في مدينة رام الله يوم الأربعاء الماضي، شاركت بمسيرة الذكرى الحادية والسبعين لنكبة فلسطين، وسيراً على الأقدام ذهبت من وزارة العمل ـــــ مكان عملي ـــــ الى ضريح الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات لتنطلق المسيرة من هناك، حمل المشاركون فيها لافتات تؤكد على حق العودة، ورايات سوداء وأعلاما فلسطين، ولافتات تحمل أسماء القرى المهجرة، وكذلك مفاتيح العودة، تتقدمهم فرق كشفية.
وقبل وصولنا إلى ميدان الشهيد ياسر عرفات، انطلقت في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا صافرات الإنذار في الميادين العامة وعبر مكبرات الصوت في المساجد لمدة 71 ثانية بعدد سنوات النكبة، مقالي هذا عبارة عن مشاهدات رصدتها خلال المشاركة في هذه الفعالية، تتفق تختلف معي لكن هذا ما رصدته من مُشاهدات:
غياب المشاركة: من النظرة الأولى تجد بأن من شارك في المسيرة النسبة الأكبر من القطاع الحكومي والمؤسسات الأهلية التي تهتم بملف اللاجئين والمخيمات الفلسطينية، ربما أكون مخطئا لكن كانت هناك حالة من العزوف وعدم المشاركة بالمسيرة، وهناك حالة من تراجع وتقلص إذا ما تمت المقارنة مع السنوات الماضية، هذا الواقع يجب أن يدرس من أصحاب القرار والمسؤولين.
الشارع الفلسطيني: خارج سياق المسيرة، كان كل الشارع الفلسطيني يبحث عن عالمه الخاص واحتياجاته، هناك من يتسوق وهناك من يعرض بضاعته للبيع، وما أكثر "البسطات" في شهر رمضان!! الشارع بحالة سباق مع ذاته ولم يعط أي انتباه للمسيرة ومضمونها، لدرجة أن عددا من المارة كانوا يسألون "شو في؟" "لشو المسيرة؟".
غياب القيادة وحضور الحكومة: على الرغم من مشاركة بعض القيادات إلا إنه كان هناك غياب "للقيادة" بمختلف ألوانهم ومشاربهم الفكرية ومواقعهم سواء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أو/و قادة الفصائل بمواقعهم التنظيمية المختلفة، وخصوصاً إذا ما تمت مقارنة ذلك بمشاركة واضحة من قبل الحكومة على مستوى رئيس الوزراء ووزرائه والهيئات العليا في الوزارة والموظفين بمختلف درجاتهم، على الرغم بأن هناك نسبة متوسطة من الموظفين قرروا التعامل مع هذا اليوم بأنه إجازة!!
د. اشتية: شاءت الصدفة بأن أكون في زاوية أستطيع متابعة تصرفات دولة رئيس الوزراء أثاء المسيرة وخروجه منها؛ يبتسم مع الناس ويصافحهم وفي بعض الأحيان يقف ويسلم على مجموعة ما ويتصور معهم دون أي حواجز كانت، لا شك بأنه يمتلك رصيدا محترما لدى الشارع الفلسطيني، فهو يعلم كيف يتواصل معه وأقرب مثال ما قام به عشية ذكرى النكبة؛ فقد تجول في مخيم قلنديا وتناول وجبة الإفطار مع عائلة من عائلات المخيم وهي فاطمة الكسبة أم لثلاثة شهداء وزار عددا من عائلات الشهداء والأسرى.
هذا الرصيد من الحب والاحترام، سيجعله أمام استحقاقات عالية التوقعات لدى الشارع الفلسطيني الذي ينظر له بعين المُخلص، وعلى الرغم من هذا سيبدأ الشارع بانتظار الإنجازات على أرض الواقع بعد انتهاء شهر العسل.
السؤال الآن ما علاقة هذه المشاهدات ببعضها البعض؟ وما هي دلالاتها في ذكرى النكبة؟ ببساطة ودون فلسفة الأمور أعتقد ـــــ وأتمنى أن أكون مخطئا في اعتقادي ـــــ بأن جبهتنا الداخلية مرهقة وغير قادرة على مواجهة أي فعل قادم على صعيد السياسات الأميركية تجاه قضيتنا بفرض الحلول وإسقاطها علينا، ومعظم القيادات الفلسطينية في حالة اغتراب عن نبض الشارع واحتياجاته اليومية وأهمها لقمة العيش، أخشى ما أخشاه بأن تكون المؤسسة الفلسطينية في واد وقضيتنا في واد آخر والشارع الفلسطيني أصبح مُتفرجا وما يريده ليس سوى إنجازات على أرض الواقع تحافظ على خُبز الأطفال وحليبهم ولن يرحم من يمُس بهما.
[email protected]
أضف تعليق