الثالث عشر من شباط 2018 سينقش في تاريخ دولة اسرائيل كيوم تم فيه وضع قواعد جديدة: الصباح أصبح مساء، الشمس اشرقت في منتصف الليل؟ حيث في ذلك المساء كان الجميع مستعدين لاحتفال الطهارة الوطني، أُحضر المخطئ مقيدًا الى المنصة المضاءة في ساحة المدينة، وحاملو مشاعل العدل تدفقوا بجموعهم، "جئنا لطرد الظلام".
لكن في اللحظة الحاسمة حصل اللامعقول: قفز المخطئ من القعر الى القمة، دفع الحراس وانطلق في خطابه التوبيخي. واذا سمح بنيامين نتنياهو بأن انضم لطاقم محاميه لما ترددت في مقارنة ما حدث في هذا الاسبوع بحدث آخر حدث قبل اكثر من مئة عام، عندما صعد الفرد درايفوس من الدرك الاسفل الذي القي فيه وهو يصرخ "أنا أتهم" الجملة التي كتبها اميل زولا.
بدل أن يبحث رئيس الحكومة من شدة الخجل عن مكان مظلم يجلس فيه، فقد قفز الى المنصة وخطف الميكروفون وانطلق في خطاب وطني يليق فقط بالشخصيات العظيمة في العالم، ونستون تشرتشل بعث من جديد.
بعد هذا الكابوس دار في رأسي سؤال أين تعرفت هذه الوقاحة. أنا أعرف هذا السحر جيدا – كيف يتم تحويل الاسود الى ابيض، الجريمة الى بطولة والضحية الى قاتل. نعم، أنا اعرفها عن قرب وعن بعد.
عندها تذكرت. إنهم يفعلون هكذا المرة تلو الاخرى. كل الحاخامات والسياسيين والوزراء ورؤساء الحركات السياسية يقلبون العالم من اجل تبييض بؤرة استيطانية في الاراضي المحتلة، حيث كل شيء هناك سرقة وسلب. وبعدها، على الغالب، يبقى السالبون في مواقعهم على ارض ليست لهم، أو على اكثر تقدير، ينتقلون الى مكان مجاور. حيث يسلبون ارضًا فلسطينية بينما البناء والتخطيط والمؤامرات القضائية – على حساب مواطني اسرائيل.
نعم، بدايتة هذه الوقاحة هو التعامل مع مئات الآلاف من سكان الدولة، الذين سلبت ارضهم منهم بقوة قانون غير اخلاقي. في حين أن "هدايا" الارض – خلافا لهدايا ارنون ملتشن، اعطيت بدون موافقة اصحابها – يتم اغداقها فقط على مواطنين من أبناء الشعب الشقيق، الشعب اليهودي. بعد ذلك فان كل تذمر، كل احتجاج، كل محاولة للمقتلَعين للعمل من اجل اعادة اراضيهم، تعتبر تمرد يجب قمعه. بالضبط مثلما أن كل انتقاد لبنيامين نتنياهو – الذي في مجمل الامر تسلل الى جيبه، حسب التهام، مليون شيكل، والتي لم يكد يشعر بها (كما قال أحد محاميه) – هو افشال انقاذ المشروع الصهيوني.
اقوال اليمين بهذا الشأن – سواء اليمين الموجود في الحكم أو الموجود في المعارضة – تبدو عرجاء وحتى مضحكة. وزير الدفاع السابق موشيه يعلون الذي يشن حرب شاملة ضد نتنياهو بشأن سلوكه في كل ما يتعلق بشراء الغواصات الالمانية، قال إن "الحدود يتم ترسيمها بواسطة تلم المحراث". وهو يريد اسكان مليون يهودي آخر في المناطق المحتلة. في الوقت الذي اصبح واضحا فيه أن سلب الاراضي فقط سيضمن لهم مكانًا. يعلون يرى حسب رأيه، أن من يسلبون الاراضي هم طاهرو الأيدي، والذين في نهاية عملية السلب الوطنية يجلسون في غرفة الطعام في المستوطنة ويتقاسمون بتواضع الخبز والزيتون وكأس الحليب.
من يعتقد أن استقالة نتنياهو أو ابعاده ستنهي الرشوة، فهو يعيش في وهم. ايضا الاستطلاعات تقول عكس ذلك. في الولايات المتحدة فان ترامب يهبط في الاستطلاعات بعد كل قضية يتورط فيها. وهنا نتنياهو يحافظ على مكانته كرئيس للحكومة حتى بعد توصيات الشرطة. الاسس الاخلاقية هنا بالية لأنه، كما يقول المثل العربي "السحر انقلب على الساحر". ليس بالإمكان الاستمرار بهذه الصورة – من جانب، سرقة اراضي فلسطينية، ومن الجانب الآخر الحفاظ على طهارة اليدين عندما يتعلق الامر باليهود. إن تقاليد السلب التي بدأ بالعرب، سرعان ما ستنزلق نحو اليهود، هذا قانون طبيعي لا علاقة له مع طهارة أيدي "النزيهين" هنا الذين يسمون النهب أخلاقي.
نُشر المقال في "هآرتس"
[email protected]
أضف تعليق