أتابع، أحيانًا، صحفًا عدّة، في نهاية الأسبوع، وأبحر كذلك بشكل شبه يوميّ في شبكة الـ"إنترنت"، وعدد من مواقع التّواصل الاجتماعيّ كـ"فيسبوك" وغيره، لأتصفّح بعض المواقع، وأواكب العصر والتّغييرات السّريعة والتّطوّرات المُريعة، هنا حينًا وهناك أحيانًا.
تختلط عليّ الأمور، فأشعر وكأنّي قد قرأت خبرًا أو مادّة معيّنة بهذه الصّحيفة أو تلك، كنت قد صادفتها لدى إبحاري في أحد المواقع أو قرأتها في صحيفة أخرى - المادّة ذاتها – "بعينها وسنّها، وشحمها ولحمها"، من دون إضافة حرف واحد أو نقصان حرف آخر منها!
وأجد أنّ عددًا من الصّحف، ومواقع الـ"إنترنِت" ينشر عبر صفحاته عدّة مواد منقولة - بالأصح منسوخة - بشكل حرفيّ وغبيّ أعمى، حيث تحوي المادة المنشورة غالبًا أخطاءً فتّاكة شائعة، منتشرة في عدد من مواقع الـ"إنترنت" المختلفة، وبعض صحفنا..
كما باتت "الإبداعات" الأدبيّة والأقوال المبتكرة الهادفة والمنشورة الّتي "تزيّن" حوائط الـ"فيسبوك"، والصّور المرفقة والتّصاميم المُدمَجة، مسروقةً، منسوخةً ومُلصقةً بكلّ سفاهةٍ وتفاهةٍ ووقاحة.
والأنكى والأردأ من ذلك أن ينسب شخص، هذه الإبداعات والكتابات والأمور والتّصاميم المنقولة والمنسوخة بالحرف الواحد ليدوّنها باسمه، ويفخر بها واضعًا "بصمته" عليها، وكأنّها من بنات أفكاره أو من أحدث وأهمّ إصداراته وإبداعاته!
وكم هو سهل التّمييز بين المواد المنسوخة والمسروقة والمنشورة إن كانت من إبداع محرّرها وكاتبها ومصمّمها فعلًا أو من "إبداع" عمليّة النّسخ والتّلصيق!
كَيْلا يفهمني أيّ منكم بشكل خاطئ؛ فلا مانع لديّ البتّة من نسخ ونقل موادّ عديدة من مواقع مختلفة أو من مكان ما إلى آخر، أو حتّى استعارة فكرة أو مقولة عبر مواقع التّواصل؛ إلّا أنّ المصداقيّة والنّزاهة، أيّها الأعزّة، تحتّم على ناسخ المواد ومُلصِقها أو سارق المواد وناشرها، الإشارة إلى المصدر الأساس، وألّا ينسب تلك المواد لنفسه، أليس كذلك؟!
عمليّة النّسخ السّهلة لا تجيز امتلاكك لتلك المادّة أو الفكرة أو الجملة، لتتوّجها بتوقيعك. ففي يومنا هذا، كلّ طالب في الصّف الأوّل الابتدائيّ، يمكنه أن يكون أبرع بكثير وأنجع، من معلّم أو محرّر أو مُبدعٍ لدى استخدامه محرّك البحث "چوچل"، هذا القادر على كلّ شيء، أو التّنقّل بين مواقع التّواصل لاختلاس جملةً من هنا أو مقولة من هناك؛ مستخدمًا حقّ "الڤيتو" بالنّسخ والتّلصيق!
آمل ألّا يختلط الحابل بالنّابل لدى القرّاء والمتصفّحين والمُبحرين؛ وليأخذ كلّ صاحب حقٍّ حقّه. على النّاسخين والمُلصقين، من كتّاب متطفّلين، ومبدعين "خلّاقين"، وفلاسفة مُنظّرين، التّفرّد بمواضيعهم وتحليلاتهم الخاصّة و"النيّرة"، لإبراز التّنوّع والاختلاف بين الغثّ والسّمين والهشّ والقويّ والجيّد والرّديء.. كَيْلا تتأذّى عيوننا وقلوبنا وعقولنا، كلّما رأينا وقرأنا وحلّلنا موادّ وأفكار وإبداعات لنسخة واحدة تحمل جميعها نفس الشّكل والمضمون بتوقيع مختلف، من جرّاء انتشار عمليّات النّسخ والتّلصيق..
وبالعربي المْشَبْرح "بكفّي تَبزيق وتَلزيق"!!
[email protected]
أضف تعليق