نظم نادي حيفا الثقافي يوم الخميس الفائت أمسية ثقافية تم فيها مناقشة وإشهار رواية "خسوف بدر الدين" للكاتب الفلسطيني الأسير باسم خندقجي ابن مدينة نابلس- الصادرة عن دار الآداب. وذلك وسط حضور حشد من الأدباء وأصدقاء النادي.
كانت البداية لمسة وفاء لطيب الذكر الموسيقار صدقي شكري وذلك من خلال شريط مصور قصير عن حياته.
زين الأمسية معرض لوحات فنية للفنانة التشكيلية صبحية حسن قيس وابنتها الفنانة التشكيلية أصالة حسن من قرية نحف الجليلية.
افتتح الأمسية مؤهلا بالفنّانتين والحضور والمشاركين رئيس نادي حيفا الثقافي، المحامي فؤاد مفيد نقارة قدم بعدها شكره للمجلس الملي الأرثوذكسي راعي الأمسيات الثقافية.
استعرض بعدها النشاطات الثقافية على الساحة داعيا الجميع لحضورها.
تولت عرافة الأمسية بأسلوبها العذب الأنيق، الشاعرة عدلة شداد خشيبون. فقدمت سيرة موجزة عن أعمال الخندقجي الذي بدأ - خلف القضبان- شاعرا، وتحول لكتابة الرواية مخترقا بكتاباته جدران سجنه نحو فضاءات الحرية.
حيث جاء إصداره هذا بعد رواية "مسك الكفاية- سيدة الظلال الحرة" وكنا قد احتفينا بها في نادينا قبل أربعة أعوام، ورواية " نرجس العزلة".
مداخلات
في باب المداخلات، قدم د. أليف فرانش مداخلة بمضامين مميزة حول الرواية عنونها " جدوى الدوران والتأرجح بين الأقطاب" في محاولة منه لرصد بعض الحركات فيها ، ولخصها بتساؤلات حيال حركات الدوران والتأرجح ما تنتهي به الصراع من خيبات مارّة بفعل التقطّب، هل يكتفي خندقجي فعلا بسرد الحدث التاريخيّ مطعّمًا بالأجواء الصوفيّة من كشف، وأحوال، وانخطاف، وحقيقة، ونور معتمدًا على شخصيّة بدر الدين التي احتار التاريخ والمؤرّخون بأمرها، أم يقوم الخطاب الروائيّ في هذا العمل على الإحالة إلى الحالة العربيّة الفلسطينيّة أو الإنسانيّة عامًّة في السؤال حول ما نبحث عنه من معانٍ في تمرّدنا ورفضنا للأمر القائم ولواقع الحال؟ هل هناك جدوى من الرفض والتحدّي، وصفّ الصفوف وتجنيد الناس وراء فكر مهما كان ساطعًا مشرقًا إنسانيًّا وعادلا حتّى، أم أنّ في الدنيا توازنًا ما يفرضه الأقوياء؟ عندها هل تبقى للجذوة الكفاح نفس الجدوى؟ هو سؤال يخترق التاريخ والمستقبل، ويجسم على كاهل الحاضر. إنّه سؤال يحرج الأيديولوجيّات المختلفة، ويضعها عارية أمام النتائج. كما عرّت الخيبة الصراعات، وكما تأرجحت على حوافّ الأقطاب. والمقصود أيديولوجيّات مذهبيّة وسياسيّة علمانيّة ودينيّة، هو ليس بالسؤال الوجوديّ فقط، والدائر حول جدوى الحياة وما فيها من رغبات وأهداف يسعى الإنسان إلى تحقيقها، بل ويسأل عن هذه الجدوى مقابل مبدأ النهاليّة "النهاليزم" وهو مبدأ رفض القيم القائمة، كما قال نيتشة: فالإيمان يعني عدم الرغبة في المعرفة. فهل نحن أمام خطاب كهذا؟ عندها تحمل الرواية أبعادًا خطابيّة وجوديّة ومنهجيّة وحياتيّة ووطنيّة تدعو إلى قراءتها بتروٍّ كبير، وتأنٍّ، وبحزمة كبيرة من النور.
فإنّ كان الأمر كذلك، فهذه الرواية هي كشف حساب عميق للحركة والحركات التي ينتهجها المرء، وهي سؤال مفتوح لجدوى التأرجح مقابل القبول، وجدوى الرفض مقابل الرضوخ، وتقبّل الواقع كما هو.
تلته د. جهينة خطيب بمداخلة نوعية - من خلال معروضة محوسبة- ومقاربة نقدية مستفيضة وشاملة لشخصيتين صوفيتين، بدر الدين محمود في رواية "خسوف بدر الدين"، والحلاج في المسرحية الشعرية "مأساة الحلاج" للكاتب المصري صلاح عبد الصبور. حيث كلتاهما شخصيتان تاريخيتان، نهايتهما واحدة، أسباب قتلهما واحدة، انبهار رجال السلطة بهما واحد، وكلاهما واجها الموت بشجاعة. كما قاربت بين الصراع الذي خاضه كل منهما. وبين الدلالات المشتركة لعنوان المؤلفين. كما أشارت د. جهينة للرؤية المشتركة للمؤلفين من الرواية من خلال توظيف التناص التاريخي. وختمت بما أراده باسم خندقجي وصلاح عبد الصبور من إبداعيهما، ألا وهو، الإنسانية، المساواة بين جميع الأجناس والأعراق، العدل وحرية المثقف.
في الختام كانت مداخلة بقلم د. عادل الأسطة الذي تعذر حضوره بسبب حواجز الاحتلال، قد قرأتها نيابة عنه الشاعرة ريتا عودة. مداخلة شاملة واسعة سلط الضوء فيها على رواية خندقجي السابقة " نرجس العزلة".
بالتقاط الصور للتذكار كان الختام، ولقاؤنا القادم يوم الخميس 28.03.19 في الأمسية التكريمية للفنان عبد عابدي بعنوان "مسيرة فنان"، بمشاركة د. غريت شوروخ، د. جهينة خطيب، الإعلامي نايف خوري وعرافة الناشطة الثقافية خلود فوراني سرية. يتخلل الأمسية معرض أعماله الفنية ومقاطع من فيلم السيرة الذاتية من إخراج د. أمير عابدي.
[email protected]
أضف تعليق