ظهرت في العالم بخاصة بعد الحرب العالمية الثانية أحلاف ومحاور متعدّدة، وجميعها كانت معلنة وتنسّق أعمالها في نشاطات مشتركة علنية وأمام وسائل الإعلام. لكن يظهر أمامنا الآن حلف أو محور من نوع جديد لا يعمل بالعلن، وإنما ينسّق أعماله من تحت الطاولة وبعيداً عن وسائل الإعلام وهو محور الإرهابيين الثلاثي والذي يتكوّن من الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني وبعض البلدان العربية مثل السعودية والأردن. هذا حلف ليس خافياً على الناس لكنه أعجز من أن يعلن عن نفسه، وهو يتستّر باستمرار تحت شعارات إنسانية تتوافق مع متطلبات ومعايير حقوق الإنسان التي أصبحت عالمية الآن. هذا محور أو ثالوث يعمل بشكل دؤوب على الرقّي بالتنسيق بين أعضائه، ويحرص على التواصل عن قرب وبلقاءات شخصية بين قياداته. وكل أطرافه تندفع نحو المزيد من العمل معاً لمواجهة العديد من القوى العالمية التي تحرص على رفاه الشعوب وحقوق الإنسان.
يتشدّق الكيان الصهيوني دائماً بعبارات ضدّ الإرهاب والإرهابيين وهو رأس الإرهاب على الأقل في المنطقة العربية الإسلامية. الاحتلال بحد ذاته إرهاب وفق القوانين الدولية التي يقول محور الإرهابيين إنه يتمسّك بها. الاحتلال مخالف لما يُسمّى بالشرعية الدولية، وهو بالتعريف استعمال للقوة للسيطرة على شعب آخر ووطنه من أجل تحقيق أهداف سياسية. وهذا تعريف لا يختلف جوهرياً عن تعريف الولايات المتحدة للإرهاب، إنما تحصره أميركا بالتنظيمات من دون أن تشمل به دولاً. الكيان الصهيوني يمنع الفلسطينيين من العودة، وهو يحتل أرضهم وبيوتهم منذ عام 1948، وهو يحتل الضفة الغربية وقطاع غزّة وجزءاً من الجولان ولبنان منذ عام 1967، ويفرض نفسه بالقوة وبدعم من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة إرهابية أيضاً لأنها تقوم عملياً بدور الأزعر البلطجي الذي يحمل أسلحته الفتّاكة على ظهره ويجوب العالم مهدّداً هذا ومرعباً ذاك، ومستعملا ً القوة ضدّ الآخرين. ولولا الإرهاب الأميركي للآخرين والتآمر ضدّهم من أجل تطويعهم لما ظهرت الكثير من نزعات الانتقام في العالم. وأميركا هي أكبر داعم للكيان الصهيوني الإرهابي، وكل من يدعم الإرهابيين إرهابي. وأميركا هي قائدة العولمة التي تعمل بجد واجتهاد على إلغاء ثقافات كثيرة من أجل سيادة الثقافة والفكر الأميركيين. إنها تعتبر نفسها قائدة للعالم الغربي الذي يعمل على بسط نظاميه السياسي والاقتصادي على العالم، وملاحقة كل من يشذّ عن الأهواء الغربية. أميركا تعتبر نفسها الأرقى والأنجح، وهي مالكة الحقيقة التي ليس بعدها حقيقة. ولهذا هي تعتبر استعمالها للقوة العسكرية وشنّ الحروب نشاطات مشروعة تهدف إلى تصحيح مسار العالم الأخلاقي والإنساني. وهذه هي قمّة العنصرية التي تنتهي دائماً إلى ممارسات إرهابية وحروب.
