رغم الانتقادات الكثيرة التي طالت برنامج المسابقات" أراب أيدول" والتي تتكرر في كل موسم حتى وصلنا لموسمه الرابع، ومع تتويج الفلسطيني " يعقوب شاهين" باللقب الذي تنافس عليه مع مواطنه وشاب يمني ثالث، إلا أنني شعرت بالسعادة لأن البرنامج قد حمل شعار" أراب أيدول يجمعنا".
هذه حياة الشعوب العربية التي باتت لا تجتمع إلا على أخبار الموت والدمار والخراب، والتي أثقلتها الأوضاع الاقتصادية واللهاث خلف لقمة العيش، أصبحت تجتمع في أمسية من كل أسبوع لتتابع حلقات البرنامج، ربما تذكرت مثلاً طالما رددته جدتي رحمها الله حين كانت تقول" القرعة تتباهى بشعر أختها" وكنت أسمع تعليقات الجنس اللطيف في الطرقات والمحال التجارية وأمام " البسطات" وأكشاك بيع المصنوعات الصينية الرخيصة، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، سمعت الكثير ولا زلت، فهذه قصت شعرها مثل نانسي عجرم في الحلقة قبل الأخيرة، رغم أن المقلدة فقيرة معدمة ولكنها شعرت بسعادة ربما دامت لحظات وهي تتخيل نفسها مثل نانسي بجمالها وشهرتها وثرائها، وثانية اشترت حافظة مقلدة تشبه حافظة الفنانة "أحلام" وثالثة استمتعت بالحلقة في وجود زوجها بعد عودته باكرا خصيصا ليتابعها وهو يعمل سائق تاكسي ولم يعتد العودة إلى البيت قبل منتصف الليل.
تذكرت لمة شهر رمضان رغم أن لا وجه للشبه والمقارنة، ولكن القناة التي تذيع البرنامج ترفع نفس الشعار في شهر رمضان وهو أن "رمضان يجمعنا"، وقد استطاع البرنامج أن يجمع، جمع أهل غزة والضفة رغم الانقسام الذي زاد على عقد من الزمن، وجمع فلسطينيي الشتات، وجمع فلسطينيي 48، وجمع الشعوب المحبة لفلسطين وقضيتها وشعبها أمام برنامج واحد وتوحدت الأصوات لتهتف لفلسطين.
رغم كل ما يحسب للبرنامج إلا أن علينا أن نتذكر ونحن نسمع الانتقادات أن فلسطين متفوقة ومتميزة في كل المجالات، وأن فلسطين تحصد الجوائز وتنال المراتب الأولى على صعيد كتابها وأدبائها ومعلماتها ولم تنفرد في الغناء كما ينتقد كثيرون، وبأن الوقت ليس مناسبا للغناء، فعلينا أن نتذكر أننا احتفينا وفرحنا وهللنا العام الماضي للمعلمة "حنان الحروب" والتي توجت كأفضل معلمة في العالم، والآن جاء الدور هذا العام لنحتفي بيعقوب شاهين، وقبله حصدت فلسطين الجوائز والتكريمات الأدبية والثقافية والتي يطول تفصيلها، ولا يمكن انكارها ولا يمكن أن نبخس أصحابها حقها.
يؤخذ علينا أننا هللنا أكثر وفرحنا بصورة أوسع لـ "يعقوب شاهين"، وأدباؤنا وكتابنا ونابغينا بحاجة لكي نكرمهم في كل إنجاز مهما كان صغيرا، فإهمالنا لإنجازاتهم يجعلهم قصيري اليد بالنسبة للتبرع بجزء من جوائزهم لشعبهم، أو حتى التفكير بإهداء تكريمهم لهذا الشعب، فكما أن لكل مقال مقام، فعلينا أن نكون كشعب واع ومثقف على درجة من النباهة بحيث لا تسجل علينا هذه المواقف، ولكي لا يخرج من يقول ان الفلسطينيين قد نسوا القدس والقضية وتفرغوا للغناء وبرامج الهواة، لأن فلسطين تصر على أن تكون حاضرة في كل محفل ويجب أن نظهرها كذلك مهما استطعنا لذلك سبيلاً.
أعجبني يعقوب شاهين بأنه لن يهجر مدينته "بيت لحم" ولن تأخذه الشهرة من وطنه، وله في ذلك مواقف سابقة مثل تبرعه بجائزة مالية سابقة حصل عليها في فلسطين لرعاية الأيتام، ونتمنى عليه أن يبقى على خط سيره بإحياء الحفلات للمسنين والأيتام مجانا، لكي يبقى "الأسمراني" الذي صوت له شعبه، وادخر التلاميذ الصغار من مصروفهم القليل ليزيدوا من عدد الأصوات المرشحة له.
تجربة "أراب أيدول" وكوجهة نظر أخيرة ممكن أن تكون أكثر نجاحا لو تم حجب جنسية المشاركين وعدم إظهارها إلا بعد إعلان النتائج، لكي لا تلعب الحمية القومية لعبتها، ولا تتناحر الشعوب من خلال التراشق الإعلامي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تذكي نار الفتنة بين العرب، ففوز فنان من فلسطين لا يعني أن المشاركين الآخرين ليسوا في مستواه الفني، خاصة أن نسبة التصويت من الجمهور ومن خلال الرسائل النصية تلعب لعبتها في النتائج، فلو تم تطبيق هذا المقترح فلن يُقْدمَ متحمسٌ يمني على تحطيم جهاز تلفازه بسبب عدم فوز مواطنه صاحب الصوت العذب عمار محمد.
الايام
[email protected]
أضف تعليق