تطرح الجولة الانتخابية البرلمانية المقبلة العديد من الأسئلة الملحة التي تبحث عن أجوبة، وقد استمعنا في الفترة الأخيرة الماضية إلى عدد من هذه الاسئلة، كما استمعنا إلى أجوبة عليها، ما استمعنا إليه من أجوبة انقسم إلى نوعين، أحدهما من أصحاب الشأن المعنيين والآخر من مثقفين ومهتمين و"مستقلين" أيضًا، بالنسبة لنا بالمجمل، نرى أنه كلما ازداد الاجتهاد في تقديم الأجوبة ازدادت احتمالات الفائدة المجتمعية المنشودة.
سأحاول فيما يلي أن أُقدم بعد تقديم الأسئلة المطروحة وغيرها من تلك المفترض طرحها أن أُقدم اجتهادي الشخصي في الإجابة واضعًا نصب عيني أمرين أراهما غاية في الأهمية، أحدهما نُشدان الحقيقة والآخر المصلحة المجتمعية للأهالي العرب في هذه البلاد.
*ماذا تقول لنا إعادة الانتخابات بعد فترة قصيرة من انتهاء جولتها الأولى الطاحنة وما احتوته من مناقشات ومشاحنات لا سيما في مجتمعنا العربي وابتداء جولتها الثانية بعد فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل الحكومة وبعدما أسفر عنه هذا الفشل من حل الكنيست لذاتها وإعادة الانتخابات؟
- لا شك في رأيي المتواضع في أن إعادة الانتخابات بعد فترة وجيزة من هوجتها الطاحنة السابقة القريبة إنما تمنح الإمكانية أمام الأحزاب العربية القائمة المشتركة تحديدًا فرصة للاستفادة من تجربة تشكيلها لذاتها وإقامتها هذه المرة على أُسس أمتن وأقوى، أُسس تنطلق من معرفة حقيقية بمواطن القوة ومقابلتها من مواطن الضعف، عليه أعتقد أن إعادة تشكيل هذه القائمة بات بمثابة فرصة سانحة للانطلاق بخطى واثقة أكثر ومدركة لمكامن قوتها ومواطن ضعفها، في هذا المجال يفترض أن تُراجع قوائم المصوتين المناصرين لها بعد ذلك تقوم بتشكيل ذاتها بعيدًا عن أية تحسبات أو تخوفات لا ضرورة بل لا مجال كبيرًا لها ولا باس والحالة هذه في أن تعيد القائمة المشتركة النظر في العودة إلى شركاء ربما تبين لهم أنه أفضل لهم وللمسيرة السياسية العربية في البلاد أن يعودوا إليها في تحالف أقوى، أمتن وأشد وهو ما يعود في النهاية بالفائدة على الجميع.
*ارتفع أكثر من صوت مطالبًا بأن توسع القوائم العربية دائرة مرشحيها لتشمل مرشحين يهودًا يساريين مناصرين للمسيرة السياسية العربية، فهل تستجيب القوائم العربية لهذه الأصوات؟
- لنتفق أولًا على أن مثل هكذا توسيع لهذه القوائم يفترض أن يأخذ في حسابه مسألة الربح والخسارة، وفي رأيي أننا يفترض أن نطرح السؤال على نحو آخر، هل يمكن أن يضيف أي تحالف من هذا القبيل قوة إلى أي من القوائم العربية البرلمانية؟، إذا كانت الإجابة نعم أعتقد أننا يجب ألا نتردد في إدخال مرشحين يهود إلى قوائمنا، أما إذا كانت الإجابة لا، هنا علينا أن نتراجع ونُحجم، وأعتمد في منطقي هذا على سببين أعتقد أنهما وجيهان، أحدهما قد تساعدنا فيه العودة إلى تجربة إدخال مرشحين يهود إلى قوائمنا وطرح السؤال عن مدى قوتهم في الشارع اليهودي بل هل ندخلهم الكنيست بأصواتنا نحن العرب، والسبب الآخر يتمثل في سؤال أراه وجيهًا هو: هل إدخال مثل هؤلاء المرشحين اليهود إلى القوائم العربية يأتي غاية أم وسيلة لتحقيق إنجازات وتحصيل حقوق، أم غاية تدل على إنسانيتنا وسعة أفقنا، يعزز ما أذهب إليه وأقوله أن العمل السياسي عادة ما يتطلب الحيطة والحذر وحسابات الربح والخسارة.
