بسام ابو شريف
التقى ترامب وماكرون ، مهد ماكرون لزيارته هذه بوصفها فرصة اقناع واشنطن بما تريده اوروبا ، وهو عدم انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع ايران ، الذي كرسه مجلس الأمن كمعاهدة دولية .
ماكرون الذي تعود منذ أن كان طالبا في الثانوية أن يكون ملتصقا بمن يحميه ومن يقوده ، ذهب في الواقع لاعلان ولائه للذئب الذي لايشبع دونالد ترامب .
لكنه وحسب نصيحة مالكة ولائه الأولى ، ألبس اعلان ولائه هذا بثوب ” دارتانيان ” ، وتوجه لواشنطن ليعود بطلا أمام ” الفرنسيات والفرنسيين” ، (كما كان يخاطب ديغول الشعب الفرنسي ) .
الزيارة كانت زيارة دولية ، زيارة رسمية، لكن ترامب( الذئب من أب ثعلب ) ، أعطى تلك الزيارة أبهة مضخمة أدهشت ماكرون وراعيته . فجاءت الزيارة مليئة بالمخمل والشامبانيا وفساتين السهرة والقبل الحميمة .
من ناحيته ، كان ترامب قد قبض سلفا مايريد أثناء زيارة ماكرون السابقة ، لكنه أراد أن يعطي ماكرون الغطاء ، وأراد أن يعطي نفسه فرصة التقاط أنفاس بسبب الصراعات والفضائح التي علا صراخهاخارج جدران البيت الأبيض ( وقد يكون أخطرها ماهو آت ، وهذه المرة ربما تكون من أقرب المقربين اليه ، أي محاميه كوهين ) ، لكنه لم يغير موقفه اطلاقا ، وترك ماكرون يقول مايريد أن يقوله ، واذا لخصنا ما قاله ماكرون ، فان الاتفاق النووي سيصبح ” حسب خارطة الطريق التي اتفق عليها مع ترامب ” ، لاغيا من واشنطن واوروبا ايضا في حال عدم موافقة ايران على التفاوض على تعديلها لتشمل بنودا تتعلق بالصواريخ الباليستية ، وأمن اسرائيل ، وتراجع ايران من سوريا والعراق .
وأعطى ماكرون فرصة زمنية حتى العام 2025 ظانا أنه يتذاكى ؟!! .
بين تقبيل ترامب لوجنة ماكرون اليسرى وتقبيله لوجنته اليمنى أعلن ترامب ، وهو يربت على يد ماكرون أنه لن يسمح لايران بالوصول الى المتوسط !!!
جملة يقولها ترامب قد تبدو مبهمة للبعض ، فالمعروف أن قوات ايرانية وصلت بالفعل للمتوسط من خلال وجودها في سوريا وقرب طرطوس ، وحتى لو لم تكن قرب طرطوس فانها موجودة في مطار وقاعدة T4 ، التي قصفتها اسرائيل بالصواريخ من الجو ، وذهب ضحية ذلك سبعة شهداء ، فماذا نستخلص من كل ماشاهدناه وسمعناه وقرأناه :-
– المبالغة في تدشين صداقة شخصية بين ترامب وماكرون مضحكة ، فقد شاهد المرافقون مدى ” تضايق ” ماكرون من قبل ترامب . والغريب أن الاثنين بدءا بالقبل ، وهذا غير مألوف لدى الغرب والغربيين ، فالقبلة هي التي يتبادلها الغربيون مع النساء وليس الرجال ، لكن كون الاثنين ينطلقان لنهب أموال الشرق العربي ، فقد تبنيا أسلوب الشرق ” الجزيرة والخليج تحديدا ” ،لقد كاد الاثنان أن ينسيا ضرورة تحية السيدتين بالقبلات . ( عندما استقبل ترامب نتنياهو ، وعندما زار اسرائيل لم يقبل بنيامين نتنياهو ، بل اكتفى بتقبيل سارة ) ، هذه القبل ، هي اعلان المصلحة المشتركة ، وتحديدا خضوع ماكرون لترامب تماما كما يخضع الثعلب الصغير للثعلب الكبير .
ووقع ماكرون على موافقة فرنسا على قبول فتات مائدة ترامب الشرق أوسطية على أن يدفع الجنود الفرنسيون ثمن ذلك دما .
