بتاريخ 13.11.18، قررت كل من أمل جبالي ووفاء جبالي، زيارة وطفة الجبالي، حيث ابلغتاها أنّ اليوم هو العيد الـ 31 لزواجها وأنّ عليها أن تحتفل بهذه المناسبة السعيدة، إلا أنّ رد وطفة كان لأبنتها وزوجة ابنها البكر أنّ هذا التاريخ "يوم نكبة" وتفضل الا تتذكره، لكن سرعان ما تحوّل المزاح إلى جد، حيث قلب هذا اليوم لأسوأ كابوس قد تتوقعه وطفة جبالي.
جبالي، التي تواجدت في منزلها كانت تراقب كاميرات المراقبة، التي تعكس ما يحدث في السوبر الذي يعود ملكيته للعائلة، ما أظهرته الصور في حينه أنّ ملثمًا دخل إلى السوبرماركت وقام بإطلاق النار على ابنها سعد والبالغ من العمر 26 عامًا فقط، أب لطفلة لم تبلغ من العمر 6 أشهر بعد، سارة.
انتظرت وطفة الجبالي، وحدقت مليًا بالشاشة، علها تجد سعد يتحرك بعد إطلاق النار عليه، إلا أنّ الثواني تمر وتلحقها الدقائق وسعد لا يتحرك، ليدخل الإسعاف والشرطة ويعلنان أنّ اصابة سعد كانت بالغة وأنه لم ينجح في تجاوزها!
وفود تعزي وأخرى تحاول دعمها واقناعها أنّ هذا هو قدر سعد وما تبقى لها أنّ تتمنى له الرحمة وحسن الختام، وتسلم بالأمر الواقع متمنية أنّ ما شاهدته على كاميرات المراقبة لم يكن سوى حلمًا او كابوسًا ستصحو منه بعد ساعات.
مع مرور الساعات اكثر، تنكشف وطفة إلى الحقيقة، أنّ هذا الواقع، وأن سعد لم يبقى ليسمع سارة تنطق بكلمة "بابا" ولم يبقى ليرافق زوجته "رقية" إلى مقاعد الدراسة حيث تبدأ دراستها هذا العام في كلية بيت بيرل.
تنشغل وطفة، سويةً مع ابناء بيتها، 3 شباب (فقدت سعد بينهم) وشابتين، بالتحقيقات التي تجري، والتي تحاول كشف القاتل، المعروف من وجهة نظرها، وتتفاجىء أنّ الشرطة تحاول تبرير تقاعسها في القبض على الجاني بأوامر منع من النشر متعددة تقوم بلف القضية بها والتعتيم على الحقيقة أكثر، مما يشكل عائقًا في التعامل معها ومع حقائها، والتي قد تبدو للكثير واضحة وجليّة، على الأقل لأفراد العائلة.
وطفة، تجد نفسها في أقل من 24 ساعة أم ثكلى، يجب التعاطف معها، التأكيد لها أنّ كل ما مر ليس سوى "ازمة"، والتي سرعان ما تغيب!
تحاول أنّ تنسى هذا الهم وتقرر أنّ تسمع صرختها مُشاركة في كل مظاهرة على مفارق البلاد، تلك المنددة بقتل الطفلة يارا والأخرى المنددة بتفشي ظاهرة العنف في مجتمعنا وتقاعس الشرطة في التعامل معها.
شعور أم القاتل
في حديث خاص لـ "بكرا"، تحاول وطفة أن تشرح شعور أم فقدت ابنها لعل سعد يكون الضحية الأخيرة لكنها تفكر قليلا وتتساءل: لماذا يقوم بالإعلام بسؤالي عن شعوري، شعوري واضح، ألمي واضح، أم ثكلى كيف لها أن تشعر؟!، ما اتمناه فعلا هو أنّ اسمع عن شعور أم الجاني! كيف تشعر الآن وهي تعرف أنّ ابنها كان السبب في سلب حياة آخر، وتدمير حياة عائلة كاملة منها طفلة لم تبلغ بعد الـ 6 اشهر!
وتضيف: أتمنى فعلا أنّ اقابل هذه الام، ارغب في الحديث معها وسؤالها عن غياب تربيتها لأبنها، هل كانت مذنبة أم ان الظروف كانت أقوى منها؟! اين كانت عندما حمل السلاح، هل حاولت منعه، هل كانت تعرف عواقب ما يقوم به، هل تعي انّ ما اقدم عليه دمر مستقبله ايضًا، حيث سيمضي بقية حياه في السجون!
وتعود واصفة شعورها وتقول: راقبت الكاميرات، وانتظرت أن يتحرك سعد، الكل ركض إلى السوبر ماركت لكن فضلت الانتظار، المشهد كان أعظم من أن اقوم بوصفه ونقله، المهم أنني لا اتمنى لأحد أنّ يقع في هذا الموقف، فألمه لا يطاق.
وعن الحادثة تقول: بالطبع الشرطة فرضت أمر منع من النشر، مما قيدنا ويقيدنا بالحديث ونقل الوقائع، لكن نحن على قناعة أن الحق سيظهر، وأنّ لا خلاف في العالم، اين كان، يشرعن سلب حياة أنسان، نحن لسنا في غابة، وحتى في الغابة هنالك قوانين متعارف عليها.
المظلوم العدل
وطفة، التي تجد نفسها ضحية اضافية في العنف الذي يحيط بمجتمعنا تقول ملخصة في السياق: لا اعرف كيف يمكن أن نوقف حمام الدم، فكل ضحية تسقط تربي اجيالا على الانتقام، الحل للخروج من هذه الدوامة هو بتحكيم العقل، وايضًا بالإنصاف، فلطالما تسمح الشرطة لهذه الفوضى أن تستمر، سيستمد الجاني الشرعية ويشعر المظلوم أنه لم يحصد عدلا، ونعود مرة أخرى، إلى جريمة أخرى وإلى ضحية أخرى.
[email protected]
أضف تعليق