أما بعض حكّام العرب الذين ندعو الله أن يلحق بهم الخزي والعار فيتشدّقون بتهم الإرهاب ضدّ إيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي. هؤلاء يتهمون إيران بغزو الجوار العربي، ولا يتحّدثون عن عشرات السنوات التي جثمت فيها أميركا على صدور العرب وحرمتهم حرياتهم، ومكّنت العدو الصهيوني من رقابهم. ولا يحلو لهم إلا الاستمرار بمهاجمة حزب الله والمقاومة الفلسطينية لا لسبب إلا لأنها استطاعت أن تقف بوجه إسرائيل في حروب متتالية. هؤلاء العرب الذين يقمعون الإنسان العربي ويسلّطون عليه أجهزة المخابرات وينهبون ثرواته ويمنعونه من المشاركة الفعالة قي صناعة مستقبله، ويعملون على إذلاله وملاحقته باستمرار ويدافعون كذباً عن الديمقراطية وحقوق الإنسان أمام الإعلام. لو كان هناك عدالة ولو كان هناك قانون يطبّق بحقّهم لذهب الحكّام العرب إلى ورشات الإعدام ولأعدموا بالتقسيط، أو بالمقص بسبب اعتداءاتهم المتكرّرة على الناس فرادى ومجتمعين. وهم كالساقطات اللاتي يتحدّثن عن الشرف.
أدوار هذا الحلف الخطير المتكاملة على العالم تتلخّص بالتالي:
تملك الولايات المتحدة العصا الغليظة وهي القدرات العسكرية التي ترهب العالم بها. أميركا هي أقوى دولة في العالم عسكرياً، وهي حتى الآن الأقوى اقتصادياً. تمكّنها قدراتها الاقتصادية من شنّ الحروب، ومن فرض العقوبات على الشعوب والدول.
أما الكيان الصهيوني فيقوم بدور مصمّم المؤامرات والدسائس. من المعروف تاريخياً أن الصهاينة والماسونيين يتقنون فن المؤامرات بخاصة في ما يتعلق بإفساد الشعوب وتخريب النسيجين الأخلاقي والاجتماعي للأمم. لإسرائيل هيمنة واسعة على الحركتين، وتعمل معهما على تعهير وإسقاط شباب وشابات العالم. وهذا دور خطير يهدّد قدرة الإنسان على معالجة القضايا التي تواجهه، فيهرب إلى بوابات الشهوات والاستهتار التي تفتحها أمامه مؤسسات التخريب.
أما العرب فدورهم تمويلي مقابل المحافظة على أنظمة الحكم القبلية المتخلّفة. لقد ربط الصهاينة ورعاتهم من أهل الغرب أغلب الحكّام العرب بإرادتهم، ولا يتمكّن هؤلاء الحكّام من الزيغ عن هذه الإرادة حرصاً على كراسيهم. وبسبب النفط وما يدرّه من أموال، صار العرب جبراً وطوعاً مموّلين للإرهاب دعماً للإرهابيْن الأميركي والصهيوني. الغرب يعمل دائماً على استرجاع أموال النفط عبر بوابات التسليح، وهم يفتعلون الحروب من أجل استنزاف الخزائن العربية. يجب أن يبقى العرب مفلسين مالياً أو على حافة الإفلاس. لقد صنع الغرب حرباً بين العرب وإيران، وصنعوا حروباً في العراق وسوريا واليمن وليبيا، ولن يتوقفوا عن صناعتها. كلها حروب بأموال عربية. العرب يخسرون والصهاينة والأميركيون يربحون. وشعار العديد من حكام العرب الآن : من يتوّعد إسرائيل يتوّعدنا. ولهذا المستهدف الآن أطراف عربية وإسلامية لا تقبل بإسرائيل. والعرب هم الذين يجنّدون المرتزقة لتنظيمات إرهابية صنعها أهل الغرب والصهاينة. إنهم سماسرة التخريب على الساحة العربية، وكان الإسلام هدفهم التخريبي الأول من خلال الأعمال الوحشية التي ترتكبها مجموعات باسم الإسلام.
[email protected]
أضف تعليق