د. راضي شاهين، مدير قسم الأعصاب في مستشفى زيف الجامعي في صفد ومدير عيادة التصلب المتعدد:

"بإمكان مرضى التصلب المتعدد عيش حياتهم بشكل طبيعي ان حصلوا على العلاج المناسب"

*"على كل من يعاني من أعراض المرض كخلل في الرؤية، التوازن، ضعف عضلات، خلل في الجهاز الحسي، التحكم بالمثانة وغيرها، التوجه الى الطبيب فورا"

*ما هو مرض التصلب المتعدد وكيف يحدث؟

"هذا مرض يصيب عادة الأشخاص في سنوات العشرين حتى الأربعين وهو منتشر لدى النساء أكثر من الرجال، تقريبا ضعف الرجال، يختلف انتشاره في المناطق الجغرافية في العالم، وهو نادر جدا في منطقة خط الاستواء، وأكثر انتشاره في القسم الشمالي من الكرة الأرضية، يوجد في البلاد ما يقارب 5-6 آلاف مريض بهذا المرض، وفي الوسط العربي الاحصاء غير دقيق وتشير التقديرات الى وجود المئات ممن يعانون من المرض، كما ان احتمال تشخيص المرض أقل مقارنة بالوسط اليهودي. السبب الدقيق لحدوث هذا المرض غير معروف، ولكن هنالك عوامل وراثية وعوامل بيئية التي تؤدي معا الى حدوث المرض، ولا نعرف ما هي هذه العوامل، وكانت هناك ابحاث عدة اشارت الى احتمال بدايته بسبب فيروس او جرثومة قد تؤدي الى تغييرات في الجهاز الوقائي والعصبي لدى المرضى الذين لديهم استعدادات وراثية لهذه التغييرات ولكن السبب الدقيق غير معروف حتى الآن. يصيب المرض الجهاز العصبي المركزي - الدماغ والنخاع الشوكي، وليس الجهاز العصبي الطرفي اي الاعصاب في الاطراف، ولان الجهاز العصبي مسؤول عن كل ما قد يحدث في الجسم، فعلامات المرض ممكن ان تكون في كل عضو في الجسم ، مثلا قد يحدث خلل في الرؤية، خلل في التوازن، ضعف عضلات، خلل في الجهاز الحسي والشعور لدى المريض، خلل في المسالك البولية ممكن ان يفقد الانسان السيطرة او حدوث خلل في السيطرة على عملية البول والمثانة. هذا المرض يشخص عند الصغار سنا نسبيا، نادر الحدوث عند الاطفال لكن قد يحدث لدى الأشخاص دون سن الـ 18، وكذلك فوق جيل الـ 50 نادر الحدوث، وهنالك حالات استثنائية قد تحصل أحيانا".

*ما هي تأثيرات المرض وفرص الشفاء منه؟

"عادة يشفى المريض كليا أو جزئيا من الخلل، وبعدها ممكن ان تحدث نوبة أخرى وتتكرر خاصة في بداية المرض، اذا لم نقم بعلاج المرض وايقاف النوبات، فممكن حدوث تدهور وبقاء خلل معين وعدم شفاء المريض من النوبة، وعندها يحدث تراكم، بمعنى انواع مختلفة من الخلل، وممكن ان يتحول المريض الى مقعد بعد نحو 15 عاما، ولذلك وظيفتنا منع حدوث النوبات من هذا المرض، نحن لا نستطيع شفاء المريض من المرض، ولكن لدينا القدرة اليوم من خلال العلاج ان نمنع حدوث النوبات جراء المرض وان قمنا بمنع النوبة فنمنع بذلك الخلل المتراكم، وعلى الأقل نحافظ على المريض ليبقى بعافيته قدر الامكان لسنوات طويلة كي لا يتحول الى مقعد".

