د.نهى خلف
بعد مرورخمسين عاماً على اغتيال الرئيس الأمريكي جون فيتزجرالد كنيدي في 22 نوفمبر عام 1963، لا يزال الغموض يشوب الرواية الحقيقية ، وهوية الجهة التي نفذت العملية ، والسبب الرئيس الذي دفعها لاغتياله، رغم ظهور عدة فرضيات وكثيراً من الدراسات حول ذلك.
ككل حالات الاغتيال التي تستهدف شخصيات سياسية بارزة في العالم، يتوقف نجاح العملية على قدرة الجهة المرتكبة لها إخفاء الحقائق.
هناك عدة نظريات تفسر الحوادث التاريخية ، خاصة تلك التي تعرف “بنظريات المؤامرة ” يحاول المنظرين و خاصة الليبراليين منهم تسخيفها وعدها نتيجة للخيال أو الانفعال، محاولين تبرير النظريات المبسطة التي تسهم في التغطية على ممارسات تلك القوى السياسية المنظمة ، التي تلجأ إلى الاغتيال للتخلص من بعض الشخصيات عندما تهدد سياساتهم مصالحها الخاصة ، بعد أن تكون كل المحاولات السياسية للتخلص منهم قد فشلت.
بقيت الرواية الرسمية السائدة في الولايات المتحدة لمدة ثلاث عشر عاماً والتي لم تناقش رسمياً إلا بعد أن فتح الرئيس فورد مجالاً لتحقيق جديد، والتي قدمتها “لجنة التحقيق وارن” من قبل ليندون جونسون الذي أصبح رئيساً بعد كيندي، تدعي أن لي هارفي أوسوالد الذي اتهم بمقتل كنيدي، تصرف بشكل منفرد رغم أن ‘أوسوالد’ نفسه صرح أنه ‘كبش محرقة’ قبل أن يتم اغتياله بعد يومين من القبض عليه على يد قاتل آخر يدعى جاك روبي ، تبين أن اسمه الحقيقي هو جاكوب ليون روبنشتاين .
بمناسبة مرور خمسين عام على اغتيال كنيدي أعلن في الإعلام الأمريكي أن أكثر من سبعين في المئة من الشعب الأمريكي يشكون بصحة الرواية التي توصلت إليها لجنة وارن.
قراءة مواقف جون كنيدي حول السياسة الأمريكية، دفعت بالذين يشكون في صحة الرواية الأولى إلى تطوير عدة فرضيات حول المؤامرات المحتملة التي كانت خلف اغتياله ، و من ضمنها الفرضية المتعلقة بعلاقته مع حركة ‘مارتن لوثر كينغ’، ومواقفه المؤيدة للسود ووقوفه ضد العنصرية التي كانت لا تزال مهيمنة في ممارسات ولايات الجنوب الأمريكي، ومن ضمنها ولاية ‘تكساس’ المدينة التي اغتيل فيها، و أخرى حول غضب وكالة الاستخبارات الأمريكية (السي آي أي) من الرئيس كنيدي بسبب موقفه من قضية كوبا، وعدم موافقته على إرسال قوات جوية لدعم الانقلابيين حسب الخطة المبلورة من قبل آيزنهاور، مما أدى الى انتصار كاسترو في واقعة “الخنازير”، ثم إقالة كنيدي ‘لدالس’ المسؤول في وكالة الاستخبارات ا،إضافة إلى عداء شركات النفط و ما يسمى بالمركب العسكري الصناعي لسياسات كنيدي.
ما يهمنا هنا هو التساؤلات التي أشار إليها الكاتبان الفرنسيان اللذان نشرا كتاباً باللغة الفرنسية في باريس عام 1968بعنوان “جمال عبد الناصر،النصوص الأساسية” ، حول غضب الإسرائيليين من الغزل الذي كان دائراً بين كنيدي و جمال عبد الناصر بما يخص موقف كيندي من القضية الفلسطينية.
