إبتدأت الأجواء الإنتخابية مع إقتراب موعد الإنتخابات في تشرين الأول القريب بالتوتر والتصعيد المتوقع فيما بين القوائم التي ستخوض الإنتخابات للعضوية وتلك التي ستخوضها للرئاسة، على حدٍ سواء، وإن كانت الأجواء الرئاسية نسبة لقوائم الرئاسة إتصفت في العديد من البلدات العربية في البلاد كالعادة بنوع يكاد يكون مضاعفًا من التوتر، لهذا خطر ببالي كإنسان مهتم ومواكب منذ سنوات للإنتخابات بصورة عامة والإنتخابات المحلية بصورة خاصة ويهمه الأمر، أن أُلفت النظر إلى عدد من النقاط التي لا بد من اللفت إليها من أجل جولات إنتخابية نظيفة أكبر قدر من الإمكان.
أولًا، الإختلاف لا يفسد للود قضية، رغم الإختلافات المشروعة بين المتنافسين ومؤيديهم على العضوية أو الرئاسة، يُطلب من أولئك وهؤلاء في رأيي التحلي بروح رياضية وتقبل الآخر والتعامل معه على أساس أنه يحق له ما يحق لي، وإحترام كل شخص في حرية الرأي والتعبير والإختيار، فلكل منا زاوية يرى بها ويعمل حسبها عملًا بالقول الخالد "أحب لنفسك ما تحب لغيرك"، إن المنافسة الشريفة واحدة من مطالب الحياة الرئيسية وأعتقد أنها مطلب إنتخابي مُلح ويكتسب ثقلًا ووزنًا حقيقيًا في ظروف معقدة ومركبة مثل: ظروفنا نحن المواطنين العرب في البلاد.
ثانيًا، تحتاج فترة الإنتخابات، كما أرى، لنوع ما من النزاهة، أعرف أن النزاهة المطلقة صعبة وعصية على الوجود في مجتمع ما زالت تحكمه وتتحكم به العائلية بكل ما تتصف به من تجبر، سطوة، وتسلط وأبوي – بطريركي - إلى حد بعيد، إلا أنني أعرف في الوقت ذاته أن مجتمعنا العربي في البلاد كبر، نما وتطور وشب عن الطوق، وأنه تخلص إلى حدٍ بعيد عن الكثير مما يمكن أن يحد من تقدمه وتطوره.
ثالثًا، أعتقد أن الفترة الإنتخابية القريبة أسوة بسواها من الفترات السابقة، تحتاج إلى نوع من الأناة والتروي، لا سيما فيما يتعلق بأولئك الذين آمنوا وعملوا وفق القول الشعري الغنائي: "تؤخذ الدنيا غلابا"، الدنيا أيها الأحباء لا تؤخذ غلابا، بالقوة والعنف، سواء كان الكلامي أو الفعلي، وإنما هي تؤخذ كذلك، بالحكمة والحنكة وإستثمار التجارب الماضية من أجل وضع أفضل ومستقبل أكمل، من هذا المنطلق علينا أن نتنافس وقائدنا ومرشد طريقنا العقل عملًا بما قاله شاعرنا القديم وهو "حكموا العقل لا إمام سوى العقل"، وما أحوج أن تكون الإنتخابات تخاطب عقل المواطن وتسليط الضوء على همومه.
رابعًا، يُطلب منا في فترة الإنتخابات عامة والقريبة خاصة أن نعتمد الحوار أُسلوبًا لتواصلنا مع الآخر المختلف المنافس تعيينًا، وعلينا التحلي بالمسؤولية الأخلاقية والحفاظ على الأجواء الراقية والعلاقات الأخوية الودية والإحترام المتبادل بعيدًا عن التجريحات الشخصية والإبتعاد عن الشعار وتجنب كافة السلوكيات والإتهامات والتصرف الغير لائق وذلك تماشيًا مع ما صارت إليه الأحوال في مجتمعنا العربي داخل البلاد، لقد مضى زمن الشعارات الرنانة الطنانة السطحية والمفرغة من أي عمق، وحان وقت الجدالات والمناقشات العقلانية التي تهدف إلى تواصل سليم ومعافى بين الناس لا سيما بين المتنافسين منهم، وذلك من منطلق أن الحوار، أي حوار كان، إنما يقصد إلى ملامسة الحقيقة وإحقاقها وليس إلى دحر الخصم والتغلب عليه.
أعود وأُكرر ما سبق وأوردته في كتابات سابقة، وهو أننا نحن العرب الأقحاح الحقيقيين ننطلق في كل ما نقوم به ونبادر إليه من أقوال وأفعال من مبادئ وقيم عليا آمن بها الأجداد، فجعلت منهم قدوة للعالم ولنا نحن الأبناء، فنحن أولًا وقبل كل شيء أبناء بلدة واحدة، وتقلنا سفينة واحدة وأننا إذا ما تعرضت سفينتنا لأي ضرر لحق بنا الضرر جميعًا، كما أؤكد أن الإنتخابات تجرى خلال يوم وأننا معًا دايم دوم.
إنني أدعو بهذا إلى منافسة إنتخابية ديمقراطية حضارية هادئة شريفة تتحكم بها الأُخوة والمحبة تهدف إلى المصلحة العامة لأبناء البلد الواحد والحلم الموحد.
[email protected]
أضف تعليق