عفواً، يا عاموس هرئيل وألوف بن، لقد قمتما بعمل مدهش في التقرير حول قصف المفاعل السوري، الذي تشر مؤخرًا في هآرتس، لكن لسبب ما أنا لا أصدق. هل يتوجب علي يجب أن أصدق أن المفاعل هو من إنتاج كوريا الشمالية، أقيم خلال سنوات من دون أن يلاحظ أحد ذلك؟ كيف وصل المفاعل من دولة كل عصفور يخترق حدودها يُسجُل في يوميات المخابرات الأمريكية؟ وكيف دخل إلى سوريا، التي كل سكين مطبخ فيها تنقل عبرها من إيران إلى حزب الله، يتم قصفه.
خيالي الشرقي يعمل ساعات إضافية لكي يستوعب الرواية إبراهيم عثمان، رئيس اللجنة السورية للطاقة النووية، جمع كل صور المشروع في ملف واحد على حاسوبه المحمول، ووضعه في غرفة في فندق في فيينا من دون رقابة، كهدية صداقة للمخابرات الإسرائيلية. كما يظهر فإن الايام التي كان فيها عملاء الموساد يتجولون في أزقة المدن في الدول العربية، انقضت. اليوم العرب يرسلون البضاعة مباشرة إلى الزبون. وفي الوقت الذي يقوم فيه العالم بالبحث منذ عقدين عن الدليل الدامغ لإثبات خطورة المشروع النووي الإيراني، يقوم السوريون تطوعًا بتوفير تشكيلة واسعة من الدلائل خلال أشهر. ثم هل تريدون مني التصديق أن مبنى كبيرا مهملا في الصحراء، لا دليل لوجود حياة حوله هو موقع التدمير الكارثي الجديد، هل جنّد السوريون أشباحاً من أجل تطوير سلاحهم النووي؟
وأكثر من ذلك، يتبين أنه فقط في الدقيقة التسعين، عثرت الاستخبارات الإسرائيلية على القنبلة الموقوتة، وإذا لم يتم تفكيك «المكعب» (الاسم السري للمفاعل)، خلال ستة أشهر فإن القنبلة ستكون جاهزة. وفي المقابل ها هم الإيرانيون يجمعون منذ عشرين سنة أدوات مختلفة وبأسماء غريبة، مثل أجهزة الطرد المركزي والاخصاب النووي، وهنا في لحظة أصبح كل شيء جاهزاً. ومثل فيلم للإثارة، يتم قصف المفاعل في اللحظة الاخيرة. في هذه المرة خرج الشعب الإسرائيلي، ونحن العرب الذين نعيش في ظله، بسلام. ولكن من يعرف عدد المباني المهملة التي توجد في الصحراء العربية.
حسب التقارير، الخوف الحقيقي كان ليس من الفشل في عملية القصف، بل من رد بشار الاسد الذي كان سيُطلق مئات الصواريخ على إسرائيل. خسارة أنهم لم يسألوا الشعب السوري! آنذاك سيخبرهم السوريون أنه طالما القصر الرئاسي بقي سالماً فإن كل شيء سيمر بسلام بالنسبة لبشار الأسد. حالة الذعر التي تمت اثارتها هنا شبيهة بحالة الذعر التي أثارها الأمنيّون الإسرائيليون قبل حرب 1967 التي ظهر فيها إسرائيل وكأنها على شفا التدمير، وفي اليوم التالي استيقظت وقد تضاعفت مساحتها ثلاثة أضعاف. عندما قرأت عن مناورات التمويه وعن الاجواء السوداوية التي ساد هنا، تخيلت الضباط السوريين الذين ربما كانوا غارقين في إحدى الحفلات الشرقية، وأخذني الاشفاق على الناطور الإسرائيلي الذي لا يهدأ للحظة، باله منشغل دائمًا بالكشف عن الكارثة القادمة.
يتبين أن كل شيء جاء من الورقة البحثية التي كتبها رجل المخابرات "ي"، والذي افترض فيها أنه يجري في «المكعب» نشاط نووي. بعد إطلاق هذا التقدير دخلت النخبة الأمنية في سعي موتور من أجل الوصول الى الدليل الدامغ في فيينا.
بودي هنا، الإعلان بتواضع عن ورقة اخرى، هذه المرة من إنتاج قلمي وموقعة باسمي السري «ع». وعنوانها هو «هراء». منذ العام1948 يحاولون تخويف الشعب هنا، ولم يتحقق في أي يوم حتى واحد في الالف من التوقعات المخيفة. ها هم الاخوان المسلمون صعدوا وهبطوا من الحكم، وها هو العالم العربي يتهاوى، ولا أحد هناك حتى يذكر إسرائيل. بالمناسبة، مجرد التفكير بأن الامر الوحيد الذي يشغل العرب هو كيفية الحاق الأذى باليهود، بالإضافة الى امور كثيرة، هو نوع من العجرفة.
لا أدعي ان «المكعب» كان تجسيد البراءة، لكن أن ننسب له كل هذه القوة هو أمر مبالغ فيه. هيا نأمل أن السيد "ي" لن يكتب ورقة اخرى، ينبئنا فيها أن الصور من فيينّا هي صور لمفاعل آخر، ليس ذلك الذي تم قصفه.
هيّا إلى الملاجئ.
نشر في هآرتس ايضًا
[email protected]
أضف تعليق