أسبوع حافل في المشهد الفلسطيني الداخلي، على خلفية القرار بتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، هذا القرار الذي جاء بدوره على خلفية تداعيات هذا المشهد، اثر حل المجلس التشريعي وإعلان حركة حماس عدم أهلية الرئيس للرئاسة، وفي جوانب هذا المشهد، سحب السلطة الوطنية لطاقمها في معبر رفح الذي تم إغلاقه لفترة للسفر من القطاع قبل ان يستأنف العمل بالاتجاهين قبيل أيام، وكذلك ما تعرض له تلفزيون فلسطين من تحطيم لمحتوياته.
في قلب هذا المشهد هذه الأيام، الاجتماع الثلاثي الذي ضم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، ورئيس الوفد الأمني المصري اللواء احمد عبد الخالق ومبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف في مدينة غزة، الامر الذي اعتبره إسماعيل هنية غير مسبوق، اذ انها المرة الاولى التي تجتمع بها هذه الأطراف الثلاثة، غير اننا نعتقد ان اهمية وربما خطورة هذا اللقاء الثلاثي تتعدى الشكل الى المحتوى والمضمون، كونه يتقاطع مع جملة من الاحداث المرافقة له.
في هذا السياق، لا بد من ملاحظة ان وفداً دبلوماسيا اوروبيا، قد اجرى مشاورات ومباحثات مع حركة حماس في قطاع غزة، قيل انه بحث ثلاث مسائل: التهدئة مع الاحتلال، فتح معبر رفح، وإجراءات السلطة في قطاع غزة، وأهمية هذا الاجتماع تتعلق بعدة إشاعات تم تداولها طيلة الفترات الماضية، حول توجهات محتملة من قبل بعض الجهات الدولية، من بينها، وربما على رأسها، الاتحاد الأوروبي، او بعض دوله، لتجاوز السلطة الوطنية في التعاطي مع الملفات المتعلقة بقطاع غزة، وما تم تداوله إزاء هذه المسألة، بربط بين إعلان الاتحاد الأوروبي عن «قلقه» ازاء الإعلان عن حل المجلس التشريعي، وهو إعلان غير واضح، لكنه مع ذلك يمكن اعتباره مؤشراً على مدى تردده إزاء تعقيدات المشهد الفلسطيني من ناحية، كما يعكس اهتمامه بأن يكون له دور واضح كلاعب على هذا الملف الداخلي الفلسطيني وثيق الارتباط بملف العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية.
في سياق المشهد الفلسطيني هذا، دعوة عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومركزية فتح عزام الأحمد، الى اعلان قطاع غزة اقليماً متمرداً، معتبراً ان هذا الإعلان يلتقي مع قرار تشكيل حكومة فصائلية، حكومة وحدة وطنية، بهدف تقويض سلطة حماس في قطاع غزة، يقول الأحمد، ان هذا رأيه الشخصي، مع ذلك لا بد من ان يؤخذ هذا الإعلان بالاعتبار خاصة وانه المفوض بملف المصالحة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، وهذا الرأي، سبق وان تم تداوله مرات عديدة طيلة السنوات الماضية، خاصة وان الإجراءات التي اتخذت ازاء موظفي السلطة في قطاع غزة، من تقليص الرواتب الى قوائم التقاعد المبكر وسلسلة إجراءات أخرى، قد عززت عملياً من ترجمة هذه الدعوة من الناحية العملية.
حركة حماس بدورها، تبحث في كيفية تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الكل الوطني في القطاع والضفة الغربية، بالتزامن مع اجراء انتخابات عامة وشاملة، رئاسية وتشريعية ومجلس وطني، حسب عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، واذا أدركنا ان هذا البحث لن يؤدي الى اية نتيجة نظراً لاستعصاءات هامة تعترضها، من أهمها موقف فصائل منظمة التحرير الأساسية التي رفضت المشاركة في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي اعلن عنها الرئيس، وهو ذات الموقف الذي من المفترض، إزاء ما تبحثه حركة حماس، الا ان هذه الدعوة تأتي في إطار رد اعتراضي على قرار تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الأخير.
إزاء هذا المشهد، فإن الأحداث المشار اليها والتي اجتمعت خلال الأسبوع الحالي تنقل الوضع الفلسطيني الى مرحلة جديدة، تعزز الانقسام لصالح الانتقال الى انفصال تام وناجز، مهما كانت تصريحات الحرص على المصلحة الوطنية قادرة على تزييف حقيقة ما يجري من جهود لإضعاف الموقف الفلسطيني، هذا المشهد يعزز من قدرة إدارتي ترامب ونتنياهو على تمرير صفقة القرن، وهذه المرة، من خلال عملية الانفصال التي يتم الآن، صياغة شهادة وفاة استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
[email protected]
أضف تعليق