قلنا كلمتنا وفعلنا، هكذا يمكن ان نلخص حالة الاشتباك السياسي والميداني والفكري والثقافي والاقتصادي ليس فقط مع الاحتلال الإسرائيلي بل مع كل بدعة شاذة طارئة على وحدتنا الوطنية الفلسطينية بكافة مكوناتها، ومن هذا المنطلق، يمكننا القول ان الخان الأحمر مثَّل حالة الاشتباك بأقوى صورها مع الاحتلال وشكَّل حالة المقاومة الشعبية كنهج نسير عليه ونعممه الى كافة المواقع التي يتضرر بها الفلسطينيون وصار عنوانا اقوى للوحدة الوطنية والهم الوطني من قلب بؤر الصراع كنهج مستمر لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي وحرفا لما يريده بعض المارقين من حرف البوصلة الى مواجهة فلسطينية فلسطينية. فالخان الأحمر صار عنوانا للمقاومة ورسالة الى قادة الانقلاب والمؤامرات التصفوية على القضية الفلسطينية يحمل رسالة واحدة مفادها اننا ندرك من هو عدونا وأين وكيف نقاومه.
من يملك المشروع والإرادة يمتلك القوة والانجاز والنصر، هذه ليست الخلاصة الوحيدة للانتصار الذي حققناه جميعا في الصمود والثبات في الخان الأحمر، بل هو انتصار لفكرة الالتفاف الجماهيري حول الإنجاز والنصر. اما نحن فسنستمر بالتواجد فيه عنوانا لرفضنا كل المحاولات التصفوية لحلم الدولة، ومن هنا هقدنا اجتماعين للمجلس الثوري على أرضه ومن هناك تلت نائب امين سر المجلس الثوري مي كيلة البيان الختامي لاعمال دورته الأخيرة، وبما يعكس دور المرأة في الميدان وقيادتها الواعية للنضال ضد الاحتلال من أماكن المواجهة، فالمرأة كانت شريكا أول وحجر الزواية لنضالنا التي لم تغب عنه سواء هنا او خلال مسيرة الفتح الطويلة نضالا واشتباكا ومواجهة واستشهادا. للنساء حضور طاغ في المشهد النضالي على الأرض، حملن الراية وأورثنها، ولهذا لم يكن مفاجئا لاحد هذا التواجد لمناضلاتنا على مدار الساعة في الخندق الأحمر وهذا الدور الذي يقمن به، فالمراة التي تحمي الرغيف بيد، تحمل الحجر بالاخرى، والمرأة التي تغني لينام الطفل ترفع صوتها عاليا بشعارات الفتح والثورة.
لم أر الرئيس غاضبا ابدا كما رأيته في هذه الاحداث الأخطر على قضيتنا الفلسطينية، ولم أره أشد عزما وإصرارا وتمسكا بفلسطين والقدس والوحدة ونبض الشارع كما رأيته. لا يختلف اثنان على ان الرئيس سياسي محنك، تمكن، واحيانا منفردا، من مواجهة دولة الاحتلال الاسرائيلي بكل حمولتها من الدهاة السياسين والعسكريين وبكل اعلامها الذي لا ينفصل عن قيادته ويمثل بوقا لما يخطط له الاحتلال، والوقوف بوجه الانقلاب وما يمثله من همٍّ يتصاعد خطره يوما بعد يوم والثبات بوجه ما تتعرض له القضية الفلسطينية من خطر التصفية السياسية والوجودية، لكنه امام هذه التحديات مثَّل صلابة وعزما وتصميما يذكرنا بالرئيس الرمز ياسر عرفات اثناء حصار بيروت. ما اريد قوله انه مع وضوح الرؤية وعزم القيادة، تصبح الطريق التي اخترناها في المقاومة والصمود وتعزيز الالتفاف الشعبي من خلال الانتصار والانجاز عناوين لهذه المرحلة ولها صفة الثبات والاستمرار.
ان الحراك الذي تقوده مؤسساتنا الحركية والرسمية على الأرض ليس عشوائيا او ارتجاليا، بل هو البيدق الأهم الذي يملكه الفلسطينيون في مواجهة المحتل واعلاء حالة الاشتباك معه في كافة الميادين التي تجمعنا دائما وتمثل شكلا من اشكال الوطنية والمواطنة.
لم نكسر دولة الاحتلال تماما، بل اجبرناها على التراجع دون دم او خسائر، وهذه رسالة الى قادة الانقلاب والى الاسرائيليين والى أمريكا فنحن وان كنا تحت الاحتلال ونعاني من انقسام تغذيه وتوجهه جهات لم تعد رعايتها له ولا المستفيدون منه سراً ، فاننا قادرون ان نقول لا كبيرة في وجه الجميع، أيا كانوا، وما حراكنا الداخلي لضمان افضل صيغة من قانون الضمان الاجتماعي الا شكلا من اشكال المقاومة ضد من يمس بالشعب الفلسطيني الأصيل الذي يشكل الجذر والامتداد لهذه المقاومة والجسد لهذه الحركة العملاقة التي ترقى دائما الى تطلعاته ومصالحه، اذ شكلت فتح منذ انطلاقتها مجسا لنبض الشارع، ولأنها كانت فكرة التحرر والنضال وليست هدفا بحد ذاتها، فقد حملت لقب ام الجماهير التي تلتف حول جماهيرها صوتا ودعما وقرارا وتثبت في كل يوم ان الحاضنة الشعبية للحركة من الفلسطينيين اينما تواجدوا هي بوصلتها في القرار والاستمرار والبناء، فها هي تتخذ القرارات المصيرية وهي تنظر الى الاف الشهداء والجرحى والأسرى الذين ضحوا لهذه الفلسطين، وما زالوا.
[email protected]
أضف تعليق