يشهد مجتمعنا العربي في البلاد موجة من العنف المتصاعد قبل نحو الشهرين من إجراء الإنتخابات للسلطات المحلية، إنها مقدمة سيئة لهذه الانتخابات نرجو أن تتوقف هنا حيث توقفت وإلا تتواصل حتى فترة الإنتخابات في نهاية تشرين الأول المقبل، كلنا تابع أحداث العنف في العديد من قرانا وبلداتنا العربية، وكلنا أمل ألا تتكرر لا في المستقبل القريب ولا في فترة الإنتخابات.
أقول هذا وأمامنا إنتخابات عادة ما تشهد شجارات ضارية، فمن النميمة والكذب والتنقيص من قيم الآخرين، من الأخصام والمختلفين بهدف رفع الذات وتقدمها إلى الشجارات العائلية التي تعود على العائلة ذاتها والمجتمع عامة بالوابل وشر العواقب وتعميق الضغائن، لعل أبسط ما يقوله أننا ما زلنا بعيدين عن الفهم الواقعي العقلاني لمفهوم الإنتخابات الديمقراطية، إن الإنتخابات الديمقراطية عادة ما تنبني على مفاهيم متفق عليها، وعادة ما يكون الحسم فيها لصندوق الإنتخابات، لهذا علينا أن نعمل وننتظر نتيجة ما عملناه وصنعناه بأيدينا وإلا نستبق الأُمور وذلك عملًا بالآية الكريمة "وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"، تحتاج الإنتخابات أيها الأحباء إلى رؤية في التعامل وإناة في التحرك، ولا يعقل أن يكون أي خلاف يمكننا رأبه سببًا لشجار حارق يزيد من شقة الخلاف ولا يقرب بين المختلفين بأية حال، مما يسئ للمجتمع ولأهله الطيبين، وهم مع كل ما يقع ويحدث موجودون وأحياء بيننا يرزقون.
من حق كل مرشح وكل مؤيد متحمس له ولأهدافه أيا كانت أن يتشيع لهدفه وأن يعمل كل ما بإمكانه أن يعمله من أجل الحصول على ما يريد ويحب، شريطة أن يبقى ضمن دائرة المقبول والمعقول، فلا يسيء إلى غيره ويتقبله على إعتبار أنه منافس موجود ومن حقه أن يخوض حومة المنافسة بشرف وإحترام.
يحدث خلال الإستعدادات القائمة على قدم وساق للإنتخابات الوشيكة في قرانا وبلداتنا العربية، أن تحشد القوى وتتجمع الإرادات من أجل الفوز الذي هو هدف كل مرشح، والمؤسف أنه يحدث خلال هذه الإستعدادات أن يبلغ الحماس لدى البعض ذروة عالية فيضمن الفوز وكأنما هو عراف أو ضارب في المندل، ويحث أن يأتي متحمس آخر من الطرف الآخر فيجري نقاش بين الإثنين سرعان ما يتحول إلى شجار ترتفع فيه الشتائم والعصي مما يسفر عن الإعتقالات والتوقيفات، وقبل هذا وذاك تعميق الضغائن وما يستتبعها من كراهية بين أبناء البلد الواحد للأسف الشديد.
هذه الخلافات تتصاعد مع إقتراب موعد الانتخابات، إن أحدًا منا أيها الإخوة لا يعرف النتيجة الحقيقية التي ستسفر عنها الإنتخابات، لهذا علينا أن ننتظر يوم الحسم ولحظة إعلان النتائج.
وحتى عندما نصل إلى يوم الإنتخابات ولحظتها الحاسمة، فان البعض يرفض النتائج إذا لم تكن في صالحه وصالح مجموعته، فتراه يلجأ إلى العنف تعبيرًا عن رفضه وعدم تقبله، ويُسأل هنا والحالة هذه السؤال إذا كنت ضامنًا للنتيجة، لماذا خضت الإنتخابات أصلًا، إن خوضك للإنتخابات يعني أمرًا واحدًا هو أنك تدلي بدلوك بين كل الدلاء، فإذا كان دلوك معدًا جيدًا فزت، وإذا لم يكن كذلك خسرت. وعادة ما تكون الخسارة من نصيب من قصر ولم يُعد لها ما إستطاع، كما قيل في الأحاديث الشريفة، أما الفوز فعادة ما يكون لمن إستعد وأحسن الإستعداد، وبما أن جميع المتنافسين يدركون هذا المنطق بصورة عامة أعتقد أن العقلاء منهم سرعان ما يسارعون لتهنئة الفائز ضمن إشارة منهم إلى أنهم على إستعداد لدعمه وتمكينه من أداء دوره لمصلحة الأهل والمجتمع عامة.
قلت في البداية إن إنتشار العنف في الفترة الأخيرة تزامن للأسف الشديد مع إقتراب الموسم الإنتخابي المحلي الجديد، الأمر الذي يشير إلى أن سفينة مجتمعنا تمضي إلى المزيد من العنف، لهذا أُردد ما قاله الشاعر محذرًا عندما رأى الخطر المقبل وهو:
أرى خلل الرماد وميض نار * ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعيدان تذكى * وإن الحرب أولها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم * يكون وقودها جثث وهام
إننا ندعو بهذه المناسبة إلى إنتخابات ديمقراطية نظيفة هادئة وخالية من العنف تضمن لكل من المتنافسين منافسة شريفة تهدف إلى المصلحة العامة وليس الخاصة وتشدد على خدمة المواطنين مركزة على إنصافهم ومنحهم ما يستحقونه من خدمات ويصبون إليه من راحة.
مختصر القول إن بوادر العنف غير المبررة قبيل الإنتخابات البلدية في بلادنا بفترة يحمل دلالات سيئة مما يزيد في ضرورة اليقظة والإنتباه، لتمر فترة الإنتخابات بخير وسلام.
[email protected]
أضف تعليق