعد في القائمة المشتركة الجديدة قبل الفصل بين مركبات كل قائمة والثانية هي توزيع المقاعد بعد الفصل بين المركبات. هناك ربما امكانيات اخرى تدمج بينهما ولكنها غير واضحة ضمنا. بما ان القائمة الناتجة عن كل واحدة من القاعدتين هي مختلفة بشكل بارز وان الحسم في اختيار القاعدة لترتيب القائمة ليس سهلا ولا يمكن الاجماع فيه، لذا كان على لجنة الوفاق حسم هذا الامر وهذا ربما هو مشروع حسب التفويض الذي حصلت عليه من الاحزاب. يبدو ان لجنة الوفاق اعتمدت القاعدة الثانية، مع الاخذ بالحسبان الترتيب الداخلي في الانتخابات السابقة في حالة التساوي، ولكن من الطبيعي ان أي حسم ممكن كان سيجر الانتقاد من قبل البعض، فالاحزاب والاطراف الاخرى لها مصالحها وتصوراتها.
اللائحة التالية تعرض الحصص المتوقعة حسب القاعدة الاولى للمقاعد 11-16 (حيث ان هناك اتفاق عام على المقاعد 1-10):
الجبهه والتغيير الاسلاميه والتجمع
عدد المقاعد المتوقعه للمشتركه الحصه المتوقعه* عدد المقاعد حسب لجنة الوفاق الحصه المتوقعه* عدد المقاعد حسب لجنة الوفاق
11 6.31 6 4.69 5
12 6.89 7 5.11 5
13 7.46 7 5.54 6
14 8.03 8 5.97 6
15 8.61 8 6.39 7
16 9.18 9 6.82 7
* الحصه المتوقعه هي عدد المقاعد المتوقع حسب الحصه النسبيه لكل قائمه من عدد الاصوات الاجمالي
اللائحة تبين، مثلا بالنسبة لقائمة الجبهه والتغيير، بانه في حال حصلت المشتركة على 11 مقعدا فان عدد مقاعدها حسب لجنة الوفاق هو اقل من حصتها، لكن في حال حصلت المشتركة على 12 مقعدا فان عدد مقاعدها مشابه او اكثر بقليل من حصتها، وفي حال حصلت المشتركة على 13 مقعدا فان عدد مقاعدها اقل من حصتها لكن في حال حصلت المشتركة على 14 مقعدا فان عدد مقاعدها مشابه تماما لحصتها. اما ترتيب القائمة المتوقعة (في الاماكن 11-16) حسب هذه القاعدة باعتماد طريقة الباقي الاكبر والترتيب المعروف داخل القوائم في الانتخابات السابقة فهو كالتالي:
رقم المقعد الترتيب المتوقع
11 الاسلاميه*
12 التغيير**
13 التجمع
14 الجبهه
15 التغيير
16 الاسلاميه
* الخامس في الترتيب السابق للاسلاميه والتجمع في الانتخابات السابقه
** السابع في الترتيب السابق للجبهه والتغيير في الانتخابات السابقه

بالنسبة للقاعدة الثانية وهي توزيع المقاعد بعد الفصل بين مركبات القوائم، فهنا يجب حساب الحصة النسبية لكل حزب على انفراد طبقا لنتائج الانتخابات السابقة. حصة الجبهه تساوي (ربما على الاكثر) ثلثي حصة الجبهه والعربيه للتغيير، أي 38.225% من مجمل الاصوات والعربيه للتغيير حصتها تساوي (ربما على الاقل) ثلث حصة الجبهه والعربيه للتغيير، أي 19.128% والاسلاميه حصتها (ربما على الاقل) تساوي نصف حصة الاسلاميه والتجمع، أي 21.309% والتجمع حصته (ربما على الاكثر) تساوي نصف حصة الاسلاميه والتجمع، أي 21.309%. المصطلحات "على الاقل" و"على الاكثر" تعبر عن وضع ترتيب المقاعد للحزب في القائمة في الانتخابات السابقة وعلى أي حال، سنعتبر هذه النسب كما هي لصعوبة التقييم.
اللائحة التالية تعرض الحصص المتوقعة من المقاعد طبقا للقاعدة الثانية حسب هذه الحصص النسبية:
الجبهه التجمع الاسلاميه العربيه للتتغيير
عدد مقاعد المشتركه الحصه المتوقعه* عدد المقاعد حسب لجنة الوفاق الحصه المتوقعه* عدد المقاعد حسب لجنة الوفاق الحصه المتوقعه*

عدد المقاعد حسب لجنة الوفاق الحصه المتوقعه* عدد المقاعد حسب لجنة الوفاق
11 4.21 4 2.34 2 2.34 3 2.10 2
12 4.59 5 2.56 2 2.56 3 2.30 2
13 4.97 5 2.77 3 2.77 3 2.49 2
14 5.36 5 2.98 3 2.98 3 2.68 3
15 5.74 5 3.20 3 3.20 4 2.87 3
16 6.12 6 3.41 3 3.41 4 3.06 3
* الحصه المتوقعه هي عدد المقاعد المتوقع حسب الحصه النسبيه لكل حزب من عدد الاصوات الاجمالي