نشرت في هذا الكتاب نصوص لمراسلات خاصة تمت بين الرئيسين في عام 1961، كان واضحاً من خلال ماجاء فيها أن الرئيس كنيدي عبر عن مودة خاصة تجاه الرئيس عبد الناصر وعبر عن إعجابه بما يقوم به من محاولات لتحقيق وحدة عربية ، وما يثير الدهشة في هذه المراسلا ت ، مواقف الرئيس الأمريكي المعلنة تجاه قضية فلسطين و بشكل خاص مسألة اللاجئين ومشكلة تحويل مياه نهر الأردن ، و إعلانه في رسالته في عام 1961 أنه مصمم على إعطاء تعليمات لإدارته بالتوجه الى الأمم المتحدة ،لاتخاذ قرارات حاسمة للبدأ بتطبيقها ، و هذا نص الرسالة :
البيت الأبيض ، واشنطن ، 11 مايو 1961 سيدي الرئيس العزيز
منذ أن توليت الرئاسة فى يوم 20 يناير، و رغم انشغالي في العديد من المسائل الدولية التي اقتضت الاهتمام العاجل بها، لكني فى الوقت نفسه عنيت بالتفكير فى المشاكل الدولية التى تقتضي منا جميعاً العناية والاهتمام .
كثيراً ما اتجهت أفكاري نحو الشرق الأوسط ، تلك المنطقة التى ساهمت كثيراً فى التراث الديني والثقافي السائد فى العالم اليوم، والتى مازالت تنطوي على إمكانيات عظيمة للمساهمة فى الحضارة.
” إنني فخورٌ أيضاً بالتشجيع الفعال الذي قدمته حكومتي وقدمه الشعب الأمريكي في الماضي لتحقيق آمالكم و تطلعات شعبكم و خاصة في اللحظات الحرجة من عام 1956.
إن حكومة الولايات المتحدة المكونة من اتحاد فدرالي ما بين عدة دول مستقلة رحبت بإنشاء الجمهورية العربية المتحدة في 28 فبراير من عام 1958 ، و هو اليوم الذي يصادف ميلاد الرئيس واشنطن،أول رئيس للولايات المتحدة.
وستجدوننا في كل لحظة و في كل مكان، نشارك في النضال من أجل تحقيق المساواة في الفرص ، و بناء حكومات للشعوب، و التحرر من الخوف من أجل تطبيق العدل لحل النزاعات الدولية.
بينما تزداد حدة التوترات للأسف في بقاع أخرى من العالم ، إلا أن الوضع في الشرق الأوسط قد بقي هادئاً خلال الأعوام الثلاثة الماضية، و الأمر يعود الى حكمة القادة السياسيين في المنطقة الذين أعطوا أولوية للبرامج البناءة و التنمية الاقتصادية.
إن حكومة و شعب الولايات المتحدة لديهم القناعة في إمكانية التوصل الى حل مشرف و إنساني للمشكلة ، و هم مستعدون للمشاركة في الأعمال و الأعباء التي ستؤدي الى حلها في حال أرادت الأطراف المعنية ذلك. إننا على استعداد للمساعدة في حل (تراجيديا)اللاجئين الفلسطينيين،على أساس استرجاع ديارهم أو الحصول على تعويضات، و نحن على استعداد أيضاً لإيجاد حل وسط و مقبول للنزاع الناشىء بسبب مشروع تطوير مصادر مياه نهر الأردن , كما نحن على استعداد لتقديم مساعدتنا في كل المجالات لتحقيق التقدم في حل هذه المشكلة المعقدة
إنني سعيد لأنني تأكدت أن الجمعية العمومية للأمم المتحدة قد أعلنت مؤخراً ضرورة التنفيذ السريع لتوصياتها السابقة في موضوع قضية فلسطين, و أود أن أذكر في هذه المناسبة أن موقف حكومة الولايات المتحدة نحو هذه المشكلة يستند دائماً على الاستمرار في دعمها لكل توصيات الجمعية القرارات فيما يخص موضوع اللاجئين ، مع الأخذ بعين الاعتبار و بشكل موضوعي، تنفيذ هذه التوصيات لمصلحة اللاجئين إلى أقصى حد ممكن.
خلال المشاورات الأخيرة التي تمت بيني وبين السفير ” رايتهارت” في واشنطن ، عرض علي المشروع الهائل الذي أسسته الجمهورية العربية المتحدة ، من أجل خلق قاعدة صناعية تسمح برفع مستوى الرفاهية في البلاد، و رفع مستوى معيشة المواطنين، و إنني سعيد بإرسالنا الى الجمهورية العربية المتحدة كميات ضخمة من القمح و من مواد أخرى.