-يريد ترامب أن يستخدم ماكانت التقارير القديمة قد ذكرته حول المكانة الخاصة لفرنسا لدى العرب .
لكنها تقارير قديمة تعود الى عهد ديغول ، الذي كان العرب ومازالوا يرون فيه بطلا من أبطال مبادىء الثورة الفرنسية ، والرجل الذي قاد المقاومة المسلحة للاحتلال النازي والمؤيد لحرية واستقلال الجزائر ، والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني .
فرنسا تزود اسرائيل بالسلاح والتكنولوجيا ، ولا تتخذ موقفا من الجرائم التي ترتكب ضد المدنيين في فلسطين واليمن وسوريا ( وصمتت على جرائم الرقة الجماعية التي ارتكبها الأميركيون ) ، وفرنسا تزود الارهابيين بالسلاح ، وتعطي الحكومة موافقتها للشركات الفرنسية مثل ” لافارج ” ، لشراء النفط والمعادن المسروقة من الأرض السورية من داعش والنصرة ، وتزود السلاح للارهابيين مقابل أموال تدفعها العائلة السعودية ودول خليجية اخرى .
-فرنسا تريد حصة من المنهوب والمقدر للنهب من العراق وسوريا واليمن ، وقد نال ماكرون موافقة ترامب على نسبة 15% ، حسب قول أحد الأميركيين المطلعين على مجريات كوشنر .
– وسيكون بوق ماكرون حول ايران بوقا أميركيا ، وستصمت اوروبا ، سوف يفاوض الروس على أن انسحاب الأميركيين يجب أن يسبقه انسحاب ايران من سوريا ، وعدم وصول ايران للمتوسط سيعني أن يضغط ماكرون لعدم تسليم روسيا أنظمة دفاع جوية لسوريا قادرة على صد الاسرائيليين الذين اتفقوا مع ترامب ” وأعلم ترامب ماكرون ” ، على بدء عمليات مستمرة ضد المواقع الايرانية ، ومواقع حزب الله ، والمجلس السوري بعد زيارة ترامب لاسرائيل وللقدس في منتصف الشهر القادم .
اما انسحاب القوات الأميركية فيخطط ترامب هو، ودول عربية على رأسها السعودية لاحلال قوات عربية بمظلة أميركية تحت اسم جيش سوريا ” التابع للمعارضة المقيمة في الرياض واسطنبول وباريس ولندن وفينا ” .
وسيترك ترامب الحرب لاسرائيل وحلفائها بدعم بريطاني وأميركي للتصرف في جنوب سوريا على جبهة تمتد من السويدا الى درعا وربما الرمثا ” ، وستكون متواصلة مع قواعد عسكرية مساندة على طول الشريط الحدودي بين الاردن وسوريا من النتف حتى الرمثا واربد .
أضاف ماكرون مغريات لايران ، ظنا منه أنها مغريات : فقد قال ” بالمشبرح ” ، سوف نتفاهم مع ايران على حصتها في المنطقة مقابل تراجعها عن التدخل العسكري أو التمدد القتالي ، ودعممسلحين في المنطقة ، أي أنه اذا كانت ايران تسعى لجني مكاسب مالية أو اقتصادية في دول المنطقة ، فان ماكرون الذي حصل من ترامب على فتات جاهز ليتفاوض مع ايران باسم كل الذئاب حول حصتها من هذا .
ماكرون ، الساذج غاب كليا وغيب عنه كليا أن ترامب يتلقى أوامر وأنه ينفذ هذه الأوامر ، اذ أن قراره مرهون بما يوافق عليه بنيامين نتنياهو ومن يصدر لنتنياهو الأوامر انها الحركة الصهيونية التي يقودها روتشيلد .
ان الوعي الفرنسي، هو أعلى بكثير مما يظن ماكرون ، ولن تمر على هذا الشعب مسرحيةالقبل ، ولنيقبل بهذا الحلف غير المقدس تماما كما ستسقط تيريزا ماي سيسقط ماكرون ، ولن يكون هذا سلسا ، بل ستشهد انجلترا وفرنسا نشاطا شعبيا عارما ضد سياسات الحكومتين الاجرامية ، ودعمها لذبح مئات الآلاف من المدنيين ، وتزويدها للطغاة بالسلاح والذخائر المحرمة لقتل الأطفال في اليمن وفلسطين وسوريا .
[email protected]
أضف تعليق