أخيراً منيت واشنطن بهزيمة في الجمعية العامة على الرغم من الضغوط التي مارستها بشكل واسع على غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مستخدمة سياسة العصا والجزرة لإنجاح محاولة مندوبة أميركا في الأمم المتحدة نيكي هايلي تقديم هدية لإسرائيل قبل مغادرتها منصبها.
المجتمع الدولي رفع صوته، وإن بخجل، وصوت بـ»لا»، ضد نعت حركة حماس بالإرهاب، واستنكار إطلاق الصواريخ على المستوطنات داخل الخط الأخضر.
القيادة السياسية وبتوجيهات من الرئيس، أكدت أنها ستكثف جهودها حتى لا يمر القرار الأميركي المعادي للشعب الفلسطيني وقضيته، خاصة أن الولايات المتحدة الأميركية لا ترى إلا بعين واحدة، فهي لا ترى الصواريخ الإسرائيلية وطائرات أف 35 وهي تدمر قطاع غزة.
موقف القيادة خفف كثيراً من الانتقادات الموجهة إلى السلطة في الأسابيع الأخيرة على خلفية قانون الضمان الاجتماعي الذي بات الحديث اليومي للشارع الفلسطيني.
أما موقف حركة حماس من التوجه العدائي الأميركي باستصدار القرار فقد كان أضعف من قدرتها على مواجهته بشكل منفرد أو حشد الرأي العام الدولي لمعارضة القرار الأميركي. على اعتبار أن حماس فصيل معارض وليس سلطة أو حكومة شرعية معترفاً بها عالمياً.
حركة حماس تدرك اليوم أن القيادة الفلسطينية والرئاسة كانت أكثر من مجرد درع لها، ومحافظ عليها، على الرغم من الانقسام المرير والحرب الإعلامية المتواصلة التي تجاوزت حدود التخوين والترهيب...
يجب على حماس اليوم إعادة التدقيق بشكل جدي في مواقفها السابقة وعلاقتها بالقيادة والسلطة الوطنية بشكل عام، وأن تعي أن الوحدة الوطنية والحفاظ على الإنجازات هما من يستطيعان الوقوف في وجه الهجمة الأميركية والاعتداءات الإسرائيلية.
أما بالنسبة لباقي الفصائل المؤثرة، فيجب عليها أن تعي هذا الدرس، وتقوم بدور أكثر إيجابية لإنهاء الانقسام، وإيجاد نقطة انطلاق حقيقية قائمة على المشاركة في صنع القرار، وتحمل مسؤولياتها الوطنية في ظل هذه المرحلة الحساسة.
من المهم أيضاً ملاحظة أن التصويت حمل عدة سلبيات يجب أن نعترف بها حتى نتمكن من إصلاح الخلل وإعادة التوازن إلى العلاقات الفلسطينية مع المجتمع الدولي.
أولى نقاط الضعف هي تصويت الاتحاد الأوروبي بشكل كامل لصالح مشروع القرار الأميركي، وهذا موقف غير مسبوق، في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من اعتداءات إسرائيلية من سياسة التهجير القسري وتدمير المدارس والبيوت والاستيطان.
كما أن تصويت بعض الدول التي اعتبرت تاريخياً مؤيدة للقضية الفلسطينية لصالح المشروع، يعتبر مؤشراً سلبياً آخر، ولعل حالة الانقسام وعدم النظر إلى المقاومة الفلسطينية كمقاومة ثورية كما كانت عليه في ستينيات وسبعينيات وحتى ثمانينيات القرن الماضي كان سبباً في هذا الانحراف، اليوم كثير من الأنظمة العالمية تنظر إلى مصالحها، ومن الواضح أن مصالحها مع إسرائيل وأميركا.
درس آخر هو الموقف الأميركي الذي مني بانتكاسة وأثبت أن الأمم المتحدة ما زالت قادرة على مواجهة شعبوية ترامب.
من الواضح أن هناك إمكانية لمواجهة المواقف الأميركية وعلى رأسها صفقة القرن، إذا ما اعتبرنا أن انتصار فلسطين ليس انتصاراً لحزب أو حركة أو مجموعة ما وإنما للشعب بأسره، إذا ما تأكدنا أننا قادرون على تحقيق الإنجازات بوحدتنا!!
أخيراً، لا بد من تسجيل تحية إكبار للموقف الكويتي المتقدم جداً على مواقف الكثيرين. وهذا ليس غريباً على الكويت التي أثبتت بالفعل والقول أن فلسطين خط أحمر وليست مجرد موقف شخصي أو جمعي وإنما حالة قومية الكل فيها سواء.
[email protected]
أضف تعليق