عقد المعهد الأكاديمي العربي للتربية في الكليّة الأكاديميّة بيت بيرل ندوة حول التعلم المشترك الذي يجمع ما بين الطلاب العرب واليهود ويهدف إلى احداث تغيير اجتماعي، وذلك بالتعاون مع الكليّة الأم وبمشاركة ودعم مؤسّسة مطاح، المركز للتكنولوجيا التربوية، وادارة لواء المركز في وزارة التربية والتعليم والاتحاد الأوروبي. وتضمّنت الندوة محاضرة قيّمة حول التعلم المشترك من منظور البحث قدّمت من قبل د. علي وتد، رئيس المعهد، ود. شاني بايس، بالاضافة إلى تنظيم طاولات مستديرة جمعت ما بين المشاركين لبحث ومناقشة القضايا التعليميّة والتربوية المرتبطة بموضوع التعلم المشترك والتي تطرح وتثار من خلال العمل الميداني في هذا المجال الذي ينخرط فيه المعهد الأكاديمي والكليّة الأم ويعملان على تعزيزه وتطويره سواء من المنظور البحثي والأكاديمي وكذلك عبر تطبيق ذلك على أرض الواقع من خلال مشاريع مشتركة تجمع ما بين المحاضرين والطلاب العرب واليهود في المؤسّستين الأكاديميتين وكذلك الطلاب والطواقم الادارية والتربويّة في المدارس العربية واليهوديّة المشاركة في هذه المشاريع .
وتناولت المحاضرة التي القاها د. علي وتد ود. شاني بايس، التعلم المشترك في منظور الأبحاث، بحيث تعمّقا في عرض العوائق والتحدّيات العديدة التي تواجهها منظومة التربية والتعليم لمجتمع مشترك وسبل معالجتها. ويقترح الباحثان أن يرتكز المجتمع المشترك على أسس محدّدة لانجاح هذه الشراكة، كضمان الحقوق الجماعيّة لكل مجموعة والتي تكفل الحفاظ على الهويّة والانتماء وعدم الاكتفاء فقط بالحقوق الشخصيّة، وكذلك عدم الاكتفاء بازالة الحواجز أمام اندماج الأفراد في المجتمع والاقتصاد والثقافة وانّما دمج الفن والقيم والرّموز التي تمثّل المجموعات المختلفة في الحيّز العام. بالاضافة الى ذلك، اتاحة المجال امام روايات مختلفة فيما يتعلق بالتاريخ والوقائع والتي تمثّل مختلف الأطراف، بأن تأخذ مكانها في الحيّز العام، وتذويت فكرة أن كل طرف يمكن أن يتحوّل إلى أقليّة في مناسبات مختلفة والحرص على عدم هيمنة أي طرف بشكل دائم، كذلك الحرص على تكافؤ الفرص أمام الجميع والمساواة التامة.
وشدّد الباحثان على أهميّة العمل على تعزيز الثقة المتبادلة بين المجموعات المختلفة التي تكوّن المجتمع الاسرائيلي مع الحفاظ على مبدأ المساواة والتوزيع العادل للموارد العامّة. وبحسب الباحثين، على جهاز التربية والتعليم أن يقود هذا التغيير وأن يتحوّل العاملين في هذا الجهاز وبالأخص طواقم المعلمين والمعلمات إلى وكلاء تغيير، الأمر الذي يلزم تأهيلهم في مجال الحياة المشتركة وبناء برامج خاصّة في هذا الصدد واخراجها إلى حيّز التنفيذ.
وتأتي هذه الندوة تتويجًا لمشروع التعلم المشترك بهدف التغيير الاجتماعي بمبادرة المعهد الأكاديمي العربي للتربية في الكليّة الأكاديميّة بيت بيرل والكليّة الأم، والذي بدأ قبل نحو عام، ويجمع المشروع ما بين محاضرين وطلاب عرب ويهود من المؤسّستين الاكاديميتين الذين يدرسون في تخصّصات العلوم والرّياضيات واللغة الانجليزيّة، وذلك في اطار تدريبهم داخل المدارس، أي أنّ المشروع يجمع أيضًا ما بين طلاب المدارس العرب واليهود في سيرورة تعلم مشتركة.
ويتبنّى هذا المشروع النموذج الشمال ايرلندي مع ملاءمته للواقع المحلي بمختلف حيثياته وتركيباته، وذلك للتعلم من التجربة التربويّة في شمال ايرلندا، علمًا أنّ هذه المنطقة كانت قد عانت من صراع عنيف بين مواطنيها الكاثوليك والبروتستانت على مدار عشرات السنوات، وقد تمّ تطوير نموذج تربوي خاص للتغلب على آثار هذا الصراع وبناء مجتمع صحي وموحد. وتمّ في اطار المشروع تطوير برنامج تعليمي وتربوي مرموق وناجع وسهل التطبيق يدمج ما بين الفئات السكانيّة المختلفة بهدف التقريب فيما بينها، ويطوّر المهارات الاجتماعيّة في أوساط الطلاب ويعزّز انفتاحهم على الآخر. وتمّ تطبيق المشروع في العديد من المدارس العربية واليهوديّة، اذ يجتمع الطلاب لتعلم الرياضيات والعلوم واللغة الانجليزيّة بشكل مشترك من خلال الالعاب التعليميّة والفعاليّات والورشات، بتوجيه وارشاد طاقم المعلمين المتدربين من المعهد الأكاديمي العربي للتربية والكليّة الأم الذين يجتازون تدريب وتأهيل مسبق في هذا السياق لتهيئتهم كقادة تربويين.
ويسعى البرنامج إلى جسر الهوّة ما بين الطلاب العرب واليهود والتغلب على الآراء المسبقة لديهم وتطوير مهاراتهم الاجتماعيّة، وبنفس الوقت تحسين تحصيلهم العلمي في المواضيع المركزيّة. ويطمح القيّمون على المشروع إلى تعميمه ليشمل أكبر عدد ممكن من المدارس في كل أنحاء البلاد. ومن الجدير بالذكر أنّ المشروع يرفق بالبحث العلمي والتقييم لضمان نجاحه ونجاعته.
[email protected]
أضف تعليق