بيان قاضي محكمة يافا الشرعية حول موضوع مقبرة طاسو الاسلامية:
تأبى الشريعة الاسلامية الا ان تحفظ كرامة الانسان حياً او ميتاً فوق الارض او في بطنها مصداقاً لقوله تعالى " الم نجعل الارض كفاتاً احياءً وامواتاً". وقد سخر الله تعالى ظهر الارض للأحياء يعمرونها ويبنون البيوت ليأمنوا فيها, وجعل بطنها للأموات يرقدون في قبورهم (مساكنهم) امنين الى ان يرث الله الارض ومن عليها. واحداث التاريخ في بلادنا تشهد على الكثير من الاعتداءات الاجرامية البشعة على مقابر المسلمين واغتصابها وانتهاك حرمتها من قبل المؤسسة الاسرائيلية وغيرها من الجهات الظلامية الظالمة التي لا تكن للإسلام واللمسلمين إلا العداوة والكراهية والعنصرية البغيضة, وكأنها ليست مقابر لبشر ولا أنفس لها كرامتها.
- ومقبرة طاسو الاسلامية في مدينة يافا وهي ما تبقى لمسلمي يافا لدفن امواتهم فيها, لم تسلم من مؤمرات البيع ومحاولات الاستيلاء كمثيلتها من المقابر الاسلامية , امثال مقبرة عبد النبي (شمال يافا وعلى عظام موتاها اقيم فندق هيلتون وحديقة عامه وموقف سيارات لسفارة بريطانية) ومقبرتي اجليل الشرقية واجليل الغربية(مباني وعمارات في هرتسليا)ومقبرة الشيخ مونس (مواقف لسيارات جامعة تل ابيب ومباني حكومية) ومقبرتي قرية سلمة (مباني سكنية) وغيرها الكثير من المقابر الاسلامية في شتى انحاء البلاد.
ففي عام 1973 قامت لجنة ما تسمى بلجنة "الامناء" على الاوقاف الاسلامية في يافا, وبعد ان حصلت على اذن وفتوى من قاضي محكمة يافا الشرعية بإبرام صفقة ظلامية لبيع نصف ارض المقبرة بحجة ان هذا النصف والبالغة مساحته اربعين دونماً لا تصلح لدفن الموتى ولا لأي وجه من اوجه الاستعمال, بمبلغ مليونين وثمانمائة الف ليرة اسرائيلية بذريعة انتفاع المسلمين بهذا المبلغ من خلال القيام ببناء مساكن للمسلمين بالمبالغ المذكورة!! الا ان الله تعالى كشف للمسلمين امر هذه المؤامرة الحقيرة فهبوا لمنع تنفيذ هذه الصفقة الملعونة بكل ما اوتوا من قوة وهمة, على الصعيدين الشعبي والقضائي فتقدموا بالدعاوي القضائية وبنوا الاسوار حول ارض المقبرة وخرجوا بتظاهرات محلية وقطرية وابوا إلا ان يدفنوا موتاهم في الجزء الذي تعرض للبيع إجهاضاً لصفقة البيع المشؤومه. وقد شهدت اروقة المحاكم مداولات طويلة ومتكررة في امر صفقة البيع الملعونة على مدار حقبة طويلة من الزمن انتهت في عام 2008 حينما صادقت المحكمة العليا, في خطوة ليست بالمستغربة, على صفقة البيع, رافضةَ طلب المسلمين لالغائها, ليأتي قرارها متسقاً مع السياسة العنصرية ضد تواجد المسلمين احياء وامواتاَ على هذه الارض الطاهرة وفي بطنها. من هنا نقول: ان حرمة الميس كحرمة الحي وان قبر المسلم الميت بيته ولا يملك احد مهما كانت قوته وسلطته اخراجه منه وهذا ما اكده ديننا الحنيف في القران والسنة وقد قال شيخ الاسلام ابن تيمية في ذلك:" فإن قبر المسلم له من الحرمة ما جاءت به السنة, اذ هو بيت المسلم الميت فلا يوطأ ولا يُداس ولا يتكأ عليه". وعليه فإن المسلمين في يافا وفي شتى انحاء البلاد مطالبون بالدفاع عن مقبرتهم وعن قبور موتاهم بكل ما اوتوا من قوة وهمه ونضال, وليعلموا ان هذا الامر هو واجب ديني وان من يتخاذل في ذلك فهو اّثم اّثم اّثم !! ولن يكون نصيبه في الدنيا والاخرة إلا الخزي والعار واللعنة من الله. ثم ان على المؤسسة الاسرائيلية المسؤولة عن تعيين من تاجروا بامواتنا واوقافنا ومقدساتنا ان تكف يد الغاصبين عن مقبرتنا بأي اجراء يضمن رفع الظلم عنا وعن امواتنا. وعلى المسلمين في هذه الديار المباركة عامةَ ومسلمين مدينة يافا خاصة الالتفاف حول الهيئة الاسلامية المنتخبة وحول اللجنة الشعبية للدفاع عن مقبرة طاسو في مشوار النضال للحيلولة دون المس بذرة من تراب مقبرة طاسو المقدسة. كما وعلى لجنة المتابعة العليا واعضاء البرلمان العرب تفعيل دورهم لرفع يد الاغتصاب والظلم عن مقبرة طاسو. اما عن الدعاوي القضائية التي تقدمت بها مؤخراَ شركة "يوسي هشكعوت" (وهي التي "اشترت" نصف ارض المقبرة) ضد وزير المالية بصفته المسؤول عن تعيين لجان ما يسمى " الامناء" على الاوقاف الاسلامية, وضد لجنة " الامناء" المذكورة, وضد المسلمين لتعويضها بمبلغ 15 مليون شيكل بدل أُجرة ولمنع المسلمين من دفن موتاهم في المقبرة, ولاقتلاع قبورهم منها فنقول: ان ثبات المسلمين ودفاعهم عن مقبرتهم المقدسة وعن حرمتها وحرمة موتاهم ووقوفهم في وجه الظالم والظالمين لكفيلة بإذن الله تعالى لصد هذا العدوان الجديد الغاشم, ولافشال هذه المحاولات الخسيسة الخاسرة! !
ان قضية مقبرة طاسو بالنسبة لنا من حيث العقيدة والاهمية كقضية المسجد الاقصى لا تخضع للمساومة وهي حق خالص للمسلمين فحرمتها قائمة دائمة ازلية, لا تزول الى ان يرث الله الارض ومن عليها, وان حفظها والحفظ عليها واجب اسلامي لازم وملزم لجميع المسلمين افراداً وجماعات وجمعيات ومؤسسات وقيادات, وليعلم القاصي والداني ان الاعتداء على مقبرة طاسو انما هو تعدياً على الاسلام وعلى المسلمين.
والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون مرفق ادناه صورة عن فتوى قاضي محكمة يافا الشرعية الصادرة في 16/7/1973.
قاضي محكمة يافا الشرعية
محمد رشيد زبدة
[email protected]
أضف تعليق