30.6.19
مقالة
بقلم: ميكي غيتسين، المدير العام لصندوق إسرائيل الجديد
تصوير: يناي يحئيل.
يصعب الّا نتفهم يسرائيل كوهين. شعور بالخيانة يلازم مقالته (مرفق بالتعليق الاول) التي يقوم برمي اللائمة على على أفيغدور ليبرمان، وهو الذي بيديه منع المتدينين الحريديم من الدخول الآمن الى ائتلاف اخر برئاسة بنيامين نتنياهو. الان، من وجهة نظر كوهين وجمهور المتدينين الحريديم، ليبرمان يزيد الطين بلة ويستعرض حملة انتخابات قوامها كراهية المتدينين الحريديم . " الحديث عن انسان أجوف، انتهازي منزوع الفكر، يمتطي الان كراهية المتدينين الحريديم"، كتب كوهين؛ "إن كان لديه فكر، فهو يتلخص بتعصب قومي يميني متطرف وكراهية للأقليات، العرب والمتدينين الحريديم ".
لا تصدقوا ليبرمان، كوهين يُحذر مصوتي اليسار، فهو ليس العنوان لجمهور المعسكر الديموقراطي الليبرالي.
بالطبع كوهين على حق. ليبرمان هو سياسي تهكمي أسس شعبيته على الكراهية، على التهجم وتحريض جمهور مؤيديه ضد مجموعات مختلفة في المجتمع الاسرائيلي -تارة العرب، تارة اليساريين، الان جاء دور المتدينين الحريديم. من وراء محاولة عرض نفسه كمن يكافح لأجل الجمهور العلماني لا يقف في حقيقة الامر شيء غير ذلك الخطاب العنيف المعروف. هذا بالطبع ليس بجديد -هذا هو نفسه ليبرمان الذي نادى بمقاطعة الجمهور العربي ونعت منظمات اليسار بالخونة. يجدر القول ان هذا كله لم يمنع حتى الان احزاب المتدينين الحريديم من الجلوس معه تقريبا بكل حكومة يمين. الكراهية هي نفسها تلك الكراهية، التهجم هو نفسه. الشيء الذي تغيّر هو ان المتدينين الحريديم وجدوا أنفسهم في الجانب الخطأ.
لسنوات طويلة ليبرمان تعاون مع قادة الجمهور المتدين الحريدي " كتب كوهين عن ازدواجية زعيم يسرائيل بيتينو . ولكن كحال التعاونات، رقصة التانغو تحتاج الى اثنين".
مع كل الاحترام للأزمة السياسية الراهنة وللصفعة المدويّة التي تلقَتها في الشهر الاخير الأحزاب المتدينة الحريديت - وليست هي لوحدها، ليبرمان ليس هو الحكاية . الحكاية هي هشاشة الجسم الذي يُسمى "كتلة اليمين- الحريديم" ، هجين يعتمد على انتهازية واقعية - سياسية وعلى تحالفات مؤقتة بين مجموعات سياسية يغلب فيها المتباين على المتوافق. مع ذلك أصبحت هذه الكتلة حقيقة صلبة لدرجة ان تم نسيان قُطَب التوصيل الغليظة مما جعل كل من له يد بالموضوع ينتحر ويحل الكنيست -وهذا كله من اجل الحفاظ على الكتلة. فكما يبدو ما الذي منع الأحزاب المتدينة الحريديت، وهي المعروفة بليونتها السياسية ، من ان تحاول إقامة حكومة بديلة بدل الجري الأعمى وراء نتنياهو ؟
مع او بدون ليبرمان، منذ سنوات اليمين يرتكز على خطاب تحريضي وفرق تسد، ويتطلع الى البقاء في السلطة الى الأبد عن طريق دمغ مجموعات بالمجتمع بالغير شرعية، بانها عدو وبأنها خائنة المتدينين الحريديم ، هم بالذات اكثر من غيرهم ، ينظرون الى أنفسهم كمختلفين ، كغرباء بالمجتمع وبالسياسة ، يجدر بهم ، هم اولا، ان ينتبهوا الى ذلك وان يستوعبوا انهم قد يكونون المستهدفين الآتين . ما عدا اتحاد احزاب اليمين "الحردلي" ( الحريدي القومي) ، الذي يؤسس برنامجه السياسي على ايمان بالتفوق العرقي اليهودي ، لن يتردد أي حزب يميني بالقيام بالتحريض ضد الحريديم بحال اقتضت الحاجة تبعاً للظروف السياسية . في إطار قوانين السياسة المبنية على المصالح التي يقوم الحريديم واليمين بتشجيعها، توجه كهذا هو تقريبا حتمي.
بدون اصوات الحريديم لم تكن لتتشكل حكومات اليمين، ويجوز ايضا لما كان وُجد اصلا التحريض العنيف ضد الجمهور العربي، وقد تحول الى قوانين تمييز. مصيرية كانت مساهمتهم لهذا الواقع. الذي يشكو اليوم من التحريض والعنصرية ضده عليه ان يُحاسب على تعاونه لسنوات مع العنصريين والمحرضين.
يجدر بالحريديم ان يقرروا فيما اذا كانوا يريدون حكومة يمين عنصرية قومية اخرى، التي تسجد لاسرائيل ذات وجه واحد ليس لهم فيها مكان وقد يجدون أنفسهم ضحايا -أو فيما ارادوا نقاشا حقيقيا حول الطريقة التي تقوم فيها السياسة بعكس حال وخدمة المجتمع الاسرائيلي، بألوانه وتعقيداته، حول دمج كل المجموعات المختلفة بالمجتمع، ونعم، حول الدين والدولة.
في حال جرى مثل هذا النقاش، قد يكتشف الحريديم ان معظم الاسرائيليين يرغبون بعيش حياتهم بطريقتهم، حتى لو لم تمر من الربّانوت (المؤسسة الدينية) سوف يكتشفون، ان معظم الاسرائيليين يرغبون بنفس القدر باحترام اختيارهم بأن يعيشوا حياتهم بحسب قناعاتهم. قد يكتشفون انه قد تكون شراكات فكرية مع مجموعات أقلية اخرى. شاهدنا بعض الأمثلة لشراكات كهذه بالكنيست السابقة: القوائم الحريديت كانت هي التي ساعدت على إسقاط قانون الآذان، الذي هدف الى المس الكبير بالسكان العرب في البلاد. اعضاء الكنيست العرب من جهتهم تجندوا لأجل الأحزاب الحريديت في نضالهم ضد قانون التجنيد.
إن قدرة مجموعات الأقلية التي تجد نفسها تداس تحت عجلات النظام - تارة تلك وتارة تلك - على التعاون مع بعض ، بالإمكان ويجب ان تكون نموذجا ، بمقياس صغير ، لسياسة من نوع اخر .
صدق كوهين عندما قال انه يجب الحذر من شعبوية ليبرمان، والذي فجأة تحول الى خيار جذاب للمصوتين العلمانيين. ولكن الدرس يجب ان يستنتجه الحريديم أنفسهم: الخيار البديل لتحريض ليبرمان واليمين ليس حكومة يمين اخرى، وليس المحافظة على كتبة اليمين - الحريديم . الخيار هو الإدراك انه ما دامت هنالك اجهزة تحريض ضد مجموعات أقلية، لن يكون أحد حصين منها.
[email protected]
أضف تعليق