أعتقد أن المستقبل سيمتن علاقات الصداقة بين بلدينا وبين شعوبنا المحبة للسلام، خاصة أن هذه العلاقات تستند على الاحترام المتبادل و المصلحة الجماعية بهدف تحسين وضع البشرية و المشاركة في الجهود الرامية الى تهدئة التوتر الدولي، مع الاحترام .
جون ف. كنيدي”
نشرفي نفس الكتاب نصاً لرسالة طويلة موجهة من قبل جمال عبد الناصرإلى جون ف. كنيدي في 18 آب (أغسطس) 1961، واعتبرت رداً على رسالة كنيدي (مع أن الجواب جاء متأخراً مما يشير إلى وجود اتصالات أخرى بينهما بين شهر أيار و آب 1961.)
أشار محمد حسنين هيكل إلى هاتين الرسالتين في جريدة الأهرام في 21 سبتمبر عام 1962 بمقال عنوانه ” بصراحة، أخطر الوثائق” ، و ذلك لإثبات خطأ الإشاعات الواردة حينذاك حول تعاون الجمهورية العربية المتحدة مع الولايات المتحدة، مضيفاً فقرة من رسالة كنيدي، لم تكن موجودة في نص الرسالة المنشورة في الكتاب الفرنسي المذكور و قد جاءت في مدخل الرسالة :
“لقد تركز اهتمام العالم فى الأشهر الأخيرة حول عدد من المواقف الدولية القابلة للانفجار، والتى يمكن أن يظهر نتيجتها الفرق بين الحرية والعبودية وبين السلام والحرب، بالنسبة لملايين الناس، وربما بالنسبة للجنس البشري كله فى نهاية الأمر.
أعلم أن هذه المشاكل أثارت اهتمامكم العميق، كما أثارت اهتمامي، وإنى واثق من أنكم تشاركونني الاعتقاد بأنه من الممكن تبديد السحب المتجمعة فى سماء الموقف الدولي الآن، بفضل الجهود التى يبذلها بإخلاص الرجال ذوو النيات الطيبة فى كل مكان بالعالم.
وفى يقيني أنه يجب على الزعماء المستجيبين لاحتياجات شعوبهم وأمانيها، أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة كل الاحتمالات فيما يتعلق بنشر الأسس الرئيسة للعدالة السياسية والاجتماعية.”
كما أشار هيكل أن السبب في تأخر الرد من قبل عبد الناصر هو أن الفترة كانت مزدحمة بقوانين يوليو الاشتراكية الشهيرة سنة 1961 والإعداد لها وإصدارها وتنفيذها.
و جاء في رسالة عبد الناصر شرحاً مطولاً و مفصلاً لقضية الشرق الأوسط ، مشكلاً من أربع نقاط أساسية
أولاً- انتقاده لوعد بلفور الذي عرفه جمال عبد الناصر بوعد من “لا يملك” إلى من “لا يستحق” .
ثانياً – عرض تاريخي لموقف الولايات المتحدة الذي كان منحازاً لإسرائيل و خاصة موقف ترومان الذي جير كل إمكانياته لأخذ موقف مضاد للعدالة
ثالثاً- الثقة التي قد وضعها العرب في الأمم المتحدة التي اعتبروها سلطة لديها الإمكانية لفرض العدل حيث كانوا يظنون أن الطرف الإسرائيلي سيعاقب لأنه اغتصب اتفاقيات خطوط الهدنة الدولية ، و أضاف عبد الناصر ” و لكننا للأسف الشديد قد تم معاقبتنا فيما بعد لأننا آمنا بالأمم المتحدة و وضعنا ثقتنا فيها.”
رابعاً – تحذير من الخطر الإسرائيلي الذي يمتد إلى المستقبل العربي و يهدده بأخطار هائلة ” إذ تلاحظون استمرار الهجرة اليهودية والتشجيع المعطى لها ، و الأبواب المفتوحة أمامها، فسترون مثلنا أن ذلك يمثل خطرالانفجار الداخلي في اسرائيل.، هذا هو التفسير المنطقي للتحالف الذي بين إسرائيل و مصالح الاستعمار في منطقتنا”.
