بقلم: البوفيسور إبراهيم ابو جابر
ان ممارسات الأنظمة المستبدة وتبعيتها أوجدت حالة من انعدام الأمن القومي العربي والإفلاس الإستراتيجي خلال العقود الماضية مما ادى الى حراك وغضب شعبي على مستوى الإقليم، فسقطت أنظمة واستبدّت أخرى متمسّكة بعروشها على حساب مصالح شعوبها.
ولقد راهنت، في ظل هذا الواقع، منظومات إقليمية ودولية وعلى رأسها المؤسسة الإسرائيلية ، لتقاطع مصالحها مع دول عربية، بهدف الهيمنة وحفاظ المذكورين على مصالحهم على اختلافها، بل ومشاريعهم التوسعية والتطبيعية في المنطقة على حساب قضية العرب والمسلمين الأولى، القضية الفلسطينية.
إن تقاطع المصالح الإستراتيجية والأخطار الإقليمية التي تزعم بعض الأنظمة العربية ، والمؤسسة الإسرائيلية أنها غدت تهدد كياناتهم، جعلت قيادات دول عربية إعتباريّة تتعالى فوق التاريخ ونسيان الماضي القريب وأحداثه المأساوية بخاصة على مستوى القضية الفلسطينية، والإستعداد لإبرام اتفاقيات، وعقد أحلاف مع المؤسسة الإسرائيلية ، حفاظا على بقاء هؤلاء متربّعين على عروشهم، ينعمون بثروات شعوبهم.
لقد شكلت الثورات العربية، وتنامي الحس الإسلامي الشعبي في الإقليم، والهاجس الإيراني في المنطقة، عوامل دفع قويّة أيضا نحو تكتّل إستراتيجي ما بين المؤسسة الإسرائيلية وما يسمّى المحور السني على شكل حلف عربي – صهيوني للدفاع المشترك عن الأمة العربية والمؤسسة الإسرائيلية - معا، للتصدي لما يواجه هذه الدول من أخطار خارجية بل وداخلية –كما يزعمون.
ان هذا الحلف قد يفضي إلى إقامة قواعد عسكرية وصاروخية إسرائيلية في دول الخليج، ومناورات عسكرية مشتركة وتدريبات وقوات ردع سريعة مشتركة، وصفقات أسلحة إسرائيلية للعرب، وعقد دورات وبرامج استكمال عسكرية، لا بل وفتح الأجواء العربية للطائرات الإسرائيلية الحربية، وحتى فتح المطارات العسكرية العربية أيضا لها، ناهيك عن الموانئ العربية للسفن الحربية التابعة للمؤسسة الإسرائيلية، لا بل أيضا الى فتح باب الغزو الثقافي والفكري والاقتصادي من قبل المؤسسة الإسرائيلية لهذه الدول.
إذن، هو انقلاب -إن حصل -على كل الموروث التاريخي، ونسيان عذابات شعوب عربية وفي طليعتها الشعب الفلسطيني، وفتح صفحة جديدة مع الكيان الإسرائيلي المحتل، باعتباره جزءا من منظومة دول الإقليم، وهذا ما يسعى إليه قادة المؤسسة الإسرائيلية منذ اليوم الأول لتأسيسها لعلمهم أهمية ذلك إستراتيجيا ووجوديا.
إن اندماج المؤسسة الإسرائيلية بدول الإقليم بهذا الشكل، يعدّ تأشيرة دائمة لقبولها في المنطقة، وشهادة مواطنة متقدمة نحو التطبيع الكامل مع العالم العربي، وتخلٍ للعرب عن الملف الفلسطيني.
[email protected]
أضف تعليق