قرر نادي « سيريو» لكرة القدم في مدينة غرونوبل جنوبي فرنسا، عدم خوض مباراة النهائي على مستوى منطقة رونالب، بعدما منعت رابطة كرة القدم الفرنسية مدربة النادي حضور المباراة إلى جانب فريقها بسبب ارتدائها الحجاب الإسلامي.
وكان من المقرر أن يخوض نادي «سيريو» للهواة الخاص بالفتيات بين 11 و13 سنة، مباراة نهائي «كأس إقليم رونالب» لكن المسؤولين عن النادي قرروا مقاطعة المباراة تضامنا مع آسية العويني، المدربة الفرنسية التي ترتدي الحجاب منذ أن التحقت بالنادي قبل ثلاث سنوات، وأصبحت تشرف على تدريبه بشكل تطوعي.
يذكر أن قرار المنع اتخذه برنار رابيت، رئيس رابطة كرة القدم لمنطقة رونالب الذي راسل النادي، وقرر منع آسية العويني من حضور مباراة النهائي، في حال لم تنزع حجابها، معتمدا على المادة الثامنة من قوانين الجامعة الفرنسية لكرة القدم التي تمنع ارتداء ملابس تعبر عن الانتماءات السياسية أو النقابية أو الدينية.
وفي تصريح لـ «القدس العربي»، أكد عمار بن قدوار، رئيس النادي أن رابيت اتصل به وقال «بما أن آسية ستكون داخل الملعب وترتدي الحجاب فهذا يخالف القانون، وبالتالي لا يمكنها ذلك، ولن تكون استثناء».
وأوضح أن القرار مستهجن و«غير عادل لأنه حرم مدربة واعدة وذات أخلاق عالية من التتويج بعدما تمكنت بفضل عزيمتها وجهدها الشخصي من التأهل للنهائي، وهذا إنجاز كبير بالنسبة لنا ونحن جد فخورين بها». كما أفاد أنه تم عقد اجتماع استثنائي، وتقرر بالإجماع، التضامن مع المدربة الشابة، وذلك عبر «مقاطعة مباراة النهائي وعدم تعويضها بأحد من زملائها في النادي، وذلك احتراما وتعبيرا منا عن مساندتنا لها» واستطرد قائلا «وهي رسالة استهجان أيضا ضد قرار جائر، نعتبره تمييزا يشجع على الإقصاء والتهميش».
صدمة
وقالت آسية العويني المدربة ذات التسعة عشر ربيعا، والطالبة الجامعية، إن قرار منعها كان صادما بالنسبة لها، لأنها لم تتوقع أن يتم حرمانها من مباراة النهائي.
وأضافت لـ «القدس العربي»: «أحس بإحباط شديد لأنني لم أتوقع هذا القرار بعد موسم حافل، خضت خلاله عشرات المباريات في كل المدن الفرنسية التابعة لإقليم رونالب، دون أن يشتكي أحد من حجابي. إنه أمر محبط وقرار جائر ضدي وضد النادي» وأعقبت «أعتبر القرار تمييزا ضدي، لأن لا علاقة له بقوانين اللعبة، ويستهدفني فقط لأنني أرتدي الحجاب. هذا أمر يتعلق بحريتي الشخصية ولن أتنازل عنه بأي حال من الأحوال». وتساءلت المدربة الشابة، عن التناقض في قرارات السلطات الفرنسية، التي تدعم فتيات الأحياء الشعبية، وتحثهن على ممارسة الرياضة والدفاع عن حقوقهن من جهة، وفي الوقت نفسه يتم سلب هذا الحق باسم القانون.
وأوضحت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي، فقد راسلت رئيس جامعة كرة القدم من أجل التدخل لوضع حد لهذا القرار المجحف في حقها حسب تعبيرها، كما أنها تعتزم رفع دعوى قضائية في حال لم تتوصل إلى «قرار يرضي الطرفين».
وقالت حنان كريمي، الأكاديمية والناشطة الحقوقية الفرنسية، وصاحبة كتاب «النساء المحجبات والصور النمطية» لـ «القدس العربي» إن منع آسية من حضور مباراة النهائي، فيه تمييز وغير قانوني لأن هذه المادة تتحدث عن اللاعبين لا عن المدربين إضافة إلى أن هناك أيضا من اللاعبين المحترفين الذين يلبسون صلبانا أو يقومون بأداء صلوات وشعائر دينية قبل أو أثناء المباراة، ولا يتم حرمانهم من اللعب أو إقصائهم.
وأوضحت، أن هناك سياسة حكومية متعمدة هدفها «محاربة واستئصال الحجاب الإسلامي في كل الأماكن العامة» بدعوى العلمانية، وهذا أمر «مستهجن ومرفوض، لأنه خيانة لمفهوم العلمانية» التي تكفل الحريات الشخصيات للجميع من دون تمييز، حسب تعبيرها.
ونصحت الفرنسيات المسلمات المحجبات بخوض «معركة الدفاع عن حقوقهن وعدم الاستسلام للأمر الواقع وذلك في إطار القانون، لأن هناك رغبة سياسية في إقصائهن من الحياة الاجتماعية وهو ما يعتبر تمييزا في حقهن وترفضه الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان».
[email protected]
أضف تعليق