بعد 74 يومًا في السجن العسكري، سيتبين اليوم فيما إذا كان الجيش الإسرائيلي سيمدد فترة اعتقال تمار زئيفي وتمار ألون، اللواتي يرفضن الخدمة في الجيش لأسباب ضميرية. وفي هذه المرة ستنضم اليهن الرافضة عتاليا بن آبا.
من المهم التأكيد هنا إن الشابات الثلاث لم يكن من بين من صبوا مواد التنظيف أو ممن رشقوا الحجارة على الشرطة اثناء إخلاء مستوطنة عمونة. الأمر ببساطة أن لثلاثتهن يوجد ضمير وتبًا لهذا الضمير ماذا يمكن أن يسبب لحاملته. فتيات بعمر الورود يفضلن السجن حتى لا يكن جزءاً من الاحتلال الذي ينغص حياة الفلسطينيين. والثمن الذي يدفعنه هو حرمانهن من الحرية.
حاولت الوقوف على كنه ما يُعرف بالضمير، هذا المخلوق الرائع الذي يتم قمعه في اماكن كثيرة ولكنه في كل مرة يطل بقوة وتألق أكبر. وحسب الويكابيديا «الضمير هو عنصر من عناصر النفس الإنسانية، وهو الذي يقوم بتوجيه الانسان في مجال الاخلاق». وعلى الرغم من هذا التعريف البديع، فلم يسبق لي أن التقيت مع ضمير قائم بذاته يتمختر في الشوارع. في المقابل فأنا لست على بينة من هو العضو الذي يجلس فيه الضمير في الجسم: الرأس، القلب أو طرف الاصبع. ورغم ذلك في كل يوم يقوم فيه الضمير، من حيث السلوك أو اتخاذ موقف، يتملكني الشعور بالفخر على ضوء الشعور بأنني جزء من الجنس البشري. وأنسى بسرعة بنيامين نتنياهو وبشار الأسد ودونالد ترامب.
لكن لا يجب علينا أن نخطىء. فلكل شخص ضميره الخاص به. وبناء عليه اخلاقه الخاصة به. وها هو ضمير عضوة الكنيست تسيبي ليفني يدفعها إلى معارضة قانون التسوية (سرقة الاراضي الفلسطينية). وفي الحقيقة، لقد خشيت على سلامتها. لكنني بسرعة عادت الي الطمأنينة، عندما رأيت أن كل شيء على ما يرام لدى لفني، حيث تبين أنها تعارض القانون لأنه «اذا تم التصميم على ابقاء كل كرفان استيطاني فقد تخس كل شيء. إن قانون التسوية يتسبب بضرر أكبر من ضرر «نحطم الصمت» و«بتسيلم» وأي منظمة اخرى. وسن هذا القانون سيجر جنود الجيش الاسرائيلي إلى محكمة لاهاي».
يجب الاعتراف أن أخلاق تسيبي ليفني لا تمت للأخلاق بصلة. واذا ما التقت بالأخلاق الحقيقية فانها قد تشير اليها كخائنة. إن أخلاق عضوة الكنيست تسيبي ليفني مستعبدة لأطماع الحصول على العقارات، أي السيطرة على أكبر قدر ممكن من اراضي العرب. واذا كان قانون التسوية سيسمح بالاستيلاء على أقصى حد من الاراضي فهذا جيد.
واذا كان قانون التسوية لن يحرج اسرائيل في المجتمع الدولي فهذا جيد ايضا. واذا لم يجرّ هذا القانون جنود الجيش الاسرائيلي إلى محكمة لاهاي، فهذا جيد جدا.
إن اخلاق عضوة الكنيست ليفني لا تمت للأخلاق بصلة. فهي مثل أخلاق الأم التي تقول لابنها: «لا تضرب الاولاد أكثر من اللازم كي لا تؤلمك يدك»
ها هي الرافضة الضميرية تمار ألون، التي أعتبرها مثل ابنتي، تقول بوضوح: «أنا لست مستعدة لقبول الادعاء أن قمع شعب آخر وحرمان الانسان من حقوقه الاساسية، والعنصرية والكراهية هي أمور حيوية لوجود دولة اسرائيل». وهي لن تقوم بالخدمة في جيش الاحتلال ليس بسبب ما ستقوله أمم العالم، وليس بسبب الخشية من محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، بل ستفعل ذلك لأن الاحتلال غير أخلاقي.
وبدل أن يتم احتضانها واحترام اقوالها التي تعبر عن الاخلاق، يتم بزجها في السجن لأيام طويلة، حيث يمكن هناك اصلاح ضميرها.
في هذه الاثناء قام 245 طالبا في الثانوية من أبناء جيلها في مدرسة تل ابيب بالتوقيع على عريضة تضامن معها.
ليس سهلًا على الوالدين أن تدفع ابنتهما ثمنا باهظا بسبب التمسك بالضمير. ولكن من خلال مواقف الشابات فإنهن يرسمن مسارا واحدا للشعبين المتعطشين للتعايش بسلام واستقرار. وقد كتب الشاعر العراقي مظفر النواب: "فما احلاك اضفت على السكة فانوسا. اعرف انك تبكي وحدك".
إن بناتكم نجمات تضيء ليلنا الطويل.
(نشر في هآرتس ايضًأ)
[email protected]
أضف تعليق