إذا وُجدت الديمقراطيّة في المجتمعات، فهي، حمدا لله، موجودة في مجتمعنا، ولم تستغرق وقتا طويلا على تحقيقها وتطبيقها قولا وفعلا. فصدقت المقولة : لا ديمقراطيّة دون ديمقراطيّين، فنحن مؤسِّسو هذا المصطلح، وهذا مشهد واقعنا الذي لا يُثير أيّة شبهات ودهشة!
جاءت هذه المقدمة، تزامنًا مع بُعْد حوالي مائة ساعة عن قدوم يوم العرس الديمقراطي المرتقب الّذي سنحتفل به، وستشهد قُرانا ومدننا احتفالًا حضاريًّا وعلى مستوى رفيع، وسيسجّل التاريخ ذلك، فيوم الثلاثاء القادم سنمارس حقّنا الانتخابيّ الّذي نترقبه بكل لهفة، بشفافيّة ومصداقية وديمقراطيّة بعيدًا عن الطائفيّة والعائلية ولغة التجريح، فالمرشحون وأصحاب حق الاقتراع يحترمون بعضهم البعض، ويتحاورون بصورة راقية، فلا شعارات رنّانة، ولا عهود أو وعود، وأكبر مثال لما تقدّم نجده في قرية كفر مندا.
لمن ساء فهم المقصود، الحقيقة عكس كل ما ذُكر، فالقاصي والداني يعرف حق المعرفة أنه لا يوجد أي تخطيط وإستراتيجيّة واضحة، ولا وجود فعلي ملموس للأحزاب والقوائم السياسيّة والوطنيّة، فنحن لسنا أحرارا وديمقراطيّتنا ما هي إلّا اسم، فما معنى أن ننتخب؟ كل ما نفعله أننا نختار بين ناكر ونكير.
وبهذا المقام رماح تقول، إن صوت الأغلبية ليس بالضرورة إثباتا للأغلبية، وفي السياسة ليس هناك عدو دائم أو صديق باقٍ، هناك مصالح دائمة، واستشهد بمقطع مما جاء في كتاب الجميلة - وهو مجموعة قصص قصيرة للكاتب الشفا عمري زياد شليوط - تحت قصّة الحمار والتي تنطبق على ما ذُكر وهذه الظروف والمناسبة.
يقول الراوي في القصّة أعلاه: "غدًا ستتحول إلى مدير المؤسّسة التي اخترتك لإدارتها. ضحكة بلهاء علت وجه الأبله، فيما تابع السيّد :
وأريدك أن تكون مديرًا فعلا تأمُر وتنهى، تصول وتجول. تنهق وترفس. لا تأبه لأي مخلوق، لأن صلاحياتك من صلاحيّاتي وشخصي وكرسيّي، هيّا انقلع " .
[email protected]
أضف تعليق