صدمة كبيرة شكلتها نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية بما يتعلق بنسب التصويت المنخفضة والتي تشير الى سياسة لا مبالاة قاتلة بدأ المجتمع العربي باتخاذها ربما بمسعى لمعاقبة قياداته البرلمانية من جانب ومن جانب اخر بعد ان أصابه اليأس نتيجة القوانين العنصرية والفاشية التي سنتها ضده الحكومة اليمينية المتطرفة في السنوات الأخيرة

هناك حاجة للأحزاب ان تراجع نفسها!

القيادي والناشط السياسي والاجتماعي ثابت أبو راس قال: نتائج الانتخابات في الوسط العربي لا تعكس طاقات وامكانيات مجتمعنا، هناك تراجع في أمور عديدة منها نسبة التصويت اذا صوتنا في الانتخابات الماضية بنسبة 64% وحصدنا حوالي 13 مقعدا وكنا قريبين من الرابع في القائمة المشتركة الان انخفضنا الى عشرة مقاعد للقائمتين ستة مقاعد للجبهة والعربية للتغيير وأربعة مقاعد للإسلامية مع التجمع، هذه لا تعكس قوتنا بل نصف قوتنا في الكنيست.

وتابع: واضح جدا ان التراجع في نسبة التصويت من 64% حتى 49% هو تراجع كبير جدا، بنسبة 15% يجب دراسته علما ان الأسباب مقنعة الى حد كبير، اعتقد ان عملية مقاطعة الانتخابات حيث ان نسبة كبيرة من المواطنين العرب أي ما يقارب 100 الف صوت قاموا بالمقاطعة بسبب انشقاق المشتركة وجراء بعض التصرفات الحزبية التي لم يقبلها الشارع العربي وبالتالي دفعت الأحزاب ثمن هذه التصرفات في العزوف عن التصويت او التصويت الى أحزاب صهيونية، لا نستطيع فقط لوم الأحزاب، وانما وضع الأقلية الفلسطينية في البلاد في ظل جو عام من العنصرية والتحريض في المجتمع الإسرائيلي لا تساعد ولا تشجع على التصويت.

ونوه قائلا: من جهة هناك رئيس حكومة يحرض علينا والمناوئ له هو غانتس زعيم حزب "كحول لافان" همش المواطنين العرب وممثليهم عندما قال بانه لا يبني عليهم، الكثيرين يرون بان عملية التصويت لن تجدي في ظل الخطاب الرافض للعرب واعتقد ان الأجزاء العامة في ظل قانون القومية العنصري الناس تعزف عن التصويت وهي ضربة لما يسمى الديمقراطية الإسرائيلية وعمليا حجب ثقة عن الجهاز السياسي الإسرائيلي في البرلمان وغير ذلك.

كما تطرق الى النتائج العامة وقال: حسب نتائج الانتخابات ليس هناك تغيير في السياسة الإسرائيلية وخاصة ان نتنياهو جاهز لرئاسة الحكومة وهو صاحب الحظ الاوفر وهناك بلوك جاهز من الأحزاب اليمينية والليكود الذي سيركب الحكومة، صحيح انه في هذه المعركة امرا جيدا باننا لم نر بينيت وشاكيد "اليمين الجديد" ولكن بالمقابل شهدنا فوز حزب كاهاني جديد يفوز ليس اقل تطرفا تجاه العرب، لذلك فقد حان الوقت ان يراجع اليسار الإسرائيلي نفسه، حتى ان ميرتس نجح بالحصول على أصوات الكثير من المواطنين العرب وهذا امر جيد، الأحزاب العربية يجب ان تراجع سلوكها، اعتقد ان الأحزاب العربية تكلس فيها الكثير وشاخت وهناك بحاجة الى مراجعة في داخل هذه الأحزاب وفي العلاقة مع الأحزاب فيما بينها.

واختتم قائلا: هناك حاجة لتنظيم الأقلية العربية والتفكير في كيفية تطوير عملنا، وان نطور خطاب جديد، التوجه للشارع اليهودي، وبالتالي الكنيست تبقى حلبة للصراع من اجل جلب ميزانيات من اجل نضال ومساواة في هذه الدولة وسن قوانين، ولن يكون هذا الامر ناجحا بدون ان نبني تحالفات مع الأحزاب اليهودية حتى اليمينية منها، واجراء صفقات من اجل تحسين مواقعنا وظروفنا وتحصيل المساواة بين المواطن العربي واليهودي ولا حاجة للتجريح في هذه المراجعة، حق الأحزاب ان تعاقب قيادتها ولكن لا يمكن وجود مجتمع ناجح بدون أحزاب ناجحة، هناك حاجة لمراجعات في داخلها وادعو لإعطاء دور اكثير قيادي للشباب في هذه الأحزاب ما يضمن ان يعرف الجيل الجديد كيف يتعامل مع التحديات التي تواجه المواطن العربي في المستقبل وهذه التحديات تكبر مع الوقت ومن المهم ان نتحضر لها.

نتائج الانتخابات تعكس التركيبة السياسية المجتمعية للشارع اليهودي

المحاضر في جامعة العبرية رباح حلبي قال: في نهاية المطاف لم تكن مقاطعة للانتخابات من جهة العرب، وهي مشروعة لو حصلت نسبة 55%-56% هي النسبة العادية للتصويت عند العرب، باستثناء المرة الفائتة النسبة تخطت 60% بسبب التوحيد الذي حصل في المشتركة. المرة الفائتة صوت 85% من العرب للمشتركة، ولو هذ المرة كانت نفس نسبة من التصويت للقائمتين العربيتين لحازتا على 12مقعد.