ثم عرض عبد الناصر في رسالته سرداً تاريخياً مفصلاً لكل الخطوات التي اتخذتها مصر في محاولتها للتعامل مع الولايات المتحدة قائلاً” هدفي أ ن أعرض عليكم حق اللاجئين الفلسطينيين متعلقاً بحق الوطن الفلسطيني، وأن الأوطان العربية الأخرى لا يمكن أن تعزل نفسها عن العدوان الموجه ضد أية واحدة السبب الواضح في أن العدوان – بالإضافة الى مسألة التضامن العربي – يهدد الأوطان العربية الأخرى بنفس القوة و يعرضها لنفس المصير”
كما نود أن نشير إلى ما جاء في الكتاب المذكور حول ما حدث في عام 1963 قبل اغتيال الرئيس كنيدي في الثاني و العشرين من شهر تشرين الثاني من نفس العام ، حيث يركز الكتاب على أن عام 1963 كان حافلاً بنشاطات جمال عبد الناصر الذي أعلن في الجزائر ” وحدة الهدف ” للدول العربية ، قبل أن يقابل بخمسة أيام صديقه القديم تيتو في جزيرة بريوني و يحاول إعادة صداقته مع فرنسا .
و لكن العامل الأهم في ذلك العام هو انعقاد مؤتمر أديس أبابا الذي جمع مابين 32 دولة أفريقية ، مما أوحى ببدأ تحقيق حلم وحدة القارة الأفريقية التي كانت مغتصبة لفترة طويلة .
اهتم الرئيس كنيدي بهذا الحدث و تابعه عن قرب بملاحظة تطورات القمة وقيامه بالتحقق بنفسه حول مدى مصداقية اهتمام القمة بالدول الأفريقية و دعمها لقضية فلسطين.
يشيرالكتاب أن كنيدي رأى في ذلك الحين أن هناك تحولاً و منعطفاً في مجرى الصراع بين الغرب و الشرق و في مجرى الصراع العربي الإسرائيلي حيث أصبح الموضوع أكثر تعقيداً حيث قال: “أليس هناك في إسرائيل تيارات و آراء لم تظهر حتى الآن معادية بشدة للصهيونية “المتعصبة” التابعة للمهاجرين الغربيين المتمثلة ببن غوريون رئيس الحكومة؟ فعندما ينهض العرب و يتظاهرون ضد النظام العسكري الذي يسيطر عليهم منذ عام 1948، لابد أن هناك يهود من كل الأعمار يقفون معهم –هم أقلية طبعاً ولكن صدى حركتهم قوية لدرجة أنه ربما ينقصهم صوت واحد للحصول على دعم من البرلمان ، فالتظاهر في إسرائيل ضد الشوفينية و الروح العسكرية وضد ما يحدث على الحدود في ازدياد، لأن اليهود الشرقيين مستغلين و يزداد نسلهم بشكل ملحوظ ، أهميتهم تزداد و الاضرابات تنفجر لدرجة أن النقابات المحلية لا يمكنها ضبطها و سيكون على بن غوريون أن يستقيل”
جاء في الكتاب أن أجهزة المخابرات الأمريكية المتواجدة في القاهرة في ذلك الوقت ،أربكت بسبب آراء الرئيس الأمريكي الشاب، الذي بدأ يتبادل مرة أخرى المراسلات المباشرة مع جمال عبد الناصر ، ولكن هذه المرة كما بدى لهم بهدف التخلص من دولة إسرائيل حيث أكد في الأمم المتحدة “أننا يجب أن نركز بشكل جدي على مسألة اللاجئين ، و أن نطالب بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة”.
في أيلول (سبتمبر) انتشرت الإشاعات بأن هناك منعطفاً هاماً في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط و حول ما يمكن أن يقوم به الصهاينة لمواجهة ذلك؟؟؟؟
في أكتوبر ‘تشرين الأول’ كشف المؤتمر العربي للنفط، أن هناك مشاريع قيد الدراسة تهدف إلى تأميم عام ومستقبلي للنفط العربي، و بدأتـ الشركات و ‘التراستات’ الدولية –تستعد للصراع ضد مايمكن أ ن يقف ضد مصالحها و تنظم عملية الدفاع عن النفس خاصة عندما شعروا أنهم لن يتمكنوا من الاعتماد على كنيدي. و تلاقت مصالح الصهاينة و المصالح النفطية،و بدأتبادل الشتائم في الولايات المتحدة ضد الرئيس و تحريض الرأي العام من ‘الأورغون’ حتى ‘التكساس’ مهدداً كندي بالموت.
