لا، هذا ليس شعارًا استهلاكياً. إنه فعل قوي منذ آلاف السنين لشعب هذه الأرض على مختلف توجهاته وتياراته الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية. فنحن شعب واحد لكن مركب من تعددية جميلة ومثرية.
كيف يمكن أن توحدنا الأرض في ظل الظروف الراهنة؟ المسألة في غاية البساطة. تواجهنا حكومة عدائية، لا تعرف معنى التعامل مع مواطني دولتها. وهي بالتالي تقوم بسلسلة من الأعمال العدائية ضد شرائح واسعة من المجتمع. فليس بعيدًا عنّا زمنيًا التحريض القذر الذي اطلقه نتنياهو وعدد من وزرائه ضد المواطنين العرب اثناء اشتعال الحرائق في الكرمل وزمارين والقدس. وما هي النتيجة؟ لم تُقدّم لائحة اتهام واحدة ضد أي مواطن عربي. ففي دولة سليمة يقدم مسؤول سياسي عن قطاع الدفاع المدني استقالته. لكن في دولة القرود يُثبت هذا المسؤول قفاه، وغيره أيضًا على كرسي الحكم ليزيد من قمعه وملاحقته للمواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.
ومن الحرائق إلى هدم البيوت في قلنسوة بالأمس، فإنّ حكومة نتنياهو ماضية في ملاحقة المواطنين العرب وتلقينهم درسا(وفق رؤيته السياسية) في واجب رضوخهم للحاكم وعدم رفع رؤوسهم للمطالبة بأكثر من فُتات الخبز.
وقبل اسابيع هدمت نفس اليد الآثمة منزلاً في حرفيش. ولم تعتبر الحكومة بمعايير خدمة شرائح واسعة من ابناء الطائفة العربية المعروفية – الدرزية في جيشها. وحرفيش تعرضت في الماضي لمصادرة أكثر من 15 ألف دونما من أراضيها، وما تبقى لها لا يتعدى ثلاثة آلاف دونم من أراض زراعية ومسطحات بناء. وأزمة الأراضي خانقة في القرى العربية والدرزية على حد سواء. وهناك آلاف من المنازل المبنية بدون تراخيص في هذه القرى مجتمعة. فعدد السكان يزداد سنويا بعشرات آلآلآف، وهناك حاجة ضرورية لبناء المزيد من الوحدات السكنية.
والأراضي المخصصة للبناء غير متوفرة، والحكومة تتباطئ وتتكاسل وتتلكأ عن قصد في عدم المصادقة على توسيع المسطحات. وبالتالي الشباب يريدون الاستمرار في الحياة وجزء منها بناء المسكن. والمسكن حق انساني شرّعته الشرائع السماوية والطبيعية والقانونية.
وبما أنّ الحديث عن الأرض، فإنّ هذه الحكومة لا يهمها لا الدروز ولا العرب. لا يعنيها سواء خدم بعضهم في جيشها أم لم يخدم... كل ما تريده هو "أرض أكثر ، عرب أقل". وهذا يعني العمل على مضايقة العرب وتنغيص حياتهم بذريعة البناء غير المرخص، وهي تتحمل مسؤولية عدم الترخيص. إنّ زج المواطنين العرب كافة في هذا الشأن، لتعميق الهوة في العلاقة معهم، ولزيادة الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، وايصال المجتمع العربي بعد أقل من خمس سنوات إلى مستوى الفقر الجارف.
من هنا، ولأن الأرض هي المركب الأهم في عملية البقاء والوجود والاستمرارية فعلى المجتمع العربي والدرزي معا، وفقط معا الاتحاد في هذه القضية. الأرض تجمعنا جميعا وتوحد صفوفنا. وصراعنا معا ضد سياسات متشابهة، لا تفرق بين عربي ودرزي. وأهلنا الدروز المعروفيين بدأوا يشعرون بثقل المسؤولية على عاتقهم، وهم بأمس الحاجة إلى صفوف تقف معهم. وكذلك المجتمع العربي الفلسطيني بأمس الحاجة إلى إعادة ابنائه الدروز إلى صفوفه.
لهذا، على القيادات السياسية والاجتماعية والروحية ألا تقف على الحياد في هذه الجزئية. عليها العمل من اليوم على التنسيق والتعاون لتعزيز النضال من اجل حقوق متساوية مع المجتمع الاسرائيلي الذي لا يعاني من أزمة مشابهة.
حق المواطن في الحصول على مسكن يعيش فيه مع عائلته ويبني هذه العائلة ويعمل على تقويتها لتكون مركبا نافعا في المجتمع. لسنا نطالب بمنة او شفقة، فنحن اصحاب حق، ونتمسك به ولا نقبل التنازل عنه بالمرة.
جدير بنا جميعا أن نتحد ونتعاون لما فيه خير ومصلحة ابناء شعبنا في ظل هذه الهجمة الشرسة والمسعورة لرئيس الحكومة المأزوم ووزير داخليته الذي يندف من أنفه كره للعرب ومن وسائل إعلام اسرائيلية مجندة لخدمة اجندات عنصرية وتحريضية.
[email protected]
أضف تعليق