تسارعت التشريعات والقرارات العنصرية والعدوانية الإسرائيلية، لتؤكد من جديد أن سياسة اليمين الإسرائيلي أصبحت واقعاً حقيقياً على الأرض، على أساس أن الأرض الفلسطينية بلا سكان، وأعطيت لسكان هم أصحابها ولكنهم من دون أرض.. وهي مقولة صهيونية قديمة، ولكنها الآن هي الحقيقة المرّة التي يحاول البعض القفز عنها أو تجاوزها، أو ربما إغماض عينيه عنها وكأنه لا يراها.
تشريعات الاحتلال العنصرية بدأت من القدس، حيث أكدت على وحدة القدس الغربية والشرقية كعاصمة موحدة لإسرائيل لا يجوز التباحث حولها أو التنازل عنها. وبالتالي فإن القدس أصبحت خارج أي اتفاق قادم حسب التشريع الإسرائيلي، وما شجع على ذلك أيضاً تصريحات الرئيس الأميركي ترامب الذي تفاخر بإخراج القدس من طريق المفاوضات، ولم يعلم هو واليمين الإرهابي في إسرائيل أنهم أطلقوا رصاصة الرحمة على ما كانوا يسمونه عملية سلام.
الجشع العدواني الإسرائيلي أصبح مثل تسونامي هادر، فقد فتح شهية المستوطنين - أصحاب القرار الفعلي في الحكومة الإسرائيلية - لمزيد من الضم والاستيطان، ولهذا جاء قرار "الليكود" بالإجماع الأسبوع الماضي لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية.
قرار الليكود يدعو الحزب إلى العمل من أجل السماح ببناء حر وإحلال قوانين إسرائيل وسيادتها على كل مجالات الاستيطان المحررة في "يهودا والسامرة" أي (الضفة الغربية المحتلة). ألم تلاحظوا كلمة "المحررة" فـ "الليكود" يعتبر أن الأراضي التي يقيم عليها الشعب الفلسطيني بمثابة أرض محتلة؟! هل يوجد معنى آخر. وبالتالي فإن فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق (ج) أصبح قائماً بحكم الأمر الواقع، وعمليات التهجير القسري للسكان الفلسطينيين وخاصة البدو في مناطق شرق القدس المحتلة أو الأغوار هي تطبيق فعلي لعملية الضم وفرض القوانين الإسرائيلية.
تلا ذلك تشريع بالقراءة الأولى في الكنيست حول تطبيق حكم الإعدام على الأسرى الفلسطينيين.. ورغم تحذيرات قادة "الشاباك" فإن مشروع القانون مرر بالقراءة الأولى، وهو قرار يدعو أيضاً إلى قتل الأسرى الفلسطينيين الباحثين عن الحرية والاستقلال.
تبع ذلك قرار من الكنيست لسحب الإقامة من الفلسطينيين المقدسيين ومحاولة إخراج أحياء بعينها من حدود بلدية الاحتلال. وبالتالي جاء القرار أيضاً كمسمار آخر في حلم التعايش مع هذا الكيان العنصري.
في الأسبوع نفسه طالبت وزيرة ما يسمى القضاء الإسرائيلي بالحد من توجه الفلسطينيين إلى المحكمة العليا الإسرائيلية حول قضايا مصادرة الأراضي والاستيطان واعتداءات قوات الاحتلال، وتحويل هذه الالتماسات إلى محكمة أقل درجة منها. وهي بذلك تحاول إغلاق الطريق على أي محاولة فلسطينية حتى لإعاقة سرقة الأراضي والاستيلاء على المقدرات الفلسطينية.. كل هذا التسونامي جاء بعد قرار ترامب الذي أعطى الضوء الأخضر لهذا الانقلاب العنصري وقتل أي فرصة لعملية السلام بل والتأسيس لحقبة قادمة من المواجهة بكل أشكالها.
ورغم كل هذا التدهور، تضع إدارة ترامب مزيداً من القيود، فتزداد تهديداتها بوقف المساعدات أو تقليصها عن السلطة الوطنية الفلسطينية وعن وكالة الغوث كورقة ضغط على الفلسطينيين للقبول بتسوية ذل وعار وبيع ما تبقى من فلسطين وعلى رأسها القدس والمسجد الأقصى.
إذن، نحن الآن أمام وضع مصيري، فليذهب المال الأميركي إلى جهنم، لا نريد كماليات في بيوتنا ولا نريد مظاهر خادعة، حتى نتجاوز هذه الفترة المظلمة في التاريخ العربي والفلسطيني، لأنهم اعتقدوا أنهم بمالهم يفسدوننا إلى درجة نكون فيها كـ"عواد" نبيع الأرض من أجل شهواتنا. ولا يعلمون أن دماء الشهداء وأنين الجرحى والأسرى هي من تضيء لنا طريقاً مظلماً بفعل الأشقاء والغرباء!!
[email protected]
أضف تعليق