كان على زهير بهلول أن يمتنع منذ البداية عن الانضمام إلى قائمة "المعسكر الصهيوني". مجرد اسم القائمة يبعث على النفور في اوساط الجماهير العربية. الصهيونية هي من نصيب اليهود فقط، وعليه نشأ السؤال لماذا يحشر زهير بهلول نفسه بين من يقولون له إن هذا البيت ليس معدا له. ولكن بعد أن تم انتخابه للكنيست وبعد طرحه مواقف مستقلة يجب عليه أن يواصل مواجهة زملائه اليمنيين في القائمة.
يجب أن نذكر أن زهير بهلول وقف وحيدًا أمام رئيس الحزب آفي غباي حين قرر مقاطعة الاحتفال بإحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور الذي بشّر بالنكبة التي حدثت بعد ثلاثين عامًا. زهير بهلول وقف وحده ايضا عندما اعلن أن الجنود هم “رمز الاحتلال". واضاف، امام تحريض اليمين عليه، بمن فيهم اعضاء قائمته، "ماذا سيفعل فلسطيني يختنق منذ 49 سنة تحت وطأة الاحتلال، هذا الفلسطيني يبحث عن حريته واستقلاله ولا يجدهما".
الآن وبالذات امام قانون القومية ينوي زهير بهلول التراجع. ولكن، ما هو الهدف الخفي، لكنه الواضح مثل الشمس لقانون القومية؟ ببساطة إنهم يريدون دولة بدون عرب، تبدا بكنيست بدون عرب. وبموقفه هذا فإن عضو الكنيست زهير بهلول يخدم اليمين، وعلى رأسهم وزير التعليم نفتالي بينيت الذي أعلن أن “الكنيست لن تذرف الدموع عندما سيستقيل”. فاذا لم يذرفوا الدمع على استقالة زهير بهلول وهو العضو في حزب صهيوني فبالتأكيد لن يذرفوا الدمع على باقي اعضاء الكنيست العرب في القائمة المشتركة وميرتس. بالعكس، إنهم سيدفعونهم للاستقالة؟ واليوم يوجد قانون يسمح للمنتخَبين بإقالة زميلهم المنتخَب، وهو أمر غير موجود في أية ديمقراطية محترمة، سوى في “ديمقراطية دولة القومية”.
يمكن المقارنة (بخطوط عامة، ولكن بظروف مختلفة على ارض الواقع)، بين الوضع الحالي للعرب في اسرائيل مع وضع آبائهم في العام 1948، عندما طُلب منهم الموافقة على بطاقة هوية الدولة الجديدة التي فقط قبل وقت قصير قامت باحتلالهم. وفي حينه كان هنالك من انتقد استعداد العرب للعيش تحت حكم من قاموا بطرد معظم أبناء شعبهم.
وها نحن اليوم نرى أن من قالوا “رغم كل شيء، هذا وطننا ولن نتركه، حتى بثمن التمييز والاضطهاد”، هم من كانوا محقين. الـ 160 ألف فلسطيني الذين بقوا في وطنهم تحولوا الى 2 مليون فلسطيني تقريبا، وهم يستطيعون مواصلة اطلاق صرخة الشاعر توفيق زياد امام عنصريي الماضي والحاضر والمستقبل: “هنا على صدوركم، باقون كالجدار وفي حلوقكم كقطعة الزجاج، كالصبّار"
طريق البكاء والعويل غير مجدية عندما يتعلق الامر بمستقبل شعب واقع تحت التهديد بالاقتلاع، فإذا كان بنيامين نتنياهو لم يذرف دمعة واحدة حتى على اصدقائه واقاربه الذين ساروا معه مشوارًا طويلا وهم يقبعون في غرف التحقيق، فهل سينفعل من عربي يستقيل من الكنيست؟ وماذا بشأن أفيغدور ليبرمان الذي تعهد بأن يقطع بالبلطة رؤوس معارضيه من العرب، هل تتوقعون منه أن يقيم خيمة عزاء ويقوم بنتف شعره، اذا استقال نائب عربي.
عمومًا لا يختار الناس مصيرهم، لكن المصير هو الذي يختارهم. هذا هو الوقت، يا زهير بهلول، للإعلان عن تراجعك عن الاستقالة.
وهنالك تحديان بانتظارك. الاول، مواصلة كونك واحد من الـ 55 عضو كنيست الذين عارضوا قانون القومية. والحديث هنا عن قوة لا يمكن الاستخفاف بها حيث نجد في هذه المجموعة صهاينة وحتى رجال يمين. والثاني، هو أن تكون شوكة في حلق زملائك اليمينيين في المعسكر الصهيوني.
يؤسفني أن أقول لك، أخي زهير بهلول، إنه اذا اخترت طريق الاعتزال فانك ستلطخ سجلك، لأنه وبالضبط في هذه الايام الصعبة يجب مواصلة تراث شعبك منذ سبعين عامًا.
(نشر في صحيفة هآرتس)
[email protected]
أضف تعليق