دموع هذا المشهد تغرق جبالًا، أكتب عنه بقلم مرتعش، وقلب ينزف، وأفكار مشوشة، وذاكرة محلقة وصدى دموعي كاد يهز جدران مكتبي ويزعزع جبال صمتي، فانطفأت النجوم بأكملها، وبات الضوء هزيلا ومات ضمير البشرية، وأنا أتساءل بدهشة مطلقة، هل نحن في حلم أم في يقظة؟، وهل هذه المشاهد المقززة التي تقشعر الأبدان، حقيقة أم خيال، ألا تكفي هذه المجازر ليتحرك العالم الحضاري، دون أن يبقى مكتوف الأيدي، يشاهد بأم عينيه اغتيال، قتل، وخطف الأولاد والنساء وانتهاك كرامتهم وحريتهم وتشريدهم، فأين الإعلام الغربي والعالم الحر الذي يزعم محاربة الإرهاب وتحقيق العدل والعدالة؟ ممثلة بقادتها ومنظماتها الدولية لحقوق الإنسان، لماذا هذا التجاهل؟ وماذا حلّ، يا ترى، بالضمير البشري؟!
ما يثير الدهشة تلك الأحداث التي شهدتها بعض المناطق في سوريا وغيرها، من أعمال أقل خطورة وبشاعة، فلم تسدل الستارة عن تلك المشاهد، واحتلت صدارة وسائل الإعلام العالمية على مدار الساعة؛ شجبها واستنكارها من كل حد وصوب فما ذنب هؤلاء الأبرياء العزل ليعانوا ويدفعوا ثمنًا باهظًا بفقدان عائلاتهم وزعزعة أمنهم وهدم بيوتهم وتشريدهم بغطاء مبرمج يهدف لمحافظة الحكام على مناصبهم، تلك المحافظة النابعة من حب السيطرة والهيمنة واتّباع سياسة القمع والدكتاتورية، لا يمكن إسدال الستارة عن هذه المسرحية المؤلمة بدون رد فعل، وعدم الاكتفاء بالإدانة والتصريحات، على العالم أن يحدق جيدا بهذا الطفل الراقد فوق قبر أهله، وتلك الطفلة الدامعة المستغيثة بضمير البشرية الذي غدا، كما يبدو، صخرة صلبة، بل وكيف يستطيعون أن يغمضوا أعينهم ولا يتمزق قلبهم لوعة وحسرة؟!
إن تكرار مثل هذه المجازر يعني انعدام الديموقراطية، وشهادة صارخة تؤكّد موت ضمير البشرية وحلول شريعة الغاب.
من جهة ثانية لا يختلف عاقلان على أن الحلبة السياسية تشهد خلط الأوراق وخلق بلبلة مقصودة، فعلى سبيل المثال، طرح موضوع بناء دولة درزية غرب طبريا في هذه الظروف العصيبة جاء ليخفف من غضب واستياء الطائفة الدرزية بأكملها من موقف الوزير القرا الذي أفقده شرعيته واحترامه لدى أبناء الطائفة، والسؤال الذي يطرح نفسه هل تعاطف رئيس الدولة ووعده توقيع قانون القومية باللغة العربية كخطوة سياسية محنكة وتغيير للواقع.
المطلوب من أبناء الطائفة قيادة ومواطنين أخذ الحذر، وأن يكونوا على قدر المسؤولية وتحكيم الضمير وعدم الانجرار وراء العاطفة والتصرف بصورة انفرادية، كتلبية دعوة بعض الفئات للاجتماع بهم؛ لأنّ هدفهم واضح وهو زرع بذور الشقاق والاصطياد في المياه العكرة لإضعافنا، وعليه علينا العمل معا بنوايا سليمة لما فيه مصلحة الطائفة ويقف على رأسها وحدتنا أوّلًا، محاربة قانون القومية ثانيا، وثالثا مساندة أهلنا في السويداء والمنطقة بكل الوسائل والإمكانيات.
أمّا الدواعش فعلى المجتمع الدولي أن يعتبرهم جبناء، وحوشًا، خونة، سفاحين، أولاد عاهرات، لا أصل ولا دين لهم ومن العار أن يكون شعارهم "لا إله إلا الله" فالله والملائكة والمؤمنون من جميع طبقات المجتمع وفئاته أبرياء من أمثالهم ومصيرهم، بإذن الله، الجحيم وبئس المصير!!
[email protected]
أضف تعليق