أنا أعمل حاضنة أطفال (מטפלת במשפחתון) منذ ثمان سنوات، أنا أبدل وسطياً 6 حفاظات (חיטולים) يومياً لأطفال حضانتي، خلال السنوات الماضية بدلت ما يقرب 12480 حفاظة بمعدل 1560 حفاظة في العام. إذا استمريت في عملي هذا حتى عمر 62 فأنني سأبدل خلال سنوات عملي ما يقارب 37440 حفاظة. هذا هو الجزء السهل من عملي، مقارنة بالتفاصيل الأخرى من طعام ونظافة وتعليم وبكاء ومراقبة التطور في الكلام والمشي وكافة المجالات الأخرى، عدا عن كل هذا المسؤولية الكبيرة في ان نبقيهم في أمان، وأن نعزز شعورهم بالثقة وتدريبهم على التفاعل والمشاركة.
سوف أخرج في يوم ما من عملي هذا مشققة اليدين، منهكة وحزينة، وحبي وشغفي الذي وزعته على عشرات الأطفال والرضع سيخبو بين وحدتي ومعاناتي ومصيري المجهول.
سوف أستقبل سنوات عجزي خالية الوفاض، دون صندوق تقاعد ولا أية حقوق أو ضمانات اجتماعية، ولا حتى واحد في المئة مما تغدقه الدولة على المعلمين والمعلمات مثلاً، أو على العمال والأجيرين على تنوع أعمالهم.
فأنا وآلاف الزميلات في هذا العمل الصعب الذي نحبه ونقدسه، لا نحن معرفين كأجيرين (שכירים)، ولا نحن مستقلين (עצמאים)!
تريد الدولة منا كل شيء وتتدخل في ادق تفاصيل يومياتنا بمراقبة حثيثة ومتطلبات لا تنتهي، ولا تلتزم تجاهنا بأي شيء في المقابل. هذا النمط العجيب من الشغل لا شبيه له في إسرائيل ولا في مختلف الدول المتحضرة، وهو استغلال محض تمتد جذوره البعيدة إلى أيام العبودية.
أنا أعمل احدى عشر شهراً ونصف في العام، ليس لدي عطلة شتاء ولا عطلة ربيع ولا عطلة صيفية باستثناء الربع الأخير من العطلة الصيفية للمدارس (من 14 وحتى 31 من نفس الشهر آب أغسطس كل عام). (18 يوما). هذا العام والذي قبله مثلا صادف عيد الأضحى المبارك خلال هذه العطلة، ولا يتم تعويضنا بيوم عطلة واحد بدلاً عنه.!
لدينا أيضاً 12 يوم عطل أعياد في العام بالإضافة الى يومين دوام حتى الساعة الواحدة. لا يندر أن تصادف هذه الأعياد في أيام العطل الأسبوعية.
في المحصلة أنا وزميلاتي الحاضنات نعمل 260 يوماً كاملاً في العام مقارنة بالمعلمين الذين يعملون 180 يوماً!
الفارق بيننا كبير جداً 80 يوماً فقط!!!! يوم العمل عندنا طويل جداً، يمتد إلى 10 ساعات مرهقة.
ليس لدينا أيام عطلة مرضية، ولا نقاهة، وإذا مرضت فجأة يجب أن أقاوم مرضي وأعمل أو عليّ أن أحضر بديلة عني وأدفع لها أجرها من جيبي الخاص.
آه.. نسيت أن أذكر لكم أنهم منحونا الحق بانتقاء ثلاثة أيام عطلة في العام.. يا للبهجة! لكن بشرط ألا تكون متواصلة.
حتى عام مضى كنا ممنوعين من السفر طوال العام باستثناء العطلة السنوية المقررة (18 يوما بين 14 – 31 آب أغسطس).
هذا العام أغدقوا علينا بعطاء نادر: خمسة أيام متواصلة في السنة للسفر شرط أن تكون الحضانة مفتوحة وفيها بديلة ندفع لها من حسابنا الخاص!
أما عن أجري الشهري فهو الحد الأدنى للأجور في إسرائيل. وعلى الغالب أقل من ذلك، فنحن نتحمل أيضاً مسؤولية جباية قسم من المبلغ من الأهالي مباشرة، وغالباً ما نضطر لحسومات تقديراً لأوضاع الأهالي، كما أنه لا يندر ان نواجه صعوبات في الجباية من البعض.
قد ينقص الأجر الشهري بشكل دراماتيكي إذا ما نقص أطفال الحضانة طفل أو طفلين، عندها سوف تستمر الحاضنة في العمل بنفس الشروط ونفس الساعات وأجر قد يصل إلى النصف دون أن تشعر الدولة بأي حرج!!
عندما تقرر الدولة، أية دولة، احترام عمل ما فإنها تعبر عن ذلك بشروط عمل محسنة، بأجور مجزية وضمانات اجتماعية وتأمينات كاملة واهتمام برفاهية العامل من مختلف جوانبها مثل أيام العطل والمنح والكثير من الامتيازات الأخرى. هذه الامتيازات التي تمكن العامل من الاستمرار وتزيد من قدرته على العطاء والبذل والتفاني في سبيل عمله.
هذا ما أعطته الدولة للمعلمين والأطباء والكثير من المهن الأخرى، وهذا ما حصلوه بنضالاتهم واجتهاد نقاباتهم. وهذه الإنجازات لا تعبر فقط عن احترام الدولة للعاملين، إنما هو تعبير أيضاً عن احترامها للجمهور العريض، للطلاب والمرضى وعموم الناس المستفيدة من الخدمات.
في حالتنا الرهيبة لا تعبر الدولة حتى الآن عن احتقارها لمهنتنا فحسب، إنما تعبر بإذلالها لنا عن ازدرائها لجمهورنا العريض: للأمهات العاملات حتماً، وللأطفال والرضع الذين نحتضنهم قبل أي طرف آخر! إنها تقول لهم بفضاضة أنتم أقل أهمية من باقي البشر.. لستم أولوية، ولن نحترمكم قبل أن تتقنوا فن الكلام والاحتجاج والتمرد.
فهل سيرتقي الوزراء المعنيون في 23 من الشهر الجاري لمستوى القضية؟
ملاحظة أخيرة خارج السياق لكن لا بد لي من ذكرها، لسنا معتادين في الجولان المحتل على ممارسة هذه اللغة المطلبية مع دولة الاحتلال، لكنني أعيش وأعيل أولادي من هذا العمل اليومي وقد أبقى أعيش همومه حتى يوم مماتي، وعندما أتكلم عن حقوق هذه الشريحة من العاملات فإنني بعيدة جدا عن السياسة وهمومي تشابه هموم كل عاملة في هذا المجال من مجدل شمس إلى اقصى الجنوب. ولا أستطيع أن ادفع عن نفسي الشعور بالانتهازية إذا ما آثرت الصمت فيما تناضل أخريات من أجل حقوقي.
[email protected]
أضف تعليق