فقدت شفاعمرو مطلع الأسبوع الحالي، رجلا مميزا من رجالاتها وهو المرحوم هاني الدعقة (أبو نايف) عضو البلدية السابق.
عرفت أبا نايف منذ ما يربو عن ثلاثين عاما، وكانت المرة الأولى التي عرفته بها من خلال عمله مسؤولا في شركة سفريات وسياحة، وكانت بداية الرحلات الى مصر وكنت متشوقا لزيارتها، وعلمت من صديق بأن مجموعة ينظمها السيد هاني ستقوم بزيارة الى مصر فلم أتردد بالمشاركة، ويومها بدأت معرفتي بالسيد هاني وبدأت أتعرف الى ما يميزه كانسان.
وفي مرحلة لاحقة تعرفت اليه كعضو بلدية، يمثل قائمة جديدة ظهرت في البلدة آنذاك وكان من مؤسسيها وقادتها وأول من مثلها في عضوية البلدية، وبالطبع كانت القائمة شبابية وحملت اسم "الشباب للتغيير والتوحيد" وكانت فعلا عنوانا للتغيير بنهجها ورؤيتها وأعمالها، فهي أول القوائم الأهلية التي تحدت العائلية وكسرت مفهوم العائلات الكبيرة المهيمنة في الانتخابات، وأرسلت بشباب من عائلات ليست كبيرة العدد وجعلتهم ممثلين وأعضاء في البلدية ومواقع أخرى، ورسخت الديمقراطية الداخلية بانتخاب مندوبيها ووضع دستور يمنح رئيس القائمة دورتين فقط. وساهمت القائمة بقيادتها الشبابية آنذاك وفي مقدمتهم هاني دعقة ومعه الأستاذ حاتم حسون – أطال الله في عمره- في كسر الحواجز والالتقاء بقوائم وقوى من طوائف وأحياء البلدة في التعاون، وأرسوا الأسس للعمل المشترك داخل البلدية وأحدثوا تجديدا فيه، وقامت تلك القوى بإصدار نشرة محلية لاطلاع المواطنين على ما يدور في أروقة البلدية وكانوا طلائعيين في تلك المهمة.
لا يمكن الحديث عن هاني الدعقة وايفاؤه حقه بمقال واحد، لذا سأشير إلى خصلتين تميز بهما- كما لسمتهما عنده- وهما حسن الأخلاق والشجاعة.
أظن أن شاعرنا الفلسطيني قصد راحلنا عندما قال:
أيموتُ ذو الخلق العظيم لشدّ ما أقسى المنون
تميز المرحوم هاني بالأخلاق العالية وشهد له الجميع بذلك، وبالطبع فان أخلاقه السامية أدت به الى إقامة شبكة علاقات واسعة مع الناس، من مختلف المشارب والبلدات والمذاهب والمعتقدات، وحظي باحترام كل من عرفه لما قدمه من أخلاقيات عالية في النهج والسلوك والمعاملة.
والخصلة الثانية التي تميز بها راحلنا ولا تقل أهمية عن الأولى، هي الشجاعة التي نبعت من صواب الرأي، الذي دافع عنه بشجاعة مطبقا مقولة شاعر العرب الأول، المتنبي:
الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني
فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ
وفعلا جمع هاني بين الرأي والشجاعة، لأنه كان صاحب نفس حرّة لم تخضع لتهديد أو لاغراء، وكنت شاهدا على عدة مواقف تعرض لها المرحوم، أثبت فيها شجاعته النادرة في الوقوف عند رأيه وعقيدته ولم يتنازل ولم يساوم. وفي تلك المرحلة قابلت المرحوم عدة مرات في بيته وفي مواقع أخرى لأحاديث ولقاءات صحافية حيث عملت في الصحافة المكتوبة في تلك الفترة، ووجدتني ألتقي معه في مواقف وأفكار كثيرة، والتقينا فعلا في نشاطات وأعمال محلية وكان دائما السباق للعمل دون تردد أو مهابة، وخاصة في رسم مستقبل مغاير لشفاعمرو، التي أحبها وخدم أهلها سواء من خلال عضويته في البلدية ( في صفوف المعارضة) أو في المجالات الأخرى.
رحم الله راحلنا فقيد شفاعمرو هاني الدعقة (أبو نايف)، وألهم عائلته ورفاقه وأحباءه الصبر والسلوان.
[email protected]
أضف تعليق