وتابع: حتى لو لم يحصل الخلاف في المشتركة، وعادت الأمور نفسها، اي حصلت القوائم العربية 13 مقعد لكان ذلك يقدم ولا يأخر بالنسبة للمحصلة النهائية، اي حكومة البيبي اليمينية. كما انه ليس لم تكن مقاطعة بل نسبة كبيرة -نسبية- صوتت الى الأبيض والازرق من اجل تغيير حكومة البيبي بحكومة الجنرالات التي لا تختلف عنها كثيراً. لا اريد ان أقول من تحت "الدلفة لتحت المزراب"، بل اقول من "تحت المزراب لتحت الدلفة". كي لا افهم خطأ انا شخصياً اعتقد انه كان المفروض رمي هذا البيبي الى مزبلة التاريخ، لأنني لا أستطيع ان اراه، لكننا كعرب هنا نحن في موقف لا نحسد عليه بين الخيارات الموجودة، ولأننا لا نحل ولا نربط.

وأضاف: نتائج الانتخابات تعكس التركيبة السياسية المجتمعية للشارع اليهودي، وهي سيطرة نخبة جديدة متمثلة بالشرقيين والقادمون الجدد الروس والمتدينين والحريديم، والتي دحضت منذ قرن النخبة القديمة الاشكناز- مباي- الذين أقاموا الدولة. والتي تحاول كل مرة ارجاع زمام الأمور لأيديها بلباس جديد وتفشل كل مرة من جديد. تلك قضية يهودية وهي تتمثل في تصارع بين فصائل وفئات تتصارع على الحكم. بين نزعة غربية ونزعة يمينية متدينة ونزج أنفسنا ويزجوننا نحن في قضية لا تعنينا. حيث يتوقعوا الاشكناز ذوي النزعة الغربية غير المتدينة ان نحل لهم أزمتهم. وبالتالي يجعلوا منا كبش فداء وشماعة يعلقون عليها إخفاقاتهم. لماذا نحن بالأساس مستعدون ان نلعب هذه اللعبة؟ لماذا نقبل بل نصبوا ان نكون سدا مانعا وان نحول دون تكوين اليمين الحكومة، في حين ان الجانب الاخر لا يقبلنا شريكاً. مطلبنا يجب ان يكون اعتراف بكياننا وشراكة كاملة وحقيقية شراكتنا في هذه اللعبة الديمقراطية المعطوبة يشرعنها ويشرعن العنصرية الممارسة ضدنا.

نتائج تقدم صكًا مفتوحًا لنتنياهو لتنفيذ سياسة اليمين المتطرف

الكاتب والصحفي عودة بشارات قال ل "بكرا": نتائج الانتخابات الأخيرة أظهرت تفوقًا حاسمًا لمعسكر اليمين والمتدنيين في البلاد، ومن الممكن أن نتوقع أن نهج الحكومة القادمة لن يكون مخالفًا لنهج الحكومة الحالية من الناحية السياسية والاقتصادية. ولكن الأمر الاساسي هنا أن حملة نتنياهو الانتخابية التي اعتمدت على التحريض والعنصرية وجعل كل من يخالفه عدوًا، من الممكن أن تصبغ مجمل الخطاب السياسي في إسرائيل باتجاه التطرف والكراهية للعرب وباتجاه مظاهر عنصرية ومعادية للديمقراطية داخل البلاد.

وتابع: على الصعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والإسرائيلي العربي جاءه هذه النتائج لتقدم صكًا مفتوحًا لنتنياهو لتنفيذ سياسة اليمن المتطرف، وخاصة أنه يحظى بالتأييد التام من قبل الرئيس الأمريكي وشهدنا ذلك باعتراف الأخير بالجولان جزءًا من اسرائيل وقبل ذلك بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس الأمر الذي اعتبره العالم بأنه خرق للقانون الدولي وبأنه يعرقل مسيرة السلام المتعثرة أصلًا.

ونوه: ولكن العبثي في الأمر ان نتنياهو الآن بالرغم من هذه الظروف المريحة لا يستطيع أن ينفذ برنامجه، فضم الضفة إلى حدود إسرائيل يعني إما نظام أبرتهايد، حيث سيتم فرز نوعين من السكان، ألأول يتمتع بالديمقراطية الكاملة والآخر منزوع الحقوق، او، من جهة أخرى، منح الفلسطينيين الحق في الانتخاب وآنذاك فلن تكون هنالك اغلبية يهودية وهذا يعني نهاية الحلم الصهيوني بقيام الدولة اليهودية.

وأضاف قائلا: من جهة أخرى أفرزت هذه الانتخابات معسكرين كبيرين، الليكود من جهة وكحول لفان من جهة أخرى، وهذا الأمر كان غائبًا عن الساحة البرلمانية في اسرائيل منذ عقود، وبالتالي هنالك من يرى بهذا الأمر معلمًا ايجابيًا في تثبيت الحكم في البلاد وأن لا يكون الجهاز السياسي معرضًا لضغط وابتزازات الاحزاب الصغيرة.

واختتم: ولكن اذا رجعنا بضعة أشهر للوراء يبرز الدافع الاساسي الذي يُحرّك نتنياهو وهو صراعه مع الجهاز القضائي في اسرائيل على خلقية ملفات الفساد الغارق بها. وعليه يمكن القول أن نتنياهو في هذه الانتخابات يخلط الأوراق من أجل الهدف الأهم، وهو مصيره الشخصي، فهل يستطيع بهلوان السياسة الاسرائيلية أن يوفّق بين الأمرين؟ هذا الأمر متوقف على خصومه السياسيين وقدرتهم على اتخاذ موقف حاسم، واضح وجريء في مجمل القضايا التي تواجه المجتمع الإسرائيلي.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]