عامل فلسطيني بسيط يكد ويعمل في مستوطنة اسرائيلية لإعالة عائلته، التي لا يختلف حالها عن باقي العئلات الفلسطينية الواقعة تحت "جنة" الاحتلال.. هذا العامل أحب أن يصبّح على أصدقائه ومعارفه من خلال صفحة التواصل الاجتماعي، فجاءته الصفعة المدوية من مخابرات وشرطة الاحتلال. في لحظة ظنها لحظة صفاء، التقط صورة لذاته وهو يقف الى جانب تراكتور الجرف، الذي يعمل عليه في المستوطنة الاسرائيلية التي تشاد كغيرها من المستوطنات على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وربما تكون أرضه أو أرض عائلته وأقاربه، ومن شدة سذاجته ظن العامل الفلسطيني أنه سيثير غيرة وحسد زملائه الذين سيعجبون من وقوفه الى جانب التراكتور وليس الى جانب حديقة ورود وزهور، حيث سيقول لهم ها أنا أقود تراكتور كبيرا وأنتم مازلتم تركضون وراء الحمير، ويضحك بلغة الفيسبوك "ههههههههه" التي تدعو للغثيان أكثر مما تثير الضحك.. ومن شدة سذاجته أيضا أنه أطلق تحية الصباح المستحدثة والتي تحمل الغنج والدلع والدلال، والتي يتبادلها عادة العشاق والأحباء وهي: " يصبحهم".. ونام عاملنا البسيط وهو يحلم بردود فعل أصدقائه ومعارفه، ويفكر بكم اللايكات الذي سيحصل عليه والكومنتات التي ستغزو صفحته، وماذا سيقول لأصدقائه المشاكسين وكيف سيزيد من حسدهم، وهو يغالي في وصف التراكتور مستعينا بالمعلقات في وصف سفينة الصحراء..
لكن العامل الفلسطيني "المتشائل"، أصبح عليه الصباح ليس بما أمسى عليه، وربما تمنى في قرارة نفسه ألا يطلع الصباح بمثل ما طلع به. وبدل أن يستقبل التعليقات وعلامات الاعجاب والاستحسان، اذ به يستقبل صباحه بقوات الاحتلال بآلياتها وجنودها التي ضربت طوقا محكما حول بيته لمنع أي حركة أو أي محاولة للهرب، فالاحتلال يقظ ويعرف عن عمليات "التنخريب" قبل وقوعها ويعرف ماذا يفكر كل فلسطيني في قرارة صفحته الفيسبوكية ولا يغيب عنه الطير الطاير فكيف بانتحاري جديد مفترض. كل ذلك حدث لأن قوات الاحتلال وقعت فريسة نظام الترجمة الخاص بالفيسبوك، والذي ترجم كلمة "يصبحهم" تحية الصباح التي بادر بها الشاب ليلقي الصباح على اصدقائه، الى "يذبحهم" ولم يعد من مجال للتروي فهذا العامل يدعو لذبح اليهود وبما أنه يقف الى جانب التراكتور الكبير- الذي تحول الى آلة عمليات انتحارية كما جرى في القدس من قبل- فهو لا بد ينوي دهس أكبر عدد من اليهود!! لم يعد هناك من شك لدى أجهزة الأمن الاسرائيلية من شاباك وموساد وشرطة وجيش وحرس حدود، بأن العامل الفلسطيني ينوي تنفيذ عمليته صباحا فقرروا أن يفطروه قبل أن يفرمهم. وهل يمكن أن تترك تلك الأجهزة الحكيمة ذاك العامل الغبي يقدم على فعلته، وكم سيكون خجلها محرجا أمام الزعيم الصهيوني الجديد، رئيس حزب العمل حبيب العرب والسلام والاستيطان آفي جباي، الذي يسابق نتنياهو وحزب الليكود في سياسته اليمينية ودفاعه عن الاستيطان والمستوطنين في حقهم بالحماية والأمن في مستوطناتهم التي أقاموها في أرض الميعاد أرض يعقوب التي وعدوا بها.
أحضر العامل الى مركز التحقيق وهو يرتعد بردا وخوفا، حيث لم يصح بعد من أحلامه الوردية في استقبال الاعجاب والتعليقات الحسودة من أصدقائه، لو أنهم يرونه أين هو وليتمنوا أن يكونوا مكانه في مركز التحقيق وليس الى جانب التراكتور الجديد، ويتساءل في قرارة نفسه ترى أي جريمة ارتكبها دون أن يدري، حتى يأتي الاحتلال بكل قواته ويتنازل عن هيبته في سبيل انسان بسيط كادح يسعى وراء لقمة عيشه وعيش عائلته، ترى هل يستحق كل هذا التكريم والتعظيم من قبل الاحتلال الانساني الوحيد في العالم؟!
وما أن خرج العامل من جولة التحقيق العبثية، حتى لعن التراكتور وتحية الصباح وذاته الغبية، وقرر الخروج من عالم الفيسبوك وجعل البلوك حدا أبديا.
(شفاعمرو/ الجليل)
[email protected]
أضف تعليق