أنا هنا
ثبّتَ البطاقةَ على نافذة السيّارة، بعدما سجّلَ عليها رقم هاتفه الجوّال وأرفقه بعبارة " أنا هنا".
لم تمضِ دقائق وإذ بالهاتف يرنّ. لم يسمع أيّ سلام أو تحيّة. جاءه صوت امرأةٍ صارخةٍ بلغتها العبريّة الوقحة: أنتَ لستَ هنا، انزل واقذف سيارتك بعيدا.
نزلَ درجاتِ العمارةِ بسرعة. ألحّت على ذاكرته كلماتُ والده، التي قالها له يوما: جاءوا إلى بيوتنا وحقولنا، طردونا وقالوا لنا أنتم لستم من هنا!!
وصلَ آخرَ درجةٍ. قبلَ أن يدفعَ البابَ الخارجيّ، وقفَ هناك.
المسخ
دخلَ حيوانٌ غريبٌ إلى الحظيرة. لم تعرفهُ الحيواناتُ الأليفة. فوجئت به وارتعدت، اهتاجت وماجت، بعدما على النظام اعتادت.
وقفَ الغولُ يقهقهُ مغروراً، فتحَ فاهُ الأدفَق وجعَرَ: اشمَعوا وعوا.. إنّي آتيكم باشم المشؤوليّة.. المشؤول الأول أوكلني أن...
الأدفَق: الأعوج
جعَرَ: مثل تغوّطَ للإنسان
الوغد
جلسَ ينتفُ شعرَهُ، شعرةً شعرةً، حتّى خلا رأسُهُ المفلطح من الشعر، ما عدا بضع شعرات في مؤخرة الرأس، لم تنجح يده الطويلة من الوصول إليها. نظرَ إلى المرآةِ وجَلِعَت شفتاهُ رضى عن الخطوةِ الأولى نحو الزعامة.
أمضى شهوراً أخرى يربّي كرشه، إلى أن تكوّر وأثجَلَ.
رأى نفسه في أحلام اليقظة ذا شأن. طمأنَ نفسه أنه يستحق الزعامة، فشروطها ومقوماتها باتت متوفرة في شخصه. جعلَ لشخصه حاشيةٌ من سقَط الغلمان. باتَ هوسُ العظَمةِ يأكلُ دماغه وكأنه السوس. تفاجأ أفراد حاشيته من صراخه القادم من داخل غرفته: أنا أعظمُ العظماء.. أنا أفضلُ الفضلاء!
عندما انطلق صراخه ثانيةً، انطلقَ أفرادُ حاشيته بالزعيق في جوقةٍ بدون مايسترو، فلم يعد يسمع النّاسُ صراخَهُ..
الوَغد: الدنيء من الرجال
جَلِعَت: لا تنضم شفتاه على أسنانه
أثجَلَ: كبُرَ بطنهُ
(شفاعمرو)
[email protected]
أضف تعليق