القائمة المشتركة شكلت تعبيرا عن توجه الكثيرين من الجماهير العربية في البلاد والذي يتوق الى عمل وحدوي لا يشكل بديلا ليس للأحزاب فحسب، وانما بديلا للاقتتال الحزبي والتناحر الذي افقد الكثيرين كذلك من الجمهور العربي في البلاد ثقته بالأحزاب كبديل وحيد لخوض النضال السياسي باسم الجماهير العربية في البلاد.
وحدة المختلفين
رغم اختلافي مع المعتقدين بضرورة وجود قائمة واحدة تخوض الانتخابات للكنيست، الا انه لا يمكننا الانكار ان القائمة المشتركة شكلت بارقة امل للجمهور الذي ابتعد عن العمل الحزبي، الا ان القائمة المشتركة ووفق استراتيجية إعلامية جماهيرية خاطئة فقد افقدت الأحزاب الوانها داخل القائمة المشتركة وبهذا فقد خف وهج كوادرها وناشطيها وكان ذلك بارزا خلال الانتخابات السابقة للكنيست.اذ تم بناء تصميم وحدوي للقائمة المشتركة والذي لم يأخذ بعين الاعتبار أهمية ابراز وحدة المختلفين من خلال ابراز الوانهم الحزبية التي تشير الى انتماءاتهم الفكرية وكأن الاستراتيجية كانت اذابة للاختلاف واخفاؤه رغم الحاجة لإظهار ان الوحدة هي تكتيكية وهي استراتيجية مواجهة وهي وحدة المختلفين وان كانت هناك العديد العديد من أوجه التشابه.
ان هذا التغييب للحزبية ضمن القائمة المشتركة أدى الى تراجع نشاط ناشطين حزبيين ومنهم من رفض أصلا مبدأ بناء المشتركة بما جمعت من الوان فكرية وقد كان لتغييب أعلامهم من المنافسة الحزبية اثر كبير على حماسهم ولم يعد هناك علم يثير شغفهم وغرائزهم الحزبية وكنت قد شبهت غيابه خلال الانتخابات الأخيرة كغياب العلم الذي يثير الثور ويهيجه وهذا اشد ما تحتاجه الأحزاب لتحريك كوادرها وجذب مصوتيها
غير الحزبيين في القوائم الانتخابية
حين نتحدث عن تغييب الوان الأحزاب فلا بد من الحديث عن مجموعة لا بأس بها في الجمهور التي لا تثق كفاية في الأحزاب لتعطيها صوتها وهي تبحث عن أعلام أخرى وغالبا هي تطرح إمكانية دمج شخصيات غير حزبية ضمن تركيبة القائمة المشتركة وانا اعتقد انه كوننا في وضعية تراجع العمل الحزبي فلا بد من تقوية القائمة المشتركة بمرشحين وحتى ان كان بمرشح غير حزبي واحد (مع إمكانية المحافظة على وحدات التمويل للأحزاب لكي لا يتحول عضو الكنيست الغير حزبي الى حزبا جديدا) وذلك لفتح الباب امام مجموعات مصوتين جدد او تثبيت المترددين بالتصويت للقائمة المشتركة.
في وضعية اليوم واحتمالات ان يتم خوض الانتخابات القريبة في قائمتين المشتركة كقائمة أولى والعربية للتغيير مع قوى أخرى كقائمة ثانية، فأن هناك حاجة لتقوية القائمتين بمرشحين غير حزبيين ضمن المقاعد القريبة للنجاح واعتقد ان هذا سيزيد احتمالات ان تحقق القائمتين في حال ارتباط فائض أصوات بينهما نجاحا بالحصول معا على 15 عضو كنيست ممكن ان تشكل الجسم المانع لتشكيل حكومة يمينية متطرفة بعد الانتخابات القريبة.
تراجع العمل الحزبي على حساب الظهور الشخصي
ساهمت الأحزاب والحركات السياسية في العشرين سنة الأخيرة في اضعاف وتراجع دورها الجماهيري من خلال ممارسات غير سليمة وخصوصا في الفروع من خلال الانتخابات للسلطات المحلية ولكن هذا التراجع هو كذلك بفضل التطور التكنولوجي وتطوير وسائل الاعلام المجتمعي والاعلام المرئي التي اضعفت الكلمة والعمل الجماهيري واعطت مجالا غير محدودا للظهور الشخصي وظهور النجوم في عز ساعات النهار وليس فقط في ساعات الليل. اذ بإمكان الأشخاص الراغبين في البروز والظهور استثمار الإمكانيات المادية القليلة نسبيا تعويضا عن الامتداد الحزبي المحلي ومن خلال وسائل الاعلام المجتمعية بالإمكان الوصول الى كل شخص بشكل شخصي ولهذا تأثير كبير على تحشيد المعجبين والمتابعين. اضف الى هذا انه تم تطوير اليات النضال والتغيير من خلال مؤسسات العمل المدني واصبح الجمهور لا يرى بالأحزاب البديل الوحيد الذي من خلاله بالإمكان تحقيق التغيير المجتمعي والسياسي على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي.
ما العمل؟
المعادلة الصحيحة هي تلك التي تنجح بالدمج بين كل هذه المركبات والاليات والتي تعي انه لا مجال لتغييب العمل الحزبي وانما ترى أهمية تطويره باستعمال اليات العمل المختلفة وبضمنها مؤسسات المجتمع المدني، التي لا تسعى لتبديل الأحزاب وانما تعمل بتناسق وتنسيق تام معها وهي كذلك المعادلة التي تعبر عن السياسي اللا حزبي وتتيح لكل هذه المركبات للتفاعل لتشكل نموذج نجاح في أساسه رفع رغبة الجمهور في التأثير من خلال التصويت بهدف التغيير السياسي والاجتماعي أي بالتأثير في اعلى درجاته وليس فقط من اجل التمثيل السياسي مع أهميته الكبرى.
[email protected]
أضف تعليق