بانتظار اجتماع «الكابينيت» الإسرائيلي اليوم برئاسة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، كافة الأطراف تبقى في حالة انتظار تشوبها أجواء من الحذر الشديد، رغم موجات تحاول أن تمنح المشهد الفلسطيني خروجاً من أزماته المتعددة، خاصة على ملفي المصالحة والهدنة وفي الوسط بينهما ما بات يسمى إنقاذ غزة، أو «إعادة تأهيل غزة» حسب مصطلحات المبعوث الأممي ميلادينوف، هذا الأخير يلعب دوراً محورياً في كافة الاتصالات التي تتمحور حول خطة تقدم بها وباتت معروفة تنطوي على عدة عناصر وقطاعات تشمل خلق فرص عمل للحد من البطالة في قطاع غزة، وإنعاش قطاعات الصحة والمياه والكهرباء، وغاب قطاع التعليم عن هذه الخطة، رغم أن احتمالات إرجاء وربما إلغاء افتتاح العام الدراسي القادم، باتت أكثر خطورة. ولكي تكتسب هذه الخطة إمكانية الترجمة على الواقع، تقترح عقد اجتماع رباعي تشارك فيه السلطة الوطنية ومصر وإسرائيل والأمم المتحدة، مع تأكيد ميلادينوف على اعتبار السلطة الوطنية شريكاً أساسياً للأمم المتحدة، وأن الاجتماعات التي عقدها مع الرئيس عباس والقيادة الفلسطينية تأتي في إطار هذا التأكيد وهذه الرؤية.
مع ذلك، هناك تغييب واضح لدور السلطة الوطنية في إطار المناقشات والمباحثات التي تجري بين إسرائيل وحركة حماس حول «مسألة الهدنة» التي سيناقشها المكتب السياسي للحركة كما ستكون على أجندة الكابينيت الإسرائيلي اليوم، هذا التغييب يتوازى أيضاً مع انفراد حركة حماس بدراسة تفاصيل «الهدنة» من غير أي مشاركة من القوى السياسية الفاعلة على الساحة الفلسطينية. مسألة الهدنة في هذا السياق، لا تزال في جيب حركة حماس منفردة ومتفردة. كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي، حالها في أفضل الأحوال، كما هو حال الرأي العام الفلسطيني الذي يتابع ما يصدر من تصريحات ومبادرات متعارضة أحياناً، وبحيث لا يمتلك أحد حقيقة ما يجري من كواليس الاجتماعات، الأمر الذي لا يبدد قلق الرأي العام مما يجري.
ولعل ما يجعل الأمر أكثر قلقاً، أن الأنباء الواردة من القاهرة، حول مساعي المصالحة، لا تروي النهم الشعبي لمعرفة حقيقة ما وصلت إليه هذه المصالحة، حالة من الصمت أصابت الأطراف الفاعلة بالخرس، ما يوحي أن مصير المصالحة مرتبط أشد الارتباط بالهدنة، وطرفيها حركة حماس وإسرائيل، دون تجاهل الدور الفاعل والصامت والمحرك للقاهرة، حتى أن ميلادينوف توقف عن زياراته المكوكية وغاب عن وسائل الإعلام.
فيما لو نجحت حماس وإسرائيل في التوصل إلى هدنة، تبعد ويلات الحرب الإسرائيلية الجديدة، وتنهي الحصار المفروض على قطاع غزة وإعادة إعمار وتأهيل بنيته التحتية، سيشكل ذلك إنجازاً هاماً إذا كان بوابة لمصالحة فلسطينية جادة وفاعلة وحقيقية، والخشية هنا، أن يشكل هذا الإنجاز في حال تحققه، تطويراً للانقسام إلى انفصال مع وضع حد لأي جهد حقيقي لاستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
كذلك، فإن احتمالات فشل التوصل إلى تهدئة يظل قائماً على ضوء الاشتراطات الإسرائيلية، علماً أن ما يتم تداوله حول بنود وتفاصيل هذه الهدنة، يكاد يكون هو ذاته ما تردد الحديث عنها إثر كل حرب إسرائيلية من الحروب الثلاث على قطاع غزة، وهي أيضاً تلك الحروب التي أعقبتها مؤتمرات دولية لإنقاذ غزة وانهالت وعود الدول المانحة دون أن تنجح كل الجهود لإعادة إعمار القطاع أو إنقاذه، الفرق الأساسي هذه المرة، أن الجهد الإقليمي والدولي، الذي يتخذ من «إنقاذ غزة» عنواناً له، يأتي في سياق صفقة القرن الأميركية، مع التذكير بأن الولايات المتحدة سبق وأن عقدت مؤتمراً في واشنطن قبل بضعة أشهر تحت عنوان «إنقاذ غزة» ما يشير بوضوح إلى ترابط وتقاطع هذه الجهود باتجاه الصفقة الأميركية، رغم نفي ميلادينوف أي علاقة بين الأمرين!!
[email protected]
أضف تعليق