هذا الأسبوع، عندما بدأت الشّمس تجر أذيالها نحو المغيب، وبدأ الليل وسكونه، بدأت قصّة بلد تسبح عميقًا في الذكريات لنعيد ذكريات أيّام زمان، أيّام حياة البساطة، القناعة والمواقف الإنسانيّة لتاريخ بلد حافل كان نموذجًا ومثالا، تكلّم بلغة المحبة والتسامح والجيرة الحسنة، سيدة الموقف بين أهلها الذين وقفوا جنبًا إلى جنب في كل المناسبات على اختلافها والأيّام العصيبة التي شهدتها.
هذا المشهد، الّذي أُسدلت الستارة عليه، يُعيده لنا لنلمسه ونعيشه مجددا على أرض هذا البلد الطيّب الفنّان الكبير ابن شفاعمرو البار الزّميل عفيف شليوط في إنتاج عمل فنّي، حضاري، تربوي مميّز ونادر، يستحق كل التقدير والثناء. ليُنسينا ما يجري داخل أسوار مدينتي وبين أروقتها، حاراتها وعلى سطوحها وساحاتها، وأجواء الأعياد الحزينة والمظلمة، وتحديدا في هذا الشهر مع اقتراب الانتخابات البعيدة كل البعد عن الديمقراطيّة والتي تسيطر عليها العقلية الرجعيّة والطائفية لتسلُب ضحكة أهاليها العفويّة، وتعكر صفو أجوائها وسمائها المكفهرّة وقمرها السّاطع ونجومها المشعّة.
وتحت عنوان قصّة بلد، حيث افتتح مقهى في إحدى المنازل العريقة في السّوق القديم، ذات الأهمية التاريخية الكبيرة، الذي وللأسف تم إغلاقه منذ أكثر من عشر سنوات، ولم تهتم أيّ مؤسسة بإعادة افتتاحه إلّا عندما تغني فيروز "زورونا كل سنة مرّة" ، إلا أن هذه المعادلة تغيرت هذه الأيام إلى كل خمس سنوات مرّة، وذلك في إطار مهرجان نظمته شبكة المراكز الجماهريّة في البلدة، يلعب من خلاله الفنّان عفيف شليوط شخصيّة صاحب مقهى ليرجعنا نعيش أيّام زمان، أيّام العفويّة والصراحة بحضور حشد كبير من المدعوين، واستضافة شخصيّات وفنانين، وعلى أطلال وذكريات وأنغام الموسيقى الأصيلة، ارتشف الحضور القهوة العربيّة الأصيلة، حيث كان الحضور في قلب الحدث وجزءًا منه.
رماح، التي تقدر مثل هذه الإنجازات تبعث بألف همسة تقدير وعرفان وتقول :
شليوط ، سلامة ، عنتير وغيرهم من الفنّانين سيظلون يعزفون على الغيتار وهي مكسورة، لأن عزفهم مميز، وكلماتهم عذبة تجعلنا نحلق عاليًا رغم الإهمال، وقلّة الدعم، التقدير والتشجيع، وسنظل معا أبناء البلد الواحد نردد: ويكفي أنها بلدي لأهواها، التي نريدها أبيّة، شامخة، أسرة واحدة، تعمل معا على تهيئة الأجواء المريحة بعيدا عن مظاهر العنف والتجريح والخطاب الطائفي.
[email protected]
أضف تعليق