كتب الدكتور أنطوان الشرتوني في "الجمهورية": من أسوأ العادات التي يمكن أن تظهر خلال مرحلة المراهقة التدخين. ويلتقط المراهق هذه العادة أحياناً ليقلّد مراهقاً آخر صديقاً له أو أهله. ولهذه العادة السيئة مخاطر صحية يمكن أن تظهر مع مرور السنوات: أمراض قلبية أو مشكلات في التنفس... ومشكلات أخرى كالإدمان على الكحول وصولاً للإدمان على المخدرات. فكيف يمكن مساعدة المراهق في موضوع التدخين؟ وما هو دور الأهل والمدرسة؟ وكيف يمكن تقليص مخاطر الوقوع في شباك تلك العادة المضرّة؟

كل يوم، ومن دون إستثناء، تنضمّ قافلةٌ من المراهقين إلى عادة التدخين. ويدخّن المراهق عادةً سيجارته الأولى في عمر الإثني عشر أو حتى أقل. ولا يمكن أن نعتبر «إكتشاف التدخين» سوى حالة عابرة عند المراهق. ولكن يصبح التدخين خطراً، عندما يتحوّل المراهق إلى «مدخن نظامي» أي إنه يدخن بشكل مستمر وتكراري خلال النهار ويصبح التدخين عادة أساسية في حياته كالشرب والأكل.

أسباب التدخين عند المراهق
إنّ السبب الرئيسي الذي يدفع المراهقين للتدخين، بالنسبة للكثير منهم، هو حب الإستطلاع. ولكنّ هناك أسباباً كثيرة يمكن أن تكون وراء تلك الآفة. والمدرسة التحليلية الفرويدية، فسّرت أنّ هناك علاقة وطيدة ما بين الفطام (وطريقة الفطام عند الطفل الصغير) وعادة التدخين. فكلّما كان الفطام «سريعاً وقاسياً، بدون تحضير الطفل الصغير»، زادت نسبة التعلق بالتدخين أو بـ«اللذة الفموية».

ومن أبرز هذه الأسباب نذكر:
1- الحشرية أو حب الإستطلاع وإكتشاف ما هو التدخين.
2- تقليد الأهل أو الأصدقاء. ففي مرحلة المراهقة، يكثر يميل المراهقون إلى تقليد المراهقين الآخرين أو زملائهم في الصف أو في المدرسة أو حتى أهلهم الذين يمارسون هذه العادة أمامهم.
3- القلق بسبب عدّة أمور منها فردية ومنها عائلية أو إجتماعية.
4- كما يعتبر المراهق أنّ التدخين يساعده في الإنتماء بشكل أسرع إلى «مجموعات إجتماعية» ويشعره أنّه يشغل مكانة أرفع إجتماعياً.
5- وسائل التواصل الإجتماعي والمجلات والدعايات التلفزيونية... إذ تظهرجميعها أنّ السيجارة مرادف للبطولة والقوة. على الرغم من أنّ الكثير من الصفحات على وسائل التواصل الإجتماعي والوزارات المعنية بصحة الإنسان تحذّر من التدخين الذي يسبّب مباشرة أمراض خطرة.

دور المدرسة والتوعية
للمدرسة دور كبير في توعية تلاميذها المراهقين حول موضوع التدخين. فيجب على المدرسة أن تخصّص شهريّاً حصة حول موضوع التدخين من جوانبه كلّها. وتناقش تلك الحصص التوعوية أيضاً الصحة الجسدية وكل ما يترتب من مشاكل فزيولوجية عن هذه العادة المضرة.

ويمكن التركيز على نقاط محدّدة تؤثّر تأثيراً مباشراً على حياة المراهق وهي:
• تظهر مشكلات على الصعيد التنفس ومشكلات في الرئتين ما يؤثّر على حياة المراهق اليومية. كما يبدأ السعال المتكرّر.
• يُضعف التدخين الأداء الرياضي عند المراهق فيتراجع نشاطه الجسدي.
• يهتم المراهق كثيراً خلال هذه الفترة بشكله الخارجي. ولكن بسبب التدخين، تصفرّ أسنانه وتصبح رائحة نفسه كريهة.
• يمكن أن يؤدي التدخين إلى أمراض سرطانية مميتة أو إلى الإدمان على الكحول أو المخدرات.

دور الأهل
من المعروف أنّ مرحلة المراهقة مرحلة حساسة جدّاً، حيث يكون المراهق سريع الإستجابة لإغواء السيجارة. ويتمثّل دور الوالدين في التحدّث عن مخاطر التدخين ليس خلال فترة المراهقة بل قبلها. وإذا إكتشف الأهل أنّ طفلهم المراهق يدخّن، يجب نصحه واكتشاف الدوافع التي دفعته إلى التدخين. فيجب أن يعرف الأهل الأسباب النفسية والنفسية – الإجتماعية التي جعلت المراهق يستسلم أمام هذه العادة المضرة. كما أنّ تأثير الأهل على أطفالهم خلال هذه المرحلة المراهق كبير جدّاً، حيث يتقّبل المراهق بسهولة وبسرعة نصائح وإرشادات الأهل، خصوصاً إذا إستطاع الأهل أن ينصحوه بشكل علمي وهادئ بعيداً عن التشنجات والعصبية.

كما يمكن للأهل أن يقدّموا لأطفالهم المراهقين بعض الحقائق العلمية عن التدخين ومنها:
• إحصاءات عن الوفيات السنوية بسبب التدخين.
• إرتفاع نسبة أمراض القلب والشرايين عند المدخنين لا سيّما عند الأشخاص الذين بدأوا بالتدخين قبل عمر الخمسة عشرة.
• يمكن للأهل أن يشرحوا لأطفالهم المراهقين عن مادة النيكوتين التي تؤدي للكثير من المشكلات الفيزيولوجية. وإذا أدمن المراهق على هذه المادة، يصبح سريع التوتر خصوصاً إذا حُرم من التدخين لسبب أو لآخر.
• الأرغيلة تضرّ أكثر من التدخين وأصبحت «موضة» يلجأ إليها المراهقون خلال أوقات فاراغهم. لذا، ينبغي تشجيع المراهق على ممارسة الرياضة وتوجيهه نحو هذا النوع من النشاطات.

وأخيراً، على الأهل أن يكونوا بمثابة قدوة لأطفالهم المراهقين. فلا تنتظروا منه أن يبتعد عن التدخين إذا كان يراكم تدخنون منذ صغره.

المصدر: الجمهورية
استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]