اللائحة تظهر بالنسبة للجبهه، انه في حال حصلت المشتركة على 11 مقعدا فان عدد مقاعدها حسب لجنة الوفاق هو اقل من حصتها، لكن في حال حصلت المشتركة على 12 مقعدا فان عدد مقاعدها اكثر بقليل من حصتها، وفي حال حصلت المشتركة على 13 مقعدا فان عدد مقاعدها مشابه تماما لحصتها لكن في حال حصلت المشتركة على 14-16 مقعدا فان عدد مقاعدها اقل من حصتها. بالنسبة للتجمع، ففي حال حصلت المشتركة على 11-12 مقعدا فان عدد مقاعدها حسب لجنة الوفاق هو اقل من حصتها، لكن في حال حصلت المشتركة على 13 مقعدا فان عدد مقاعدها اكثر بقليل من حصتها لكن في حال حصلت المشتركة على 14 مقعدا فان عدد مقاعدها مشابه تماما لحصتها، لكن في حال حصلت المشتركة على 15-16 مقعدا فان عدد مقاعدها اقل من حصتها. بالنسبة للاسلاميه، ففي جميع الاحوال عدد مقاعدها حسب لجنة الوفاق هو اكثر من حصتها او مشابه تماما في حال حصلت المشتركة على 14 مقعدا. بالنسبة للعربيه للتغيير، ففي حال حصلت المشتركة على 11-13 فان عدد مقاعدها حسب لجنة الوفاق هو اقل من حصتها لكن في حال حصلت المشتركة على 14-16 مقعدا فان عدد مقاعدها اكثر بقليل من حصتها او مشابه تماما لحصتها.
نلاحط ايضا ان الاسلاميه والتجمع يتنافسان بقوة متساويه على المقعد 11 بنفس الباقي الاكبر وبفرق قليل عن الجبهه، وان الجبهه واحدى الاثنتين، الاسلاميه والتجمع، تتنافسان بشكل قوي جدا على المقعد 12 بباق اكبر بقليل جدا للجبهه.


على ذلك، فان الترتيب الاولي للقائمة المتوقعة (في الاماكن 11-16) حسب هذه القاعدة وباعتماد طريقة الباقي الاكبر هو كالتالي:
رقم المقعد الترتيب المتوقع
11 الاسلاميه/التجمع
12 الجبهه
13 الاسلاميه/التجمع
14 التغيير
15 الجبهه
16 الاسلاميه/التجمع

هذا الترتيب يعني ان المقعد 11، حسب هذه القاعدة، هو من نصيب الاسلاميه او التجمع بشكل متساو والمقعد 12 هو من نصيب الجبهه والمقعد 13 من نصيب الاسلاميه او التجمع بشكل متساو والمقعد 14 هو من نصيب التغيير والمقعد 15 هو من نصيب الجبهه والمقعد 16 هو من نصيب الجبهه هو من نصيب الاسلاميه او التجمع بشكل متساو.
ونحن في حال لزوم الحسم ما بين الاسلاميه والتجمع، لعدم وجود امكانية التناوب، فلجنة الوفاق ربما اعتبرت بان الكفة ترجح قليلا لصالح الاسلاميه لان ترتيب القائمة في الانتخابات السابقة يرجح لصالحها. على ذلك، فان الترتيب للقائمة المتوقعة في الاماكن 11-16 حسب هذه القاعدة، وباعتماد طريقة الباقي الاكبر، سيكون كالتالي وهو مشابه لترتيب لجنة الوفاق مع اختلاف في الاماكن 15-16:
رقم المقعد الترتيب المتوقع
11 الاسلاميه
12 الجبهه
13 التجمع
14 التغيير
15 الجبهه
16 الاسلاميه

خلاصة القول هي ان المقعد 11 هو من نصيب الاسلاميه او التجمع مع ترجيح للاسلاميه في حالة وجوب الحسم لعدم وجود امكانية للتناوب. في حال حصلت المشتركة على 12 مقعدا فمن الواضح ان التجمع والعربيه للتغيير ستحصلان حسب لجنة الوفاق على اقل من حصتها وهذا مما قد يسبب لهما الشعور بعدم الانصاف، ولكن اي ترتيب اخر، مثلا التجمع في المكان 12 والجبهه في المكان 13، كان سيؤدي الى شعور حزب اخر بعدم انصاف ربما اكبر. لجنة الوفاق وان لم تكشف اليتها بشكل واضح، عرضت قائمة كان بامكانها الادعاء انها منطقية او منصفة حسب الانتخابات السابقة، ليس اقل من أي قائمة ممكنة اخرى، مع التحفظ البسيط المذكور سابقا. عودة على بدء، فان قرار العربيه للتغيير والتجمع بالعودة الى قرار لجنة الوفاق، رغم شعورهم بعدم الانصاف، هو ايجابي وعساه ان يسهم في اعادة الوحدة والثقة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]