*هل يفترض أن تضم القوائم العربية القائمة في الأساس على أُسس حزبية، أشخاصًا مستقلين، وماذا يمكنها أن تستفيد من ضمها مثل هؤلاء؟
- أعتقد أن هذا السؤال ينطلق من فهم لا بأس به للمرحلة، فقد اتصفت المرحلة المجتمعية الحياتية اليومية المعيشة بهيمنة وسائل الإعلام (الميديا) على مختلف مناحي الحياة المعاصرة، وهو ما مكن من أمرين، الأول بروز ما اتفقنا على تسميتهم بـ " النجوم" وهم أناس يتصفون بالمهارة في التعامل مع الحياة وأشيائها الصغيرة والكبيرة أيضًا وبإمكانهم تأسيسًا على هذا تقديم الدعم الحقيقي لأي جسم قد ينضمون إليه، والأمر الثاني يتمثل في تقلص مساحات الفكر المؤدلج وبالتالي النفوذ المؤدلج، بناء على هذا أرى أنه لا باس من فتح الباب أمام هؤلاء "المستقلين" علمًا أنهم كثيرًا ما يسمون أنفسهم مستقلين ذرًا للرماد في العيون وطمعًا في الدنيا وخيراتها وليس إخلاصًا للذات وللفكر، كما يُفترض أن يكون المستقل المثقف في العادة إذا أخذنا هذا كله بنظر الاعتبار أعتقد أنه يمكننا التفكير بضم مثل هؤلاء المدعوين بالمستقلين آخذين بعين الحذر أنهم قد يكونون تابعين لهذا الشخص أو تلك الجهة الكامنة، باختصار لا باس في أن نفكر بضم مرشحين "مستقلين" إلى قوائمنا الانتخابية البرلمانية مع الحذر الشديد وحساب الربح والخسارة.
*كثرت في الجولة الانتخابية البرلمانية الأخيرة قبل أشهر القوائم العربية، التي انسحب بعضها في اللحظة الاخيرة وعمل بذلك بعين العقل، هل يفترض أن نقدم الدعم لهذه القوائم إذا ما أعادت الكرة مجددًا؟
- من المفترض في القوائم المتنافسة على دخول البرلمان أن تتحمل المسؤولية عن قراراتها، فإذا ما كانت متأكدة من قوتها وتعي أنها نتيجة خطأ يمكن إصلاحه، فإنني أرى أنه من حقها أن تعيد كرّة المنافسة، فنحن يُفترض ألا نكون ممن يوصدون أبواب المحاولة والاجتهاد، أما إذا كانت مُدركة لمحدودية قوتها ونفوذها، فإنني أرى أنه من الأفضل لها ألا تجدد ترشحيها لذاتها، ويُفضل أن تلتحق بالقائمة الانتخابية التي تراها أقرب إليها وإلى ما تدعو إليه من مُثل ومبادئ.
*ماذا على القوائم العربية الانتخابية البرلمانية المتنافسة على تجديد دخولها إلى الكنيست أن تفعل لزيادة تمثيلها فيها؟
- سؤال وجيه يحتاج إلى إجابة متأنية، على هذه القوائم دون استثناء أن تعيد النظر في إعادة تركيبتها الترشيحية للكنيست وأن تعزز ما ثبتت صحته، وفي المقابل أن تنبذ ما اتضح بطلانه وذلك في ضوء ما أصابت فيه وما أخطأت، هذا أولًا.
ثانيًا: يُفترض أن تعمل هذه القوائم على وضع برامج جديدة واضحة المعالم وتهدف للتقدم بالشأن العربي للأهالي في هذه البلاد بلادنا بحيث يشعر الجميع أن وجود ممثلين لهم في الكنيست قد يعود بالفائدة عليهم وعلى مصالحهم في الصمود والبقاء.
ثالثا على هذه القوائم أن توفق بين الحزبي والوطني، وذلك عبر توسيع أُفقها لتشمل أكثر ما يمكن من أطياف كثيرًا ما تكون مختلفة شكليًا ومتفقة ضمنيًا وأن تضع الوحدة وما تحتاج إليه من تضحيات وتنازلات معقولة نصب عينيها وفي أعلى سلم أولياتها.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
كل الاحترام مقال روعه