*حدثنا عن العلاجات المستخدمة في علاج المرض وكيف تعمل هذه العلاجات؟

"يوجد شقان لهذا المرض، الشق الأول وهو بداية المرض والخلل في جهاز المناعة في الجسم، حيث يهاجم جهاز المناعة الجهاز العصبي المركزي وهناك الخلل المستمر في الخلايا الدماغية دون معرفة السبب، علاجاتنا الاساسية تكمن في علاج الخلل في جهاز المناعة، اي نريد ان نغيّر في جاز المناعة وترويض جهاز المناعة واحداث تغيير فيه بحيث لا يهاجم الجهاز العصبي وهذه العلاجات مبنية على هذا الاساس، العلاجات بدأت بالاستعمال العادي في سنوات الـ 95 بعلاج يدعى كوباكسون، وبعدها علاج الانترفيرون بيتا ويوجد منه انواع، وهذه العلاجات منعت قرابة %30 من نوبات هذا المرض، توجد علاجات أخرى والتي تعمل على تقسيم الخلايا مثل الاوباجيو، وتوجد علاجات تعمل بشكل واقٍ للجهاز العصبي من الوعكة الاكسوجينية مثل التكفيديرا، هذه العلاجات هي علاجات من الدرجة الاولى تمنع ما يقارب %40 من النوبات لدى المرضى، وهذا شيء له قيمة كبيرة جدا حيث يمنع كثرة النوبات والتي قد تؤدي الى الشلل. ان لم تنجح هذه العلاجات في منع النوبات أو اذا حدثت نوبات كثيرة لدى المرضى - اكثر من نوبتين في السنة، ونوبات صعبة فممكن اللجوء الى العلاجات من الدرجة الثانية، وتوجد علاجات تعمل قسم منها مثل الجيلينيا فينغوليمود على عدم تحرير الخلايا البيضاء للدورة الدموية وذلك يمنع مهاجمة جهاز المناعة للجهاز العصبي. يوجد علاج جديد صودق عليه هذا العام والذي يسمى كلادريبين وهو يعمل على ما نسميه تجديد جهاز المناعة حيث يمنع ذلك حصول النوبات، وتوجد مجموعة من العلاجات الجديدة، العلاجات البيولوجية، ويوجد علاج يدعى ناتاليزوماب يمنع أكثر من نحو 70% من النوبات وله مضاعفات ولذلك نبدأ فيه بالحالات الصعبة جدا ولمن يصاب بعدة نوبات سنويا. توجد ايضا علاجات اوكريلوزوماب او اوكريفوس، وهذا العلاج بيولوجي ويعطى مرة كل نصف سنة ، ويوجد علاج اخر هو ليمترادا او الميتيزوماب، يعطى بالسنة الاولى لخمسة ايام على شكل مصل وبعد ذلك بعام يعطى لثلاثة أيام، وهذا العلاج يخفض الكريات البيضاء المسؤولة عن جهاز المناعة الى حد ملحوظ جدا، وبعد ذلك يحدث تحسن ولا تعود لتكون مهاجمة للجهاز العصبي كما كان الوضع قبل العلاج. هنالك ادوية عديدة تحت البحث، وهنالك أبحاث لزرع خلايا جذعية. القرار بالنسبة للعلاج يكون للطبيب المختص المعالج ونحن اليوم نشدد على فعالية المرض وان كان فعالا ام لا، فإن عانى المريض من نوبات، او عن طريق صورة الـ ام ار اي، وان وجدت علامات لفعالية المرض وحتى ان لم تحدث نوبات ملحوظة جسمانية، فقط لمجرد وجود علامات فهذا يعني انه يجب العمل على تصعيد العلاج لمنع فعالية المرض نهائيا، ويبقى المريض تحت المراقبة الدائمة ويتم اجراء الفحوصات اللازمة له بشكل دوري مثل فحص ال ام ار اي، واحيانا اخذ عينة من سائل النخاع الشوكي".

*هل توجد حالات شفيت من المرض؟

"كما ذكرنا العلاجات تستطيع ان تجمد المرض بشكل ملحوظ، على سبيل المثال كانت لدي حالة مرضية لشخص يعاني من المرض منذ 15 عاما، وفي السنة الاخيرة كانت فعالية المرض كبيرة جدا من حيث الاعراض الظاهرة من ناحية جسمانية وكذلك من خلال فحص الـ ام ار اي، ووصل الى 4-5 نوبات خلال اقل من سنة ووصل بحالة صعبة للغاية وكان جسمه شبه مشلول من حيث الكلام، بلع الطعام، عدم المشي وتحريك الاطراف، واتخذنا القرار باعطائه علاجات أقوى بالرغم من تلقيه علاجات من الدرجة الثانية، وتلقى استروئيدات ومضادات حيوية وهو مصاب بالنوبة قمنا بعلاجه بعلاج ليمترادا واليوم المريض بحمد الله عاد الى وضعه كما كان قبل النوبات الاخيرة ووقف على رجليه وعاد لتناول الطعام والحديث، وعادت له القوة في يديه ورجليه".

كيف بالامكان العيش مع هذا المرض؟

"هذا المرض لا يقصر الحياة، في معظم الحالات، خاصة ان بدأ بعد سنوات الثلاثاين ويستطيع الانسان ان يواصل حياته بشكل عادي، ويوجد قسم كبير من المرضى وبالرغم من انهم مقعدين الا انهم يعملون، كذلك يستطيع الشخص المريض ان يتزوج وينجب الأولاد لكن خلال الحمل لدى النساء لا يمكن اخذ العلاجات، ونرافق الجميع ولدي الكثير من المتعالجين الذين شخص المرض لديهم قبل الزواج وتزوجوا ويواصلون الحصول على العلاج ويعيشون حياة عادية وسعيدة، ونشجع الجميع على الاستمرار في حياتهم، ولا يوجد اثبات ان الاهل يقومون بتوريث أولادهم المرض، وعندما تحدثت عن العوامل الوراثية قصدت انه ربما توجد جينات معينة قد تكون السبب لظهور المرض. نسبة المرض اذا كان مريض في العائلة اكثر مما يحصل في باقي المجتمع. لكن ذلك لا يعني ان الاب او الام قد يورثا المرض لأولادهم".

*ما هي النصائح التي تقدمها للقراء للكشف عن هذا المرض؟

"انصح الجميع عند الشعور بأعراض أي خلل ناتج عن الجهاز العصبي المركزي مثل خلل في السمع، خلل في التوازن، خلل في القوة، الرؤية، المثانة وغيرها، ومن يعاني من هذه الامور ان يتوجه في الحال الى الطبيب لتوجيههم الى الطبيب المختص، فاكتشاف المرض وتشخيصه المبكر يساعد في العلاج ويمنع حدوث نوبات واضرار أكثر مستقبلا، من المهم ان يكون في مجتمعنا القدر والمعرفة الكافية والادراك لهذا المرض، لانه يصيب الشابات والشباب وهم في ذروة جيل الانتاج فنحن نتحدث عن سنوات العشرين حتى الاربعين من حياتهم، لذلك من المهم ان يعي الجميع انه بامكان الشخص تلقي العلاج ومتابعة مسار حياته بشكل طبيعي واطلب من كل مجتمعنا التوجه للأطباء المختصين للفحص على الأقل للحصول على العلاج.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]