جاء الإسلام فحرّم وأد البنات، الّذي درج في الجاهليّة، تحريمًا جارفًا، ونادى باحترام المرأة: الابنة، الأخت، الزّوجة والأم، واعتبرها عماد المجتمع وأساسه. وأوصتنا الشّرائع السّماويّة والإنسانيّة، والأخلاق الاجتماعيّة ألّا نقتل..!
مَن يقتل اِمرأة يقتل مجتمعًا بأسره! إنّ تعمُّدَ قتلِ النّساء والفتيات، لروادع ذكوريّة بدائيّة تافهة سخيفة وجَهولة، يضعنا في سُفالة المجتمعات ويُظهر سَفالتنا الأخلاقيّة والإنسانيّة.
مَن يقتل باسم الدّين لا دين له، ومَن يقتل باسم الشّرف عديم الشّرف هو..! عار على مجتمع يطالب بتحقيق المساواة في هذه البلاد، ألّا يساوي بين الرّجل والمرأة ولا يُحسن التّعامل معها؛ عَيب على مجتمع وُلد من رحم امرأة ألّا يرحمها؛ رذيلة هي سيطرة الأفكار الذّكوريّة "المخصيّة" والعقليّة الرّجعيّة المقيّدة بأصفاد صَدِئة.
طالما بقينا مجتمعًا ذكوريّـًا بدائيّـًا مُتحجّرًا، نهمّش ونكبت ونسيطر ونعنّف، ونقتل لأتفه الأسباب، بحجج واهية كشرف العائلة، وما شابه، لتغطية شوائبنا وعوراتنا، من دون رادعٍ أو وازعٍ.. سيستمرّ، للأسف، مسلسل قتل المرأة بحُجج هشّة بلا هوادة، من دون أن توهن يد القاتل!
تزداد، مؤخّرًا، وتيرة تعنيف وقتل النّساء، وسط وجوم مجتمع ذكوريّ مخصيّ، لا يأبه لتعرّض النّساء إلى التّهديد والاعتداء والتّعنيف والقتل. حيث قُتلت، خلال الأسبوع الأخير فقط، ثلاث نساء (عربيّتان ويهوديّة).
وبحسب إحصائيّات عام 2016 المنصرم، لوحظ ارتفاع مُقلق بعدد جرائم العنف والقتل في المجتمع العربيّ في البلاد، وقد اعتبره البعض أنّه الأكثر دمويّة منذ عشرين عامًا، حيث اقترفت جرائم قتل بشعة، طالت الصّغار والكبار من النّساء والرّجال.
وبخلاف المجتمع اليهوديّ، أشارت الإحصائيّات إلى ارتفاع حادّ بنسبة الجريمة في المجتمع العربيّ، رُغم كلّ النّداءات والتّوجّهات والاستنكارات والاحتجاجات والمظاهرات الّتي طالبت الشّرطة والجهات المسؤولة القيام بواجبها وعدم التّقاعس في محاربة العنف والجريمة وإعادة الأمن والأمان.
إلّا إنّ العنف المستشري في شارعنا العربيّ وفوضى السّلاح والقتل لا يحرّك ساكنًا لدى المؤسّسات الإسرائيليّة، ولا يقضّ مضاجعها، طالما أنّ المجرمَ عربيّ والضّحيّة عربيّة، أيضًا.
إنّ مجتمعنا يتحمّل مسؤوليّة استمرار مسلسل تعنيف وقتل النّساء، طالما يستمرّ بصمته. لا يمكننا الاستمرار في الصّمت بعد، إزاء تفاقم جرائم القتل هذه.
لتكن تربيتنا وثقافتنا قائمة على احترام رغبات الأم والزّوجة والأخت والابنة، والعمل على نشر تلك الثّقافة. علينا أن نسعى، دائمًا وأبدًا، لتنشئة أجيال تحترم المرأة، تقدّرها، بل تقدّس رسالتها وتتفهّم رغباتها، لا تفرض عليها آراءَها وأفكارها. ليكن هدفنا تحقيق الدّعم الفعليّ وتقدير المرأة ومؤازرتها، وترجمته على أرض الواقع، يوميًّا، بعيدًا عن التّحقير والإهانة والاعتداء والتّرهيب والقتل.
لنحوّل تفكير مجتمعنا العربيّ الذّكوريّ إلى تفكير رجوليّ.. فالشّخص الّذي لا يغار على أهله، ذكر هو وليس رجلًا؛ الشّخص الّذي يكذب ويظلم ويستغلّ ويسيطر ويستعبد ويعنّف ويقتل، ذكر هو وليس رجلًا؛ الشّخص الّذي لا يحترم المرأة ولا يقدّر الأم والأخت والابنة، ذكر هو وليس رجلاً.
الرّجل الحقيقيّ هو رجل الموقف والكلمة والأخلاق والقيم والمبادئ والصّدق والكرامة والحبّ والاحترام والإيمان والإنسانيّة والصّبر والرّأفة والإحسان والتّعقّل والحقّ.. فأينكَ أيّها الرّجل من هذه الرّجولة؟!
وتذكّر أيّها الرّجل أنّك من رَحم اِمرأة وُلدت وإلى "رحم" الأرض ستعود... فكُن مع المرأة ولأجلها رجلًا!
[email protected]
أضف تعليق