و يشير الكتاب أيضاً أنه لا مجال للدخول في التفاصيل حول عملية الاغتيال ويكتفي بالإشارة إلى أن جونسون بعد وصوله إلى الحكم استعجل في طمأنة الصهاينة و جماعات النفط ، و هذا ما جا ء في جريدة عربية في بداية عام 1964:
“نحتج على تصريح جونسون حول العالم العربي . فالنبرة نبرة وعد بلفور و نبرة العدوان الثلاثي”
بعد مقتل كنيدي استمرت نتائج سياسته في الأمم المتحدة لعدة أسابيع فالمفوض العام لللاجئين الفلسطينيين طالب بتطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بعودة اللاجئين، وقدم الوفد الأمريكي قراراً بهذا الاتجاه ،تم التصويت عليه بالإجماع باستثناء إسرائيل و هو القرار 1912 الصادر في 3 كانون الاول (ديسمبر) عام 1963
شعر البرلمان الإسرائيلي بالارتياح لهذه القرارات التي كانت تعلن لفظ آخر أنفاس كندي وتأثيراتها في الأمم المتحدة ،وزاد عليها رفضه الأخذ بعين الاعتبارقرار الأمم المتحدة معلناً”أن عملية تحويل مياه نهر الأردن ستبدأ”
بالإضافة إلى الشكوك المشار إليها في الكتاب المذكور حول الغضب الصهيوني من سياسات كنيدي،جاءت اعترافات ‘مردخاي فانونو’ وهو الإسرائيلي المغربي الذي سرب معلومات للغرب حول المفاعل النووي الإسرائيلي ‘ديمونا’ في عام 1986 لتشير الى عامل آخر قد أغضب الاسرائيليون من كتيدي وهو سياسته التى كانت تهدف الى الحد من تطور السلاح النووي الإسرائيلي و وضعه تحت المراقبة و قد نشرت صحيفة الحياة في 26 تموز عام 2004 تصريحات فانونو الذي كان تحت إقامة جبرية، والتي أعلن فيها أن إسرائيل خلف اغتيال الرئيس كنيدي مما أثارمزيداً من الغضب الإسرائيلي تجاهه متهمين اياه بالكذب و الجنون.
بناءاً على كل ماسبق، وبناءاً على المؤشرات الموثقة بالتفاصيل، سواء أكانت متعلقة بموقف كنيدي من اللاجئين الفلسطينيين أوبمياه نهر الأردن، أو بمطالبته التحقيق ومراقبة الإمكانيات النووية الإسرائيلية و هي حقيقية بغض النظر عن اتهامات فانونو، والتحول الدرامي في السياسة الأمريكية لمصلحة إسرائيل بعد اغتياله و استلام جونسون للرئاسة، هل يمكن أن نشير إلى دور اللوبي الصهيوني في أمريكا كأحد الأطراف المتواطئة مع أطراف أخرى سواء أكانت منتمية إلى وكالة المخابرات الأمريكية أو إلى “تراستات” النفط و شركات السلاح، في التخطيط للتخلص من الرئيس الأمريكي الأصغرعمراً من بين كل الرؤساء الأمريكيين، و الكاثوليكي الأوحد في تاريخ رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية؟
أن التاريخ سيبقى مليئا بالألغاز وبالثغرات، كما ان التاريخ أيضا سيف ذو حدين، ولا يمكن العودة الى الخلف و لكن عام 1963 كان فقط خمسة عشر عاما بعد نكبة فلسطين وأربعة أعوام قبل احتلال 1967 فهل يمكن لنا أن نتخيل كم من مأساة إضافية كان من الممكن ان لا تقع على عاطق اللاجئين لو كان سمح لأعداد هامة منهم بالعودة الى ديارهم في عام 1963 وما مدى التهديد الذي كان سيسبب أي تغيير في السياسة الأمريكية لصالح الفلسطينيين، للمشروع الصهيوني التوسعي و التعسفي في المنطقة العربية؟؟؟
[email protected]
أضف تعليق