المهم هو أن يائير لبيد سعيد. فقد أعلن أنه يبارك قرار رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، بوقف المساعدات لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا. وفي تغريدة له في تويتر قال إنه "منذ زمن طويل"، أي أن الفضل له وليس لترامب لا سمح الله، يعتقد أنه "إلى جانب الرعاية التي تمنحها الأونروا للإرهاب، فإنها مسؤولة أيضا عن أن الـ 750 ألف لاجئ الذين سُجلوا عند اقامتها (ومعظمهم قد ماتوا) تحولوا الآن إلى 5.5 مليون لاجئ مزيّف، الذين لم يُطردوا في أي يوم من أي مكان".
أولا يجب علينا تهنئة لبيد لأنه يعترف بحقيقة أن عدد اللاجئين في 1948 كان 750 ألف شخص، لأنه يوجد هناك من يشكك بهذا العدد من اجل التخفيف عن الضمير. ثانيا، يثول لبيد إن معظمهم ماتوا، لكن بدلا من أن يكتب أن اللاجئين جلبوا إلى العالم اولادًا واحفادًا وهكذا زاد عددهم ليصبح 5.5 مليون، استخدم كلمة تحولوا. معروف أن البشر يتكاثرون من خلال الولادة، لكن ليس هكذا يفعل اللاجئون الفلسطينيون، الذين هم موجودون بصفتهم أشياء أكثر من كونهم بشرا، فهم "يتحولون" إلى 5.5 مليون نسمة. وعليه يجب أن نشيد بلبيد الذي اكتشف أساليب التكاثر التآمرية لدى الفلسطينيين.
ليس فقط أنهم تحولوا إلى 5.5 مليون لاجئ، بل هم بالحقيقة ليسوا لاجئين، إنهم مزيفون. هذا هو الاكتشاف الخارق الثاني في التاريخ بعد اكتشاف الدولاب. لقد وجد لبيد ان أن هناك اشخاصا يتخفون كلاجئين. لقد عرفنا أشخاصًا ينتحلون شخصية العبقري مثل لبيد. أو الذين يزورون ملامح وجوههم ليصبحوا اجمل، لكن أن تتخفى لتصبح لاجئًا فهذا الامر لم يتم تسجيله في تاريخ الأبحاث العلمية.
لبيد يمثل الرجل الابيض على حقيقته، فهو يعتقد أن العالم يدور حوله، وان اللاجئين ينجبون الأبناء ليس لأن هذه هي سنة الحياة ، بل من اجل الإثقال على المشروع الصهيوني. لو كان للفلسطينيين ذرة من النزاهة لكانوا منذ زمن قد توقفوا عن "التحول" إلى لاجئين. كم هم قساة هؤلاء الفلسطينيين، الذين جعلوا لبيد يشعر بغصة في القلب بسبب ما اقترفه الآباء قبل سبعين سنة.
هذا هو الفرق بين شخص "دوغري" حتى لو كان فظا مثل يتسحاق رابين الذي قال "لتغرق غزة في البحر"، ولكنه اضاف في نفس الوقت "ولكن لأن هذا مستحيل، يجب علينا ايجاد حل لها". لبيد في المقابل لا يقترح أي حل، وبصفته مثقف مزيف يعلن أن اللاجئين مزيفين. المزيف كما هو معروف يعتقد أن كل شيء مزيف، هذه متلازمة نفسية معروفة.
مع ذلك، يجب علينا تذكير لبيد بأن المليونير يجلب للعالم مليونيرا، والفقير يجلب للعالم فقيرا، واللاجئ يجلب للعالم لاجئا. هناك من سيقولون إن هناك الكثير من اللاجئين في العالم قد تأقلموا في اماكن سكناهم الجديدة؛ هذا صحيح، لكنهم نسوا أن يشيروا إلى أن هذا الأمر تحقق في اطار حل دائم تم قبوله أيضا من قبل ممثلي اللاجئين. هنا في المقابل، يتنكرون لأية مسؤولية عن نشوء المشكلة وذلك بعد رمي اللاجئين في تخوم دول تعاديهم، والتي بصعوبة تقوم بتوفير العيش لمواطنيها. وكل هذا دون أن نذكر الحصار الإسرائيلي المصري على قطاع غزة.
من المهم القول هنا أنه من يؤجل المشاكل حتى تختفي يعيش في وهم. "الخطيئة الأصلية" الذي اقترفت في العام 1948 ستطارد الإسرائيليين لسنوات طويلة إلى أن يتم حل المشكلة. لذلك، بدل النفي ومحاولة تربيع الدائرة، هناك حاجة إلى حساب النفس، حتى لو كان مؤلما. كل هذا إلى جانب الاعتراف بالمسؤولية عن نشوء مشكلة اللاجئين وبذل الجهود لحلها.
في هذا السياق يجدر قراءة كتاب "نكبة بالعبرية" للمؤلفين ايتان برونشتاين افريسيو والينور مارزي برونشتاين، الذي اساسه هو الادراك أنه يجب مواجهة مشاكل 1948 بشجاعة وبنزاهة، ففي المشاكل الاساسية لا توجد طرق مختصرة.

نشر في هآرتس


 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]