الكاتب: عبد الاله الاتيرة- عضو المجلس الثوري/ فتح
نسعى الى ادارة المرحلة القادمة من خلال حكومة فصائلية، وهذا الامر لم يعد سراً بقدر مخرجات التوافق الممكن على من يقود هذه الحكومة في ظل الصعاب والتحديات التي تجعلنا وبلا تردد نصنف هذه المرحلة على انها الاخطر، وحيث لم يعد الخطر المباشر يتمثل بالاحتلال الاسرائيلي او بالاجندات الالغائية للشعب الفلسطيني والتي تحاول الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة والمتطرفة فرضها لانهاء القضية الفلسطينية، بل تعدى الامر ذلك الى لعب الادارة الامريكية الحالية دورا منحازا بالكامل يعمل على تقويض ونسف المشروع الوطني الفلسطيني باقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس، من خلال تبني طروحات الاحتلال الاسرائيلي ومحاولة فرضها بالقوة والابتزاز، ولعب بعض الاطراف الداخلية كما العربية دورا في تعزيز الانقسام والمشروع الانفصالي لغزة عن الوطن الام وطرحها كمشروع بديل تتساوق انظمة وشخوص لتمريره.
ان هذا الواقع الذي لم يعد غريبا بل أصبح عبئاً على كاهل الرئيس ابو مازن وعلى القيادة الفلسطينية بمختلف اطرها ويستدعي بالمحصلة ايجاد الحلول ودعما اوسع لمنظمة التحرير الفلسطينية بكافة اطرها وتمثيلاتها واجسامها - كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والذي حمل قضيته وما يزال. لذلك، فان الذهاب باتجاه توحيد قيادة مؤسسسات الدولة الفلسطينية ومنظمة التحرير يصبح احد اهم الوسائل والطروحات للخروج من أزمة التشرذم الفلسطيني ومخاطر المشروع التصفوي للقضية الفلسطينية، والذي تتبناه كافة اطر منظمة التحرير التي ستعقد اجتماعها اليوم لتحديد البوصلة بناء على هذا الطرح الذي اصبح ضرورة وطنية لتجاوز الازمة ببرنامج نضالي وسياسي واجتماعي واقتصادي يعمل على طرح الحلول من زاوية المواجهة الممكنة تحت مظلة المنظمة ويقوم على خلق وسائل التمكين الفعلي للمواطنين الفلسطينيين في كافة اماكن تواجدهم وصمودهم لا سيما في مناطق المقاومة والتحدي لتغول الاستعمار الاستيطاني ومشروع دروبليس الذي اقرته دول الاحتلال في العام 1978 وما زال يطبق بحرفيته لمصادرة وتفتيت الضفة الغربية الى جزر واقامة مشروع استعماري يثبت بالدليل القاطع ان دولة الاحتلال الاسرائيلي لم تمتلك يوما مشروعا للسلام بل للاحتلال ومحو الشعب الفلسطيني.
لذلك، ولتجاوز هذه المرحلة بهذه الرؤية الضرورية، يصبح من الواجب اختيار رئيس وزراء بصفات معينة تجعل من عبور هذه المرحلة مسألة فعل وليس اقوالاً، وقضية عمل مهني وليس تنظيرأً ووواقع ادارة للمؤسسات بعقلية اقتصادية حاذقة وليس استعراضا للرسميات على اهميتها.
لهذا، فاننا نريد رئيسا للوزراء يكون ذا خبرة في ادارة المؤسسات مبنية على ثقافة سياسية عالية ورؤية اقتصادية نحو خلق عشرات المشاريع الصغيرة، ونريد رئيسا للوزراء يضع المعلم والتعليم على رأس اولوياته ويذهب باتجاه جعل التعليم اهم وظائف الدولة مكانة وراتبا، ونريد رئيسا للوزراء يبني القضاء ويحارب تداخل السلطات ويعمل على تمكين القضاء على اسس من الشفافية والنزاهة واحقاق القانون دون تمييز او محاباة، ونريد رئيسا للوزراء يعمل على تمكين المرأة ودعمها بنظام قانوني واداري وتشريعي يقدم المناضلة والاخت والكفاءة في اطار الانصاف والفرص المتكافئة وزيادة تمثيلهن في كافة المجالات على ارضية قانونية عادلة ومنصفة، ونريد رئيسا للوزراء دون مواكب، يعتبر الناس بوصلته، ويتحسس آلامهم ويقف في الصف الاول لدعمهم، طفلا وشيخا وامرأة وريفيا وبدويا وعالما وخبيرا، الخ، ونريد رئيسا للوزراء يحمل المشروع الوطني بخلفية سياسية ومعرفية وبشبكة علاقات واسعة لصد الهجمة الشرسة حتى داخل الساحة الفلسطينية ويمهد لاقامة انتخابات عامة وانهاء الانقسام والعمل النضالي والمؤسساتي لاسقاط صفقة القرن، ونريد رئيسا للوزراء يحمل معنا الهم الوطني باسلوب علمي ونظرة ثاقبة بالاقتصاد ويقف جنبا الى جنب مع المقاومة الشعبية ويعمل على تشكيل حكومة كفاءات يمكننا محاسبته ومحاسبتها، ونريد حكومة تكون مكاتبها بين المواطنين، تتبنى رؤى عملية لاتمام المصالحة وتقوم على تبني منهج اقتصادي لادارة الازمات المختلفة وتمكين المواطنين ومنهج خدماتي واضح المعالم لا يستثني الاعلام كمكون حقيقي ولا تقدم ارقاما غير صحيحة لادارة الازمة في ظل حاجتنا الماسة الى مأسسة الخدمات والعلاج والتعليم ودعم قطاعات الشباب والنساء وتحمي الارياف والاغوار باقامة مشارع تمكين الصمود والبقاء والمواجهة.
ان حجم المؤامرة كبير سواء من ناحية الهجمة على السيد الرئيس ابو مازن والتي تشبه ما تعرض له الشهيد ابو عمار، ولهذا فاننا بحاجة الى كسر السياق البعيد عن متطلبات ادارة المرحلة بكل تحدياتها، وباختصار اكبر، يجب ان يرتكز برنامجنا الوطني لتجاوز الازمة على رئيس للوزراء من مركزية فتح يحظى بالاحترام والتقدير من كافة القطاعات لا سيما الشباب يعمل على ادارة الازمة بأقل عدد من الوزراء لتقليص النفقات الاستنزافية للخزينة في ظل الابتزاز الامريكي المتمثل بالتهديد بقطع المساعدات وتهديد خدمات الاونروا واستهداف الدول الصديقة والداعمة للحق الفلسطيني وعلى تعزيز الزراعة التي تعتبر عصب الصمود الوطني ولا تبلغ حصتها في الموازنة الحالية اكثر من 1% ودعم التعليم والصحة والارتكاز على حكومة كفاءات وطنية ومهنية نزيهة تعمل على خلق وتنفيذ برنامج تكافل ونضال وطني.
لا نقول بان ما تم تقديمه حتى الان محل طعن او تشكيك، لكننا نمر بانعطافة خطيرة في قضيتنا تتطلب اجتراح البدائل والخروج بادوات لادارة المرحلة القادمة وبشكل لا يحتمل التهاون او التراخي وبرؤية ادارية موحدة للازمات والتحديات.
[email protected]
أضف تعليق