مع بدء العام الجديد ، ظهرت حكومة اسرائيلية تعتمد على أغلبية هشّة ، ورغم ذلك فهي تقترب من كامل ولايتها . هل يكفي هذا الانجاز بالبقاء والصمود؟ في المبنى الهرمي لأهمية مجالات العمل واسهاماتها لصالح مواطني الدولة – فان الامن والنهج السياسي يضمنان الحياة ، بينما الاقتصاد والصحة يضمنان جودتهما المادية وتقاسمها . المجتمع ، الثقافة والتعليم والتربية تشكل جوهر وهدف حياتنا وجودتها الروحانية. على هذه الاصعدة يجب اختبار عمل الحكومة وأنشطتها .
ان المزج السليم بين الامن والنهج السياسي يتحقق بتثبيت هذا النهج كأداة لتحقيق الامن والرفاه للمدى البعيد . رجال السياسة يستخدمون الأذرع الأمنية كأداة لتطبيق النهج السياسي . على هذا الصعيد فشلت الحكومة في وظيفتيها : ان كان في وظيفة اتباع السياسة الفاعلة الناجعة الكفيلة بتجنّب المواجهات العسكرية ، أو ان كان في مجال نهج تفعيل واستخدام القوة . التحدي الامني ينبع حالياً من الجمود في مسار التسوية والحل الوسط ، او الحل الدائم للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني . حكومة نتنياهو تسهم بشكل فاعل في تعميق الجمود من أجل تجنّب التسويات التي تضع الصعوبات أمام الائتلاف مع اليمين القومجي المتطرف.وفي مجال تفعيل واستخدام القوة ، ينشا الانطباع بأن النجاحات المتواضعة للجيش الإسرائيلي نابعة من كفاءاته المهنية ، رغم وجود مجلس وزاري منقسم وبعيد عن المهنية .
الاقتصاد ، بالإضافة الى زيادة مدخولاته ، نما وتعاظم في السنوات الاخيرة بفضل الاتساع اللافت في الصناعة التكنولوجية الغنية بالمعلومات والمعرفة ، على الصعيدين – الشخصي والعام .حدث هذا الاتساع رغم العراقيل الدائمة المتمثلة بغياب سياسة التشجيع الحكومي المناسب ، ورغم السياسة العامة المتمثلة بتضييق وتقليص اسواقنا التكنولوجية الرائدة في دول العالم . ان خسارة قدرة الجذب الاسرائيلية في العالم الغربي لا يتم اصلاحها بواسطة اقامة علاقات مع دول من شاكلة تشاد وعُمان ، فهما ليستا حقاً سوقاً بديلة لأوروبا . في مجال التخطيط الاقتصادي ، تفضّل الحكومات "شركات حديثة للبيع" تدفع ضريبة سريعة في عهد الحكومة الحالية ، بدلاً من أن تفضّل تشجيع صناعات ثابتة تواصل العمل في البلاد على مدى سنين . الهايتك أيضاً ينمو بفضل مبتكرين بمعزل عن الحكومة.
تعاني مجالات الصحة والطب والتعليم من نقص في الموارد القومية ، ومن "دفن" عشرات المليارات من الاموال في ظل استمرار الامساك والسيطرة على الضفة الغربية . في حال استعدادنا للانفصال عن الضفة ، نستطيع ان نستخدم لصالح مستوى معيشة الفرد والأسرة ، توفيرات وفوائض بقيمة عشرين مليار شيكل من الانفاق على الأمن، وكذلك حوالي خمسين ملياراً أو اكثر على شكل تعاون اقليمي هو بانتظار مشروع التسوية الإسرائيلية – الفلسطينية .
على الصعيد الاجتماعي الاخلاقي هنالك مشكلة حادة لكل مواطن تهمّه الاستقامة والصدق والعدالة . هل المواطن على استعداد للتصويت لرئيس حكومة ، لا أحد يدري ان كان سيتضح بعد الانتخابات أنه مُدان قضائياً ؟ ألم نملّ ونسأم من السياسة الانتخابية ، وسط إهمال النهج السياسي العام للحكومة والنظام ؟ مع نشر أخبار الانسحابات والانقسامات في الأحزاب ، يبدو اكثر من أي وقت مضى ان منتخبينا وممثلينا يهتمون بالناخب في يوم الانتخابات ، لكنهم يتجاهلونه كمواطن بعد ذلك.
(ترجمة :غسان بصول)
[email protected]
أضف تعليق