ملف تشكيل الحكومة اللبنانية الذي يشهد مصاعب كبيرة وتحديات مُقلقة وسط مخاوف يُهدده انهيار مالي واقتصادي، تعود أسبابه إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، والانقسامات الطائفيّة، بالإضافة إلى أسباب داخلية جمّة كانتشار البطالة، تراجع السياحة، نسبة النمو المتدنيّة وغيرها، عاد ليحتل صدارة النقاش وتبادل الاتهامات حول الجهة التي تقف حجر عثرة، وكما يبدو أخذ بعدًا مركبًا ومعقدًا وأصبح مؤشرًا خطيرًا تجاوز العقد الطائفية فيما يتعلق بتوزيع الحقائب، لتصل إلى المس بصلاحيات رئيس الحكومة والذي يعني تفريغ رئيس الحكومة من مضمونه وتوزيعها على التيارات السياسية، الأمر الذي لا شك أنه يمس بالنظام واستقراره.
مؤخرًا تبين أنه هناك أجواء إيجابية بدأت تحوم في سماء لبنان لحل أزمة الائتلاف والتفاؤل بقرب الإعلان عن تشكيل الحكومة في أقرب وقت، إلا أن الأمور تعقدت مرة أخرى، وعلى أثرها لمّح سعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة الاعتذار عن هذه المهمة وذلك في أعقاب إصرار حزب الله على تمثيله ل 8 آذار، وظهور مشاهد أخرى منها عدم تنازل سمير جعجع عن وزارة سيادية، ومشكلة الزعيم طلال أرسلان والحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس التيار الحر جبران بسيل والتمثيل المسيحي.
للأزمة اللبنانية عمق داخلي وإقليمي، نابعة من تطورات وصراعات، تأثرت بصورة مباشرة من التكوين الطائفي والديني والطبقي ولها امتداداتها العربية والإقليمية، وملف اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي هو أساس الازمة اللبنانية والذي كان عاملًا أساسيًّا في زيادة النفوذ العربي في لبنان ناهيك عن تفجر الأزمة السورية وتورط عدد من الدول الإقليمية والدولية فيها إلى جانب الجيش السوري والتحالف مع حزب الله والتصدي للجماعات الإرهابية المدعومة. كل هذه العوامل لعبت دورًا أساسيًا في تفجير الأزمة اللبنانية التي فجرتها الاستقالة الدرامية لسعد الحريري أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية وعبر القنوات الفضائية الذي لاقى الحدث ردود فعل على أعلى المستويات من كافة القطاعات السياسية.
انتقد الرئيس اللبناني عون بشدة الخلافات والعراقيل لتشكيل حكومة وحدة وطنية بحيث لا مبرر ولا مكانة لها، مشيرًا إلى خطورة ونتائج هذا الوضع والمسّ بسيادة واستراتيجية لبنان. من جهته قال رئيس مجلس النواب نبيه بري إنه في حال عدم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة فإنه سيوجه الدعوة لعقد جلسة تشريعية للمجلس اللبناني.
لغاية كتابة هذه السطور لم يجر أي تقدم في هذا الملف إلا أنه يتوقع تجاوز هذه الأزمة وتشكيل الحكومة في الوقت ما بعد الضائع وسنشاهد تصاعد الدخان الأبيض. السؤال بأي ثمن ومتى؟
[email protected]
أضف تعليق