من الأجمل؟ عبارة «جنّة المرء داره» أو عبارة بالإنكليزية تقول: «ربّ احفظ بيتنا»؟ البيت والوطن صنوان في العربية والعبرية، وغيرهما من اللغات.
يقول اللبنانيون: «البيت بدو ست»، لأن شقة العازب غيرها شقة تديرها زوجة. ويقول الأجانب إن البيت العربي نظيف ومرتّب، على عكس الشارع العربي.
صار لي ربع قرن وشقتي تخلو من «ست بيت»، والشاعر الذي قال «حريتي فوضاي» كانت ست ترتب له فوضى بيته.. وهو الذي يطبخ ويجلي!
1 ـ المجلى!
أيها العازب إيّاك أن تؤجّل جلي أدوات المطبخ، وتتركها مكومة ووسخة إلى اليوم التالي. لماذا؟ لأنك لن تتذوق قهوة الصباح بمزاج رايق، مع تكشيرة الكؤوس والصحون، الملاعق والسكاكين.. ناهيك عن الطناجر!
يقولون: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، وربما يقصدون، أيضاً، ألا تترك جلي أدوات المطبخ تبيت في المجلى إلى اليوم التالي.
قرأت شيئاً طريفاً، وهو أن جلي عدّة الطبخ والمطبخ نوع من رياضة مفيدة من جانبين: بدني وعقلي، لذا لم أستغرب من درويش قوله إن صوراً شعرية كانت تأتيه مع حنفية الماء وغسل الصحون وتجفيفها!
2 ـ رتّب فراشك
قد تنهض من نومك ثقيلاً في الصباح، وتسارع إلى تحضير قهوتك لاستجلاء واستجلاب الصحو. هناك فارق، غير لغوي، بين «استيقظ» و»فاق» وبينهما وبين «صحا» بعد قهوة الصباح.
ترون في السينما مهاجع جنود الثكنات أن الضابط يتأكد من جنوده، قبل الإفطار وطابور الصباح، هل رتّبوا أسرّتهم؟
لا تترك أغطية سريرك «مكركبة» في الصباح، لأنك لن تؤوي إلى نومك مرتاحاً في المساء، هذا عدا أن ذلك رياضة بدنية، تبدأ بالتمطّي مثل طفل، مع أخذ خمسة أنفاس شهيق عميق، وزفير عميق، وكأس ماء على مهل، ثم تضع «دلة» القهوة على النار.. وترتب سريرك، ليرحّب بك في مساء اليوم، بدلاً من أن يلقاك بتكشيرة في المساء المتأخّر!
3 ـ وجبة ساخنة
يميل العازب الذي يطبخ طبخة ليقتات منها على مدار يومين وثلاثة أن يلجأ إلى تسخين صحنه بالميكروويف. لا تجعل هذه العادة معتادة، لأن لها محاذيرها الصحية إن أسرفت بها.
يمكنك أن تسخن وجبتك بوضع صحنك على طنجرة صغيرة ملأى بالماء، وتغطي الصحن بغطاء آخر، ثم تشغّل أصغر عيون طباخ الغاز مهلاً على مهل!
4 ـ النساء أطول عمراً
كم مرّة في اليوم تنحني ست البيت ذات الأولاد الأربعة لالتقاط أشياء من فوضى الأولاد. لعلّ ذلك رياضة هي بعض أسرار طول عمر المرأة. عليك أن تقوم بين الفترة والأخرى بتنظيف بيتك بنفسك، لأنها رياضة بدنية وروحية، أيضاً. لا أحد ينظف بيتك كما تفعل بنفسك.
.. وأخيراً، لا رياضة تعادل رياضة المشي، خاصة في الصباح، ومن بيتك إلى مقهاك، خاصة إن كان دربك مليئاً بالطلعات في الشوارع.. وهكذا يدقّ قلبك، كما لا يفعل في مشاوير المساء، أو بالذات عندما تدير مفتاح سيارتك صباحاً إلى عملك. واحد قال: حتى إلى الدكانة القريبة أذهب بسيارتي لشراء علبة سكاير؟!
يا بلدية ـــ 1؟
صار لبلدية رام الله، بعد التوسيع والإضافات، مبنى محترم وجميل هندسياً ووظيفياً. صارت حديقة البلدية ملحقة بمبناها المتجدد، بعد إعادة هندستها.
المهم، لاحظت أن أشجار الحديقة تخلو من زرع، أو إعادة زرع، شجرة زيتون معمّرة، بينما لا تخلو ساحات المدينة وشوارعها، خاصة في رام الله ـ التحتا، من شجيرات الزيتون.
يعني ماذا؟ مثلاً «باب النجار مخلّع».. إلى أن تفطن البلدية وتزرع زيتونة، كما فعلت، مثلاً، بساحة قصر رام الله الثقافي، والشارع المفضي إليه.. وشوارع البلدة القديمة.
في قرية بردلة قلعت جرافات الاحتلال 300 شجرة زيتون، فأعاد متطوعون زراعة 300 شجرة، ما لبثت الجرافات أن قلعتها.
الزيتونة بمثابة «شجرة قومية» فلسطينية، وكانت الصنوبرة شجرة إسرائيل القومية.. إلى أن أفاد استطلاع أخير فيها بأن الزيتونة صارت شجرتها القومية.. حرامية! كانوا يقولون: الزيتون للدواب والعرب!
يا بلدية ـــ 2؟
اقترحت على صديق هو عضو منتخب في مجلس البلدية أن يطرح على المجلس اقتراحاً بتسمية أحد شوارعها باسم «علي أبو طوق» ففعل، ثم اقترحت عليه أن يطرح على المجلس شرط موافقته على تسمية آرمات محلات المدينة، وأن يفرض عليها اسماً عربياً، إلى جانب الاسم الإنكليزي. هناك طغيان للحروف والأسماء اللاتينية وحدها على المحلات الجديدة.
صحيح، شوارع المدينة ذات أسماء فلسطينية وعربية وعالمية. هذا جيّد، لكن على البلدية الدفاع عن كرامة اللغة العربية، كما تفعل إسرائيل بالدفاع عن كرامة اللغة العبرية، وكما تفعل الدول المجاورة.
هاكم ما كتبه ميرون بنفينستي في «حلم الصبار»: «إن الغنى الكامل في الأسماء التي أطلقها العرب على الأماكن مدهش في جماله وحساسيته للمشهد الطبيعي، ورقة في التمييز واختيار الصور».
إسرائيل تسرق المكان، وتحوّر اسمه.. أي تخلع جلده وتسبغ عليه حلة عبرانية منتحلة.
[email protected]
أضف تعليق