ربما عنوان المقالة ليس منطقيا بل يزداد خروجا عن المنطق كلما تحسسنا حرارة فصل الصيف وخطورة المرحلة التي تعيشها قضيتنا وشعبنا الفلسطيني والتي تبعث القلق والتشاؤم في نفس كل حريص أو متابع للأوضاع التي نعيشها. ولا أخفي عليكم بأني وقد أعاني من هذا الشعور منذ مدة ليست بالبعيدة ... إلى أني بدأت منذ أكثر من شهر المشاركة في حفلات تخريج جامعاتنا الوطنية ومدارسنا المميزة لنحتفل بأبنائنا وبناتنا في غزة والخليل وبيت لحم والقدس ورام الله ونابلس وجنين وطولكرم وبيروت وهم يواجهون تحديات الحياة والمستقبل بالأمل والعزيمة والإصرار والعلم، ولنعشق من خلال ذلك روحهم الطاهرة وضجيجهم الرائع ونظراتهم الواعدة والحالمة بمستقبل مشرق لفلسطين الحاضرة قي قلب ووجدان كل واحد منهم.
لقد بدأت بالخروج عن المألوف في عنوان المقالة أعلاه وسأستمر في الخروج عن المألوف في كتاباتي المعهودة بتغليب المشاعر والعواطف على أي لغة أو نهج آخر فقد عشت يوم أمس ملحمة بطولية عظيمة نسجتها جامعة القدس المفتوحة بالشراكة مع هيئة شؤون الأسرى والمحررين في احتفال مهيب احتفى بتخريج الفوج الأول من برنامج تعليم الأسرى داخل سجون الاحتلال.
لقد كان حفلا خارجا عن كل ما هو طبيعي و بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حفلا يظهر بشكل صادق عنفوانية الشعب الفلسطيني، فقد تغلبت مشاعر الفرح وظغت على المرارة التي كانت حاضرة بغياب الخريجين لكونهم معتقلين ظلما داخل سجون الإحتلال وعلى رأسهم الاخ المناضل الدكتور مروان البرغوثي (ابو القسام)، لكونهم أصحاب حق وقضية وحرية ، لكونهم يدافعون عن السلامة والعدالة والقانون الدولي والإنساني، فأي ظلم يقبله العالم والبشرية وأي عظمة يسطرها الشعب الفلسطيني بهذا النمط من الاحتفال. لقد أسرتني الطفلة براء ابنة الأسير سامر سيف الدين عامر حين احتضنتني قبل ان احتضنها وقبلتني قبل ان اقبلها وكانت تجمع في تفاصيلها طفولة العالم بأسره. الطفلة براء وبكل براءتها المظلومة اسكنت في قلبي كل ما هو مميز وأبحرت معها للتفكير بمستقبل أطفال فلسطين وشبابها كيف لنا ان نضمن لهم المستقبل المشرق والسلام والحريّة والامان والحياة الكريمة. احتضنت براء وسرعان ما استذكرت وصف الشهيد ابو عمار لهذا الشعب بأنه شعب الجبارين ورهانه على قدرته بالنهوض دائما من كل نكباته ومآسيه
إنها عظمة الإرادة والعطاء والعزيمة والإصرار والأمل والحرية والإيمان وكل هذه المشاعر والقيم التي شعرنا بها قادمة من خلف القضبان رغم الحواجز والسلاسل والجدران وبعد المسافات، رأيناها في عيون امهات وآباء وزوجات الأسرى وهم يستلمون الشهادات نيابة عن أبنائهم وقد ملأتها الدموع الممزوجة بين الفرح والألم ولمسناها بابتسامات بنات وأبناء الأسرى الذين لبسوا قبعة التخرج مبكرا وعيونهم تطوق لحضنهم الدافئ رغم برودة السجن وظلم السجان.
لقد عشت مشاعر لا ولن تنسى وشاهدت مواقف تؤكد بأننا سنتتصر عاجلا أم أجلا، وبأن الشعب الفلسطيني لن يهزم حتى لو تآمر عليه الكون كله، نعم نحن في فصل الربيع، وستزهر فلسطين كل يوم بهمة أبنائها وعزيمة بناتها وأحلام اشبالها وزهراتها.
[email protected]
أضف تعليق