ان الايمان المشترك باللّه، هو انطلاقنا لخدمة الانسان، وخاصة فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، لقد خلق الله تعالى البشر على مستوياتٍ مختلفةٍ من الصحة والقدرات، وجعل كلاً منهم يحتاج الآخر، وتم إطلاق مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة على من يفتقدون لإحدى الحواس التي تؤثر في حياتهم، بدلاً من لفظ المعاقين لما له من أثرٍ سلبي عليهم، وزاد الاهتمام بهذه الفئة المحرومة من الأشخاص في الآونة الأخيرة، ولجأت الكثير من الدول إلى تخصيص منظّماتٍ خاصةٍ بهم بحيث تراعي شؤونهم وتلبي احتياجاتهم مثل هيئة الأمم المتحدة، فقديماً كان يُنظر إلى مثل هؤلاء الأشخاص بنظرةٍ غير جيدة، ويحاول الكثير تجنبهم وهناك من الأهالي من كانوا يحبسون أبناءهم؛ لذلك لم يجدوا فرصةً لهم لممارسة حياتهم بشكلٍ طبيعي، ولكن مع زيادة تسليط الضوء عليهم أصبحوا يمارسون حياتهم كالأصحاء ويحصلون على حقوقهم كاملةً، فقد أصدرت الأمم المتحدة المواثيق التي تضمن حمايتهم وتأمين سبل الحياة الكريمة لهم، حيث من حقهم الطبيعي الاستمتاع بالحياة كالأشخاص الأصحاء .
الإسلام وذوي الاحتياجات الخاصة :
نادى الإسلام منذ أربعة عشر قرناً بالمحافظة على ذوي الاحتياجات الخاصة وأعطاهم حقوقهم كاملة في إنسانية أخاذة ، ورفق جميل ، مما أبعد عنم شبح الخجل ، وظلال المسكنة ، وجعلهم يعيشون فى المجتمع كأفراد ناجحين بل أن البعض منهم وصل لكونه صار قصة نجاح يحتذى بها .. بل إن الإسلام لم يقصر نداءه الإنساني على المعوقين فقط ، بل امتد النطاق فشمل المرضى عامة ، واستطاع المريض - أياً كان مرضه - أن يستظل براية الإسلام التي تحمل في طياتها الرأفة والرحمة والخير ، وأن يتنسم عبير الحياة ، في عزة وكرامة ، كما أن الإسلام لم يقصر هذا النداء على مناسبة خاصة بالمعوقين لأن القواعد التي أرساها الإسلام سارية المفعول منذ أن جاء بها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
يقول الدكتور عبد الله ناصح علوان فى كتابه التكافل الاجتماعي في الإسلام :- ( إن الإسلام ينظر لذوي الاحتياجات الخاصة نظرة مختلفة تمامًا عن نظرة الغرب ؛ فهؤلاء النمط من العاجزين وأصحاب العاهات يجب أن يلقوا من الدولة وأبناء المجتمع وذوي اليسار والغِنى كل رعاية وعطف ورحمة ؛ تحقيقًا لقوله عليه الصلاة والسلام :- ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم :- ( ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادِّهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضوٌ منه تداعى له سائر جسده بالسَّهَر والحُمَّى )ولنا أن نقول أنه في ظل الإسلام وصل ذوو الاحتياجات الخاصة إلى أعلى المراتب فكان منهم العلماء والمحدثون ، مثل :- ابن عباس وعاصم الأحول ، وعمرو بن أخطب الأعرج ، وعبد الرحمن الأصم ، والأعمش ، وغيرهم.
الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنه :-حَبْر الأمة وترجمان القرآن الذي استطاع أن يجمع العلم في زمانه حتى أصبح مرجع الأمة في العلم الشرعي على مر الزمان، بل أصبح المبصرين يسألونه ويستفتونه في مسائلهم الخاصة، على الرغم من فَقْده لحاسة البصر. يقول ابن عباس في وصف حاله:
إن يأخذ الله من عيـني نورهمـا *** ففي لساني وسمعي منهما نـور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي عـوج *** وفي فمي صارم كالسيف مأثور
الديانة اليهودية:
فقد أشارت إلى عدم قتلهم لأنهم هبة من الله يجب المحافظة عليهم والإحسان لهم , فقد نظرت إلى الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة نظرة إشفاق ورحمة وأنهم في رعاية الله أو في كنف السماء .
المسيحية وذوي الاحتياجات الخاصة:
وجهة نظر الكنيسة :
ذو الاحتياجات الخاصة مخلوق على صورة الله ومثاله، وكونه معاقاً لا يشوّه صورة الله فيه، بل بالعكس يجعلها أكثر نوراً وأكثر لمعاناً! يعرف هذا كل معاق إن كان يحبّ الله وأكثر المعاقين هكذا، وأيضاً كل الأشخاص القديسين الذين صرفوا وقتاً، جهداً أو مالاً من أجل رعاية الأشخاص المعاقين والاهتمام بأمورهم.
المشكلة الكبيرة السائدة في مجتمعنا هي أننا لا نتبنى الموقف الكنسي الواضح في الكتاب المقدس وننظر إلى الإعاقة وليس إلى الشخص، ونعامل الشخص المعاق – سواء كانت معاملة مساعدة أو تعامل يومي عادي أو حتى سخرية أحياناً – بالنظر إلى إعاقته فقط لا إلى أنه مثل غيره على صورة الله ومثاله.
نجد أيضاً في العهد القديم قصة النبي ارميا الولد الخجول والذي كان لا يستطيع أن يعبر بطلاقة عما يريد “آه أيها السيد الرب ها أنا ذا لا أعرف أن أتكلم لأني ولد” فكان أن اختاره الرب ليوصل كلامه لشعبه ” ثم مد الرب يده ولمس فمي وقال لي : هاأنذا جعلت كلامي في فمك “( ارميا 1 :4-9).
وعلى الرغم من أن المجتمعات تفاوتت في وجهة نظرها نحو هؤلاء الأشخاص ألا انه لم تبذل جهود مؤسسية منظمة لتقديم الخدمات التربوية والتعليمية والصحية لهم ألا مع حلول القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فقد كانت تقدم لبعض فئات الأشخاص ذوي الإعاقة خدمات الإقامة الكاملة بعيداً عن المدن ، ثم شهدت العقود الأخيرة في القرن العشرين اهتماماً واسعا و شاملاً بهم حيث استطاعوا أن يعبروا عن حاجتهم ومشكلاتهم ، واكتسبوا الكثير من الحقوق التي تساويهم بغيرهم من أبناء المجتمع من خلال سن التشريعات والقوانين .
كارم عيادات
مدير المجتمع العربي
جمعية كيشر – تواصل
بيت العائلات الخاصة
[email protected]
أضف تعليق