هل من الصعب فهم سبب قوة غزة ؟ هل من الصعب استيعاب معنى التضحية بالجسد في ظلال حياة تخنق فيها الروح مع كل نفس ؟
سيخنقنا دخان غزة ؟
غزة التي تقاوم مقاومة الأبطال ، وتضحي تضحية الزاهد، وتناضل من أجل الوجود حتى الرمق الأخير ، نعجز دائما امام قوة أهلها مقابل عجزنا المخزي.
سيبقى مشهد اندفاع الناس في مسيرة سلمية نحو الحدود إلى بلدات لم ينس أصحابها مكانها، ولا يزال الكثيرون يحتفظون بمفاتيحها القديمة، وكواشين ملكية الارض وعقودها،وقنص قوات الاحتلال لهم ورشهم بوابل الرصاص، مشهدا يسجله التاريخ على بطش الاحتلال وظلم الحياة وخنوع الجميع من ساسة وحكام ارض.
بارتقاء ١٧ بطل وجرح العشرات من المحاربين من اجل حرية رمزية الأسبوع الفائت، ليس بالغريب على عزة فلسطين ان تقوي هكذا جريمة بشعة ابناءها. فهم لا يفهمون معنى تجريد الانسان من كل وسائل العيش وحرق القلوب وتجويع البطون. لا يفهمون معنى ان تتساوى الحياة والموت في ظل وضع لم تعد حتى الانفاس فيه ممكنة.
ذكرت غزة العالم الأسبوع الماضي بان أهلها ابطال يشدون اجسادهم نحو الارض في مواجهة كما يخترقون الارض في انفاقهم.
لم يحرك القتل ضمير العالم المستتر وراء المصالح والخوف والخنوع ، ولكن حرّكه حرق الاطارات في مسيرة جديدة نحو الحدود.
ما احبه بغزة هو هذا الإصرار … هذه العزيمة التي لا تنكسر… هذه الوسائل الخلاقة التي يستنبطها اَهلها من العدم …من العوادم… ومن كاوتشوك الاطارات ..
لعل العالم الغائب الخائف على انفاسه من التلوث ينتبه ولو للحظة معنى العيش في غيتو غزة .
شبه محمد بن سلمان المرشد الإيراني بهتلر ، ولَم يحرك في عقال رأسه هذا الحصار المقيت الذي تفوق في قمعه النازية والفاشية والداعشية. يخافون من عوادم الاطارات ولا يعرفون ان الصرف الصحي مصروف في غزة بالشوارع وعلى حواف الحدود. هؤلاء الذين لهم “حق في العيش على اراضيهم”بالنسبة للزعامة العربية في وجوهها الجديدة يرمون صرفهم الصحي في نفس الحدود التي تحرق فيها الاطارات..
يخافون من التلوث ؟
يهابون التلوث والاختناقات؟
غزة تعيش في ظروف لا إنسانية منذ سنوات . مياهها غير صالحة للشرب.اسماكها مسممة بملوثات المستعمرات. معابرها مغلقة والأسلاك والجدار الفاصل والعازل يحيطها من كل مكان والقناصون على مرمى رصاصة لمن يقترب .
وتقد مضاجع العالم النائم زيادة في ثاني أكسيد الكربون بأنفاسه ؟
ربما كان الدخان الأسود المنتشر عبر حدود الظلم والقتل والاستبداد مذكرا للعالم الخانع ان في غزة بشر يستنشقوا هذه العوادم حياة، منذ زمن ولا يحرك العالم من سكونه امر.
في غزة تختلف المعاني وترجع الى اصولها. فمسيرة العودة للعودة لا للتصوير ولا للعرض ولا لتبادل الشعارات والتنديدات الفارغة.
مخيم العودة للعودة ، لا للقاءات تلفزيونية ولا استعراضية ولا استكشافية لهواة التحرير من مشجعي الحريات العرضية.
حرق الاطارات مواجهة تجعل من المخيم مخيما ، ومن المنطقة رمادا منددا بسماء إرثها الصفاء الكاذب.
قي غزة المسيرة مسيرة والمخيم مخيم والنضال نضال والمقاومة هي مقاومة مباشرة لعدو ينتهك الحرمات ويستبيح البشر.
غزة تفضح المتخاذلون ، المتقعصون، الجبناء منا.
غزة تعري الحقيقة لما تغطيه السياسات وتضع العالم كله امام مرآة نفسه… لتعلم العالم من جديد.. ان المقاومة حق … والحق لا يضيع لطالما المطالب فيه ابن غزة العزة .
[email protected]
